النظام يفرج عن 79 معتقلاً ضمن «صفقة الطيار»

فصيلا «أسود الشرقية» و«أحمد العبدو» يؤيدان تشكيل «جيش وطني»

TT

النظام يفرج عن 79 معتقلاً ضمن «صفقة الطيار»

استقبل الأهالي في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق عددا من أبنائهم الخارجين من معتقلات النظام السوري، بعد إتمام صفقة تبادل أسرى بين «جيش الشهيد أحمد العبدو» و«جيش أسود الشرقية» المعارضين في القلمون من جانب، وقوات النظام من جانب ثان.
وكانت دمشق أعلنت في بيان رسمي إطلاق سراح 79 معتقلا معظمهم من ريف دمشق. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن أمين فرع ريف دمشق لحزب «البعث» الحاكم، همام حيدر، قوله لدى إخلاء سبيل المعتقلين في مبنى المحافظة، إنه «بمناسبة عيد الأضحى المبارك ودعما لجهود المصالحات الوطنية ونتيجة الاندفاع الشعبي تم اليوم إطلاق سراح نحو 80 شخصا من الذين غرر بهم من أبناء المحافظة والمحافظات الأخرى».
من جهته، أوضح نائب محافظ ريف دمشق راتب عدس، أن المحافظة «وجهت الأجهزة التابعة لها بتسهيل أمور كل من أخلي سبيلهم وحل أي مشكلة يمكن أن تعترضهم مستقبلا وتسوية أوضاع الموظفين ومساعدتهم بالعودة إلى دوائرهم وفق الأسس المعتمدة لدى الوزارة المعنية».
وأفيد بإطلاق فصائل المعارضة في القلمون سراح الطيار الأسير لديها علي الحلو، مع ثلاثين آخرين من الضباط والجنود، أسروا في معارك البادية (جنوب شرقي سوريا) بين قوات النظام وفصائل المعارضة. وبثت جهات إعلامية على صفحات التواصل الاجتماعي فيديو يظهر لقاء مع الطيار الحلو.
وقال قائد «أسود الشرقية» طلاس سلامة، إنه «تمّ إدخال الطيار الأسير إلى الأردن، بناءً على طلب الأخير للتفاوض مع روسيا بوصفها دولة ضامنة لتنفيذ بنود الصفقة»، التي تضمنت «تحرير مائة معتقلة وتحرير أسرى الحرب لدى النظام، وفتح طريق القلمون الشرقي (ذهاب – إياب) لمرة واحدة لإخراج المقاتلين مع عتادهم من هناك إلى البادية، بالإضافة لانسحاب ميليشيات النظام السورية إلى عمق 40 كلم في الداخل السوري من ريف السويداء حتى معسكر التنف».
وأضاف سلامة أن بين البنود أيضاً «عدم قصف الطيران الشريط الحدودي ومخيمات اللاجئين، وإخراج عائلات تمّ اعتقالهم بعد أسر الطيار في دمشق من مدينة العشارة وعتيبة، وليسوا من ضمن الصفقة، بسبب اعتقالهم بعد عملية الأسر بوصفها وسيلة ضغط».
إلى ذلك، أعلن فصيل «جيش أسود الشرقية» وقوات «الشهيد أحمد العبدو»، السبت، تأييدهما مقترح «المجلس الإسلامي السوري» بشأن إنشاء جسم عسكري موحَّد يضم فصائل الثوار في سوريا.
وأعلنت «قوات العبدو» في بيانٍ لها: «تأييدنا التام لهذه المبادرة، وأي مبادرة وطنية تدعو لتشكيل كيان عسكري موحّد يضم كافة فصائل الجيش الحر على كافة الأراضي السورية»، مجددة الدعوة إلى تشكيل «جيش وطني موحَّد يعمل تحت راية وطنية واحدة».
ومن جهته، أكد فصيل «أسود الشرقية» في بيانٍ نشره عبر قناته على «تلغرام» تأييده الكامل للمبادرة التي أطلقها المجلس الإسلامي السوري، والتي تدعو إلى تشكيل جيش وطني حر موحد.
وكان «المجلس الإسلامي السوري» ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، دعوا إلى تشكيل جيش وطني موحد.
في غضون ذلك، شهدت محاور في محيط المتحلق الجنوبي من جهة حي جوبر ومن جهتي زملكا وعين ترما بأطراف العاصمة دمشق وغوطتها الشرقية، تجدد الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي فيلق الرحمن من جهة أخرى، وسط قصف متبادل على محاور القتال بين الطرفين، كما قصفت قوات النظام مناطق في أطراف جوبر وعين ترما بـ15 صاروخا يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، بالتزامن مع إطلاقها عشر قذائف على مناطق القتال، فيما فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في بلدات عين ترما وحزة ومدينتي زملكا وعربين في الغوطة الشرقية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عددا من المواطنين أصيبوا معظمهم أطفال جراء القصف من قبل قوات النظام على مناطق في مدينة زملكا بغوطة دمشق الشرقية، عقبها استهداف قوات النظام بالرشاشات الثقيلة لمناطق في المدينة التي يسيطر عليها فيلق الرحمن وتعد معقله في الغوطة، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات.
هذا، وقصفت قوات النظام مناطق في مزرعة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي، بقذائف الهاون، ترافق مع فتح قوات النظام لنيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في المزرعة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.