لافروف بحث في عمّان ضم «البادية السورية» إلى «هدنة الجنوب»

زيارة الوزير الروسي إلى الأردن تناولت توحيد المعارضة قبل اجتماع آستانة

وزير الخارجية الأردني ونظيره الروسي في عمان أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأردني ونظيره الروسي في عمان أمس (رويترز)
TT

لافروف بحث في عمّان ضم «البادية السورية» إلى «هدنة الجنوب»

وزير الخارجية الأردني ونظيره الروسي في عمان أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأردني ونظيره الروسي في عمان أمس (رويترز)

أكدت عمّان وموسكو، أمس، أنهما تتعاونان مع واشنطن للوصول إلى إقامة منطقة خفض التصعيد جنوب شرقي سوريا بعد «نجاح» اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنجز قبل نحو شهرين بفضل التعاون الثلاثي.
من جهتها، أكدت مصادر مطلعة في العاصمة الأردنية، أن مباحثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع المسؤولين الأردنيين في عمان، أمس، تركزت على توحيد صفوف المعارضة السورية تمهيدا لاجتماع آستانة المزمع عقده الأسبوع المقبل، إضافة إلى توسيع مناطق خفض التصعيد في المناطق الجنوبية الشرقية بعد أن نجحت اتفاقية خفض التصعيد في الجنوب الغربي لسوريا التي ضمت 3 محافظات هي درعا والقنيطرة والسويداء.
وتعقد اجتماعات روسية - أميركية - أردنية قريبا في عمان لمناقشة التفاصيل اللوجيستية للمناطق الجنوبية الشرقية كي يتم الإعلان عنها مناطق خفض تصعيد، فور الانتهاء من الترتيبات، وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين الأردنيين أكدوا للوزير لافروف، أن الأردن يدعم المسار السياسي لحل الأزمة السورية ووقف سفك الدماء وضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والميليشيات من سوريا، إضافة إلى إبعاد الميليشيات الطائفية والمذهبية عن حدوده بعمق يتراوح بين 40 و60 كيلومترا.
واستقبل مخيم الركبان خلال اليومين الماضيين نحو 5 آلاف لاجئ من مخيم الحدلات بعد التوصل لتوافقات بين جهات دولية بهدف حماية هؤلاء اللاجئين مع اقتراب الجيش السوري وميليشياته الحليفة من حدود المخيم، وتلبية لطلب بعض فصائل البادية شرطا لتسليم مواقعها في البادية السورية، امتثالا لطلب غرفة الدعم «الموك»، وتقول المصادر إن أغلب اللاجئين في المخيم هم أسر المقاتلين في هذه الفصائل.
وأجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأردني أيمن الصفدي أمس مباحثات تناولت الأزمة السورية، والعلاقات الثنائية، والقضية الفلسطينية والجهود لإحياء عملية السلام، ومكافحة الإرهاب.
وأكد الوزيران لافروف والصفدي على الحل السياسي في سوريا، وسريان وقف إطلاق النار بجميع أراضيها، والدفع بكل الجهود لحل الأزمة السورية. وشددا على أن المباحثات الروسية - الأردنية انطلقت من صلابة العلاقات بين البلدين، التي تعمقت بالاتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وقال الوزير الروسي إن بلاده تقدر عاليا مشاركة الأردن في عملية آستانة، وتقدر عاليا دور «الأصدقاء الأردنيين الذين يوجهون ممثلهم من عمان إلى اللقاء المقبل في آستانة الأسبوع المقبل».
وتطرق لافروف للوجود الأميركي في المؤتمر الصحافي، بقوله: «يوجد ضيوف غير مدعوين يعملون في سوريا، لكن الوجود العسكري الأميركي مخالف للقانون الدولي، إلا أنه في الوقت ذاته أمر واقع، ومن الممكن الاستفادة من وجوده من أجل مكافحة الإرهاب».
وأضاف: «الموقف واضح؛ كلّ الذين يوجدون على الأراضي والأجواء السورية من دون موافقة السلطات، يخرقون القانون الدولي»، مشيرا إلى أن «روسيا، إيران، و(حزب الله) يوجدون بموافقة وطلب من السلطات السورية».
وتحدث لافروف عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان نتيجة التعاون الأردني - الروسي - الأميركي، وأنه الأنجح بين جميع اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، مؤكدا أن الأردن شريك في عملية وقف إطلاق النار في سوريا.
وشكر لافروف السلطات الأردنية على العناية الخاصة التي توليها للحجاج الروس للأراضي المقدسة، قائلا إنه تم منح روسيا قطعة أرض لإنشاء بيت للزوار للإقامة فيه عند زيارة الأراضي المقدسة.
من جهته، قال وزير الخارجية الأردني إن بلاده تجدد مطلبها بخروج كل القوات الأجنبية من سوريا، وإنها حريصة على وحدة الأراضي السورية وسريان وقف إطلاق النار في مختلف مناطقها.
وقال الوزير الصفدي إن الأردن يريد وقفا شاملا لإطلاق النار على جميع الأراضي السورية، والتقدم بحلّ سياسي سلمي يقبله الشعب السوري. وجدد الصفدي تأكيده على أن «المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي أن تكون حدودنا آمنة»، ورفض أي وجود لعناصر «داعش» أو «جبهة النصرة» أو أي ميليشيات طائفية على الحدود.
وقال إن الأردن يريد «سوريا آمنة مستقرة ومستقلة تملك قرار نفسها، لذلك فإن الأردن يدعم كل جهد لوقف إطلاق النار، وضمان حق الشعب السوري ببيئة آمنة». وحذر الصفدي من الجمود السياسي في القضية الفلسطينية الذي يهدد المنطقة كلها، مشيرا إلى أن «المنطقة ستبقى رهينة للتوتر، وإذا أردنا محاربة الإرهاب، فيجب حل كل مشكلات المنطقة».
وأكد الصفدي أنه تحدث مع نظيره الروسي حول كثير من القضايا؛ أهمها القضية الفلسطينية، والجهود لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي للتقدم نحو حل سلمي. وشدد على ضرورة وقف إسرائيل الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، ووقف الإجراءات التي تهدد الوضع التاريخي للمقدسات في فلسطين. واستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس الاثنين، وزير الخارجية الروسي في اجتماع تم خلاله استعراض العلاقات الاستراتيجية الأردنية - الروسية، والتطورات الإقليمية الراهنة، حسب بيان للديوان الملكي الأردني. وحسب البيان، جرى خلال اللقاء الذي عقد في قصر الحسينية بعمان، التأكيد على أهمية النهوض بمستويات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، خصوصا السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وأضاف البيان أن اللقاء ركز على الأوضاع في سوريا، حيث تم التأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، كما تناول الجهود المستهدفة تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الأردن، قبيل انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وانعقاد الجولة السادسة من «محادثات آستانة» حول الأزمة السورية، منتصف الشهر الحالي، والرامية إلى وقف الاقتتال في سوريا، وإيجاد بيئة مناسبة للتوصل إلى حل سياسي، عبر «مسار جنيف».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.