يبدو أن حل مشكلة آلاف العوائل المهجرة من ناحية جرف الصخر في محافظة بابل وعودتهم إلى منازلهم ما زالت بعيدة على المدى القريب، بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المحلية في محافظة بابل (100 جنوب بغداد). فبعد أن اتخذ مجلس قضاء المسيب في المحافظة (يبعد نحو 12 كيلومترا جنوب جرف الصخر) في فبراير (شباط) الماضي قرارا «تعجيزيا» يلزم أهل الناحية بـ«تسليم الجناة (المتورطين بأعمال إرهابية من أهالي الناحية) وتعويض المتضررين وضمان أمن المنطقة»، عاد مجلس محافظة بابل وصوت على قرار قبل خمسة أيام، يقضي برفع دعوى قضائية على كل من «يطالب بعودة أهالي جرف الصخر» النازحين إلى مساكنهم.
وبرغم «الاستغراب» الذي أبداه رئيس الوزراء حيدر العبادي، الثلاثاء الماضي، من قرار مجلس بابل، حيث قال: «أستغرب قرار مجلس بابل الرافض لإعادة نازحي جرف الصخر إلى مناطقهم»، تبدو عودة نحو 100 ألف نازح إلى مدينتهم محل شك كبير، لجهة التعقيدات الطائفية والجغرافية والسياسية المتعلقة بالمنطقة. فالمدينة (جرف الصخر) تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات في محافظة الحلة وتسكنها أغلبية سنيّة، ونظرا لحقول النخيل والزراعة الكثيفة فيها، حيث تتكون من تسع مقاطعات زراعية، اتخذتها الجماعات الإرهابية مثل تنظيم «القاعدة» أولا، و«داعش» الذي سيطر عليها عام 2014، مقرا لشن أغلب هجماتها على محافظات الحلة وبغداد وكربلاء. حيث تبعد جرف الصخر عن مركز محافظة بابل نحو 30 كيلومترا، وعن بغداد بحدود الـ60 كيلومترا وكذلك الحال مع محافظة كربلاء، وكانت القوى الأمنية في بغداد تشير إلى أن النسبة العالية من السيارات المفخخة التي تصل العاصمة بغداد تأتي من جرف الصخر، وكذلك الحال مع بابل وكربلاء، نظرا لارتباط المدينة مع محافظة الأنبار وتماس حدودها مع قضاء الفلوجة شمالا. ولا تخفي القوى الشيعية عموما رغبتها بعدم عودة أهالي جرف الصخر إلى منازلهم، لخشيتهم من تكرار عودة الجماعات الإرهابية إليها، ولعل قرار مجلس محافظة بابل ذات الأغلبية الشيعية الأخير، القاضي بمقاضاة المطالبين بعودة الأهالي يصب في هذا الاتجاه، وأبلغ مصدر مقرب من «التحالف الوطني» الشيعي «الشرق الأوسط» بالقرار الضمني بعدم السماح «النهائي» بعودة الأهالي، ويضيف «جرف الصخر تمثل مركز التقاء محافظة الأنبار بمحافظتي بابل وكربلاء، إلى جانب قربها من بغداد، لذلك لا يسمح بعودة سكانها القدامى للخشية من تكرار تجارب الماضي»، ويلفت إلى وجود «شعور بعدم الرضا كبير على سكان المنطقة، نتيجة سكوتهم أو دعم بعضهم للجماعات المسلحة التي شنت هجمات كثيرة على كربلاء وبابل وبغداد».
ويشير المصدر إلى أن السلطات المحلية في بابل «عمدت إلى إلغاء عقود تأجير الأراضي للمزارعين في جرف الصخر، خاصة أولئك الذين قاموا بإيجار الأراضي منذ سنوات بعيدة، للحيلولة دون عودتهم للمدينة». وكانت الفصائل المسلحة الشيعية خاضت معارك طاحنة عام 2014 وقبله، مع الجماعات المسلحة في جرف الصخر وبضمنها تنظيم داعش وتمكنت الفصائل بعد تنفيذ عملية «عاشوراء» من إحكام سيطرتها على المدينة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام. وعمدت إلى إعادة تسمية المدينة واختارت لها تسمية «جرف النصر» بدلا عن «جرف الصخر».
وفيما اعتبر «تحالف القوى العراقية» أن قرار مجلس محافظة بابل بشأن عودة النازحين لناحية جرف الصخر «لا قيمة له قانونيا»، وطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل وإرجاع النازحين إلى مناطقهم، أعلنت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عواطف نعمة، أمس، تأييدها لقرار مجلس محافظة بابل ووصفت المنطقة بأنها «الأسوأ في تاريخ العراق». وقالت نعمة في بيان صادر: «أشيد بقرار مجلس محافظة بابل برفع دعوى قضائية ضد السياسيين المطالبين بعودة نازحي جرف الصخر»، معتبرة أن «هذه المنطقة كانت وما تزال منطلقا للأعمال الإرهابية ضد القوات الأمنية والحشد الشعبي والمدنيين»، مضيفة، أن «مطالبة بعض الأصوات بإعادة نازحي جرف الصخر تعني – بقصد أو دون قصد – عودة حاضنة الإرهاب إلى هذه المنطقة التي تعد أسوأ منطقة في تاريخ العراق، إذ كانت منذ عهد النظام البائد بؤرة للتكفيريين والوهابية وباتت اليوم مكاناً للقتل والخطف والتحضير للعمليات الانتحارية التي تستهدف القوات الأمنية والحشد الشعبي والمدنيين».
أهالي «جرف الصخر» مبعدون عن مدينتهم منذ 3 سنوات
مجلس بابل قرر مقاضاة المطالبين بعودتهم
أهالي «جرف الصخر» مبعدون عن مدينتهم منذ 3 سنوات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة