مقتل «الحاج مارع» أبرز قائد ميداني للثوار في حلب

قصة تاجر الحبوب الذي تحول إلى «أيقونة» للثورة السورية

مقتل «الحاج مارع» أبرز قائد ميداني للثوار في حلب
TT
20

مقتل «الحاج مارع» أبرز قائد ميداني للثوار في حلب

مقتل «الحاج مارع» أبرز قائد ميداني للثوار في حلب

أعلن لواء التوحيد، أحد أكبر فصائل المعارضة السورية المسلحة في حلب، مقتل قائده العسكري عبد القادر صالح (الحاج مارع) متأثرا بجراحه التي أصيب بها في غارة لطيران النظام الخميس الماضي في حلب.
ويعد صالح أبرز قائد عسكري للمعارضة يجري اغتياله منذ انطلاق الثورة السورية في مارس (آذار) 2011. وفور ورود نبأ مقتله نعته قيادات الفصائل العسكرية المعارضة في سوريا، وحول آلاف من شباب وناشطي الثورة السورية صور حساباتهم الشخصية على موقعي التواصل الاجتماعي («فيس بوك» و«تويتر») لصورة صالح.
ونشر أبو عبد الله الحموي، قائد «أحرار الشام»، كلمة له منذ يومين بدا فيها وكأنه ينعى «الحاج مارع» ليتجنب إعلان خبر وفاته. إذ يعتقد أنه توفي منذ ثلاثة أيام في مشفاه بالعاصمة التركية أنقرة وسط تكتم شديد من قيادات «لواء التوحيد». كما نعاه القائد العسكري البارز زهران علوش قائد «لواء الإسلام» والشيخ أبو عيسى قائد «صقور الشام».
وكان النظام شن غارة جوية واستهدف بصاروخ فراغي مقر اجتماع قيادة لواء التوحيد في مدرسة المشاة شمال مدينة حلب، في عملية وصفها إعلام النظام السوري بـ«الدقيقة وبناء على معلومات استخباراتية». وقتل على الفور قائد عسكري في «لواء التوحيد» هو يوسف العباس (أبو الطيب) بينما أصيب بجراح طفيفة القائد العام للواء عبد العزيز سلامة. أما صالح فأصيب بشدة مع قائد الفوج الرابع في اللواء، أبو جعفر.
ويقول ابن عم «الحاج مارع»، هاشم صالح، الذي كان أخوه حاضرا الاجتماع لحظة الهجوم لكنه نجا بأعجوبة «كان الانفجار هائلا. صاروخ فراغي دمر المبنى. وانهالت الأنقاض على الحاج مارع وأبو جعفر. كان الحاج يحاول إزالة الركام من على أبو جعفر رغم إصابته التي كانت في الصدر».
ونقل صالح ورفاقه إلى مشفى بمدينة غازي عنتاب التركية القريبة من الحدود السورية، ثم نقل بإشراف السلطات التركية بطائرة خاصة لأحد مستشفيات أنقرة حيث فارق الحياة هناك نتيجة نزيف داخلي.
ودفن صالح ليلة أمس في مسقط رأسه مارع، في ريف حلب. ويقول هاشم صالح «لم يشأ أقرباؤه إقامة تشييع له لأنه سيكون كبيرا وسيحضره قادة الفصائل، وقد يتعرض لقصف النظام، ففضلوا دفنه بلا تشييع جماهيري».
وقبل أيام من مقتله أمضى صالح عدة أيام في تركيا مع ثلاثة من كبار القيادات العسكرية للفصائل الإسلامية للإعداد لتأسيس تشكيل موحد للفصائل الإسلامية. واجتمع عدة مرات مع زهران علوش قائد «جيش الإسلام» في ريف دمشق وأبو عيسى قائد «صقور الشام» وأبو طلحة القائد العسكري لـ«أحرار الشام».
وعندما التقته «الشرق الأوسط» مؤخرا في اسطنبول، بدا «الحاج مارع» منشغلا بالتحضير للموقف الذي ستعلنه الفصائل بخصوص مؤتمر «جنيف 2» الخاص بالسلام في سوريا. وعندما سألته إن كانت توازنات القوى تمنح الرئيس السوري بشار الأسد فرصة للبقاء في السلطة، رد بحزم «بعد كل هؤلاء الشهداء؟ لا أبدا». وبدا «الحاج مارع» منزعجا من التقدم العسكري الذي يحرزه النظام في حلب مثل مدينة السفيرة واللواء 80 وفي المناطق المحررة عموما، في وقت تعجز فيه قوات معارضة عن حماية مواقعها. كما لم يخف تخوفه من صعوبة التوصل لنهاية قريبة للصراع في سوريا أو إسقاط الأسد والمراوحة حتى في الجبهات العسكرية والجمود في خطوط التماس المستمر منذ أكثر من عام. كما بدا حريصا على إيجاد حل مع الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) دون اللجوء للتصادم عسكريا، رغم إقراره الدائم بوجود خلافات كبيرة معها.
وكان «الحاج مارع»، متزوج وله خمسة أولاد، واحدا من أبرز القادة العسكريين في مدينة حلب وريفها، ويقول المقربون منه إنه كان يتمتع «بشعبية جارفة وكاريزما مميزة» جعلت الشاب الريفي، الذي لا يتجاوز 33 عاما «أيقونة للثوار» منذ قيادته للحراك السلمي في مدينة مارع. وكان وقتها تاجرا للحبوب، وحين انطلقت الثورة قاد صالح المظاهرات السلمية ضد النظام وأطلق عليه حينها اسمه الحركي «الحاج مارع» الذي لم يكن أحد يعرف صاحبه حتى تشكيله أول كتيبة مسلحة بعدها بأشهر. ووحد مجموعة كتائب عسكرية في ريف حلب لتشكل أحد أكبر الفصائل المعارضة المسلحة في سوريا «لواء التوحيد» الذي كان أول من اقتحم حلب وحرر حي الصاخور، ثم تولى إدارة شؤون المناطق المحررة في مدينة حلب، مما أكسبه تعاطفا وتأييدا شعبيا.
وأصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي انتقده صالح بشدة خلال الفترة الأخيرة بيانا جاء فيه «ارتقى شهيدا المجاهد البطل عبد القادر الصالح، ابن سوريا البار، والقائد العسكري للواء التوحيد، متأثرا بجراحه التي أصيب بها في قصف عشوائي نفذه طيران الأسد المجرم على مدينة حلب قبل أيام».
ويرى الباحث السويدي آرون لوند، الخبير في الشؤون السورية، أن مقتل صالح «في وقت يتقدم فيه النظام السوري في حلب، هو خبر سيئ جدا للمعارضة».
بينما يقول تشارلز ليستر، المحلل في مركز أبحاث «آي إتش إس غاينز» حول قضايا الإرهاب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن صالح «كان كفرد شخصا مهما جدا، وكان كثيرون في حلب وفي سوريا كلها ينظرون إليه على أنه ممثل فعلا للثورة». ويضيف «يتحدر من محيط متواضع ويجاهر بانتمائه الإسلامي، لكنه كان منفتحا على الرغم من ذلك، وأقام علاقات وطيدة مع معظم المجموعات المقاتلة على اختلاف انتماءاتها».
ويرى بدوره أن مقتل صالح سيشكل «ضربة كبيرة» للمعارضة المسلحة، لكنه قد يشكل أيضا حافزا لها للقيام بهجوم مضاد بعد التقدم الأخير الذي أحرزه النظام.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».