على الرغم من بيانات الرفض التي أصدرتها أغلب الكتل السياسية العربية في بغداد، بشأن موضوع استفتاء إقليم كردستان، المقرر في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، فإن اتخاذ إجراءات «واقعية» لمنعه لم تُتخذ من أي جهة، سواء رئاسة الوزراء في بغداد أو أي سلطة حكومية أخرى.
وفي وقت تبدي فيه وسائل الإعلام المحلية اهتماماً باستفتاء الإقليم، خصوصاً مع انطلاق حملة الترويج له في كردستان، وصدور النماذج الورقية المتعلقة بمسألة التصويت، تلتزم أغلب الجهات السياسية العربية في بغداد الصمت حيال الموضوع.
وتستغرب النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف ما تصفه بـ«الصمت المطبق الذي تمارسه السلطات الثلاث (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان) وكأن الإقليم في دولة أخرى، وليس جزءًا من العراق»، وتعتقد أن بغداد «لا تمتلك رؤية لمواجهة الاستفتاء، خصوصاً مع امتداده إلى مناطق تقع خارج حدود الإقليم قبل 2003».
وتقول نصيف لـ«الشرق الأوسط»: «يفترض أن يصدر موقف قوي من الرئاسات الثلاث، لوجود مخالفات قانونية في هذا الاستفتاء، وكان يجدر بالحكومة أن تقوم بالطعن في شرعيته أمام المحكمة الاتحادية، لتثبت على الأقل أمام المجتمع الدولي والمحلي أنها رافضة للموضوع، كذلك يجب أن يكون للسلطة التشريعية جلسة استثنائية ليكون لها موقف واضح وصريح من الاستفتاء»، وشددت على «ضرورة دعم قوى داخل الإقليم رافضة للاستفتاء، مثل حركة التغيير».
وفي شأن الأسباب التي تقف وراء صمت القوى العربية حيال الموضوع، رغم الأيام المعدودة التي تفصل الإقليم الكردي عن التصويت التاريخي، تعتقد نصيف أن أسباباً كثيرة تقف في خلفية الموضوع، منها أن «قوى سياسية تنظر لمسعود بارزاني (رئيس إقليم كردستان) كحليف محتمل في الانتخابات المقبلة، وتعتبره حتى الآن بيضة القبان في معادلة السلطة في بغداد، ولذلك تتجنب إثارته أو انتقاده علناً». كذلك ترى أن صمت بعض الأطرف ناجم عن «التعويل على الموقف الإقليمي في إفشال الاستفتاء، فيما هناك آخرون يرون أنه مجرد ورقة كردية للاستهلاك المحلي، تستخدمها أربيل للضغط والحصول على مكاسب سياسية واقتصادية من بغداد».
وترى نصيف أن «المتضرر الأول من استفتاء الإقليم هم العرب السنة، لكن زعاماتهم السياسية غير قادرة على الكلام لأن معظمها يتخذ من أربيل سكناً له».
وتلفت نصيف إلى أن زملاء لها في مجلس النواب والتحالف الوطني «يستغربون» الصمت حيال قضية تتعلق بمصير العراق، واعتبرت أن استفتاء الإقليم الذي قد يؤدي إلى الانفصال يمثّل «وصمة في تاريخ الجماعة السياسية الحالية التي تحكم العراق»، لكنها توقعت صدور موقف «أكثر قوة» من قبل «التحالف الوطني» في الأيام المقبلة.
بدوره، اعترف النائب عن ائتلاف «دولة القانون»، جاسم محمد جعفر، بـ«صمت بغداد، وضعف موقفها من مسألة الاستفتاء الكردي»، لكنه أشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن موضوع الاستفتاء «موضوع على أجندة مجلس النواب في جلساته المقبلة، سنصوت على عدم شرعيته، لكنني لا أعرف حجم تأثير ذلك، وما النتائج التي تترتب عليه».
وبشأن موقف رفيقه في حزب «الدعوة»، رئيس الوزراء حيدر العبادي، من مسألة الاستفتاء، قال جعفر: «ليس لديّ معلومة بشأن موقف الحكومة».
ويرى أنه، رغم إعلان رئيس الوزراء العبادي رفضه لموضوع الاستفتاء أكثر من مرة، فإنه «يتجنب هذه الأيام اتخاذ موقف حاد، لأن أولوية الحكومة الحرب ضد (داعش)، وهو لا يرغب بالدخول في سجال أو نزاع مع الكرد في هذه المرحلة».
واستبعد جعفر اتخاذ حكومة بغداد في هذه المرحلة «إجراءات عقابية» ضد الإقليم، مثل عرقلة الحركة التجارية بين بغداد وكردستان، أو التلويح باستخدام القوة، وقال: «أكد العبادي أكثر من مرة على عدم شرعية الاستفتاء، والنتائج المترتبة عليه، لكن لا علم لي بشأن خطوات أو إجراءات اقتصادية قد يلجأ إليها لمعاقبة الكرد، في حال قاموا بالاستفتاء»، وتابع أن «الحكومة جادة في إعادة السيطرة على نفط كركوك، عبر شركة «سومو» النفطية، وعودة آبار النفط إلى ما كانت عليه قبل 2014، من حيث سيطرة الحكومة المركزية على عوائدها».
ورأى جعفر أن بغداد ليست مستسلمة تماماً للتصرفات الكردية، لكن الأكراد «عرفوا كيف يمسكون بغداد من اليد التي تؤلمها، لذلك جاء توقيت الاستفتاء مقصوداً ومتزامناً مع انشغال البلاد بالحرب ضد (داعش)؛ هم يفضلون بقاء (داعش) حتى يتمكنوا من فرض سياسة الأمر الواقع على بغداد، لأنهم يعرفون أن مرحلة ما بعد (داعش)، سيعاد فيها ترتيب كثير من الأوراق، وسيضعف موقفهم».
بغداد «صامتة» غداة انطلاق حملات الترويج لاستفتاء كردستان
اتهامات للحكومة بأنها «لا تمتلك رؤية واضحة» لمواجهة تداعيات انفصال الإقليم
بغداد «صامتة» غداة انطلاق حملات الترويج لاستفتاء كردستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة