خلاف بين قطبي الائتلاف الحاكم في تونس يرجئ تعديلاً وزارياً

TT

خلاف بين قطبي الائتلاف الحاكم في تونس يرجئ تعديلاً وزارياً

كشفت مواقف الائتلاف الحكومي في تونس، بزعامة حزبي «النداء» و«النهضة»، عن تباين عميق في شأن التعديل الوزاري الذي أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد، تأجيله والتأني في تنفيذه. وملف التعديل الحكومي مطروح منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي حين أعلن الشاهد إعفاء ناجي جلول، وزير التربية، من مهامه، ومن بعده لمياء الزريبي، وزيرة المالية، قبل أن يأتي الدور على محمد الفاضل عبد الكافي، وزير الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي (وهو كذلك وزير المالية بالنيابة).
وقالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة: إن الشاهد لم يحسم في اختيار الشخصيات الأنسب لتولي المناصب الوزارية وسد الشغور الحاصل في ثلاث وزارات على الأقل (المالية، التربية، والاستثمار والتنمية والتعاون الدولي)، معللة ذلك بـ«كثرة الترشحات» وضغوط الأحزاب المعارضة الساعية إلى موقع سياسي جديد قبل إجراء الانتخابات البلدية (نهايات هذه السنة). وأشارت إلى ترقب نقابة العمال (الاتحاد العام التونسي للشغل) ونقابة رجال الأعمال (اتحاد الصناعة والتجارة) للمرشح لتولي وزارة المالية على وجه الخصوص؛ لما للوزير الجديد من أهمية في طريقة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المنتظر البدء به خلال الفترة المقبلة.
وتباينت المواقف من التعديل الوزاري بين «النهضة» و«النداء»، قطبي الائتلاف الحكومي؛ إذ تمسك المكتب التنفيذي لـ«النهضة» بـ«تأجيل أي تحوير وزاري واسع في تركيبة الحكومة إلى ما بعد الانتخابات المحلية المقبلة»، لكنه أكد حاجة تونس إلى إجراء تحوير جزئي لسد الشغور على رأس عدد من الوزارات في انتظار تشكل خريطة سياسية جديدة بعد 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تاريخ إجراء أول انتخابات بلدية بعد ثورة 2011.
وفي هذا الشأن، قال عماد الخميري، الناطق باسم «النهضة»: إن تقييم أداء وزراء حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد سيكون على أساس «وثيقة قرطاج» (التي حددت في صيف العام 2016 أولويات حكومة الوحدة الوطنيّة)، وذلك بعد إجراء مشاورات مع الأطراف الموقعة عليها. وأضاف أنه يتعيّن أن يكون التحوير الوزاري جزئياً ويشمل تسديد الشغور الحاصل على مستوى وزارات التربية والمالية والاستثمار والتعاون الدولي، بخاصة في ظل اقتراب مواعيد واستحقاقات مهمة مثل العودة المدرسية وإعداد ميزانية الدولة لسنة 2018 والاستعداد للانتخابات البلدية.
وبشأن الأسماء المرشحة من قبل «النهضة» لتولي حقائب وزارية، أكد المتحدث باسم «النهضة» أن حزبه قدّم لرئيس الحكومة مقترحات بأسماء تتمتع بالكفاءة في مجالات تخصصها، مؤكداً ضرورة أن «يتمتع الوزراء بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد». ورجّح أكثر من مصدر سياسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط» أن يكون تعطل إجراء التعديل الوزاري وسد الشغور في الحكومة ناجما عن سعي الشاهد إلى اختيار شخصية لها تجربة واسعة في المجال الاقتصادي لتولي وزارة المالية، ولتكون مفاوضاً قوياً مع صندوق النقد الدولي، وهو أمر لا يبدو أن رئيس الحكومة قد حسم فيه بعد. وقالت المصادر ذاتها إن الشاهد سعى كذلك إلى الحصول على معلومات كافية من وزارتي الداخلية والعدل التونسيتين حول الشخصيات المرشحة لحقائب وزارية حتى لا تواجه خياراته مشاكل شبيهة بما عرفه ملف محمد الفاضل عبد الكافي، وزير الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، بعد الكشف عن وجود قضية عدلية مقدمة ضده من قبل وزارة المالية التي يتولاها بالنيابة بعد إقالة لمياء الزريبي، وزيرة المالية، قبل شهور.
وفي مقابل تمسك «النهضة» بتحوير وزاري جزئي، قدّم حزب «النداء» مرشحين عدة لتولّي حقائب وزارية، واقترح تغييرات على مستوى وزارة الداخلية والشباب والرياضة، إضافة إلى سبع وزارات أخرى على الأقل، في إطار تغيير حكومي شامل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».