وصول أول دفعة من الغاز الأميركي المسال إلى ليتوانيا

تمثل بداية للصراع مع روسيا على سوق البلطيق

TT

وصول أول دفعة من الغاز الأميركي المسال إلى ليتوانيا

وصلت إلى ليتوانيا أمس أول دفعة من الغاز الأميركي المسال، وذلك في إطار تعهد قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدول البلطيق، بتزويدها بالغاز الأميركي للتخفيف من الاعتماد على الغاز الروسي، وسعيا منه، في الوقت ذاته، لإدخال مصدري الغاز الأميركيين إلى السوق الأوروبية.
وقال وزير الطاقة الليتواني جيغمانتاس فايتشيوناس إن «الغاز المسال تم توريده إلى بلدنا بموجب الاتفاقية المبرمة في شهر يونيو (حزيران) مع شركة الطاقة الأميركية شينيير». ووصلت أمس ناقلة غاز تحت علم جزر مارشال إلى ميناء كلايبدا في ليتوانيا، تحمل 140 ألف متر مكعب من الغاز المسال، ويتوقع وصول سفينة أخرى إلى الميناء ذاته منتصف سبتمبر (أيلول) القادم، وفق ما أكد الوزير الليتواني.
وكانت الولايات المتحدة تعهدت بتوريد الغاز الأميركي المسال إلى 12 دولة أوروبية، تشكل معا مجموعة «البحار الثلاث»، وتضم الدول الأوروبية الممتدة بين بحار الأدرياتيكي والبلطيق والأسود، وبينها بالطبع جمهوريات البلطيق السوفياتية سابقاً، لاتفيا وليتوانيا وإستونيا.
وتهدف هذه الخطوة الأميركية إلى تنويع مصادر الطاقة لهذه الدول والتخفيف من اعتمادها على الغاز الروسي بصورة رئيسية. ويرى مراقبون أن تزويد الدول الأوروبية بالغاز المسال سيواجه عقبات في المرحلة الأولى، وبصورة خاصة موضوع سعر المتر المكعب، إذ يرى البعض أن الشركات الأميركية قد تعجز في البداية عن تقديم سعر منافس في السوق الأوروبية مقارنة بالأسعار التي تقدمها شركة «غاز بروم» الروسية للمستهلكين الأوروبيين. علاوة على ذلك فإن التحول نحو الاعتماد بشكل أكبر على الغاز المسال قد يتطلب من الدول الأوروبية تهيئة الحجم المناسب من البنى التحتية لهذا الأمر، علما بأن محطات الغاز الكبرى في أوروبا تتعامل بصورة رئيسية مع الغاز الطبيعي الذي يصلها من روسيا عبر مجموعة كبيرة من شبكات الأنابيب.
ومع تدفق الغاز الأميركي المسال إلى السوق الأوروبية يتوقع أن يحتدم التنافس بين قطاعي الطاقة الروسي والأميركي. ذلك أن الصادرات الأميركية تعتبر إلى حد ما جديدة على السوق الأوروبية، وستحاول بشتى السبل شغل مكانة في تلك السوق، بينما تعمل شركات الغاز الروسية مع أوروبا منذ عقود بعيدة، وتمكنت خلال العقدين الماضيين من السيطرة على مساحات واسعة من تلك السوق، وتعتمد الدول الأوروبية على الغاز الروسي بنسب تتراوح ما بين 20 في المائة وحتى 100 في المائة. وحسب وكالة «ريا نوفوستي»، تعتمد كل من لاتفيا وإستوينا بنسبة 100 في المائة على صادرات الغاز الروسي، بينما تعتمد ليتوانيا على تلك الصادرات بنسبة 88 في المائة، ويبدو أن المصدرين من روسيا والولايات المتحدة سيضطرون لتغيير شروط توريد الغاز لجمهوريات البلطيق، وسيسعى كل منهم لتقديم عروض أفضل بغية الحفاظ على الموقع في سوق تلك الجمهوريات.
وعبر وزير الطاقة الليتواني في تصريحات أمس عن أمله بأن تقرر الشركات الأميركية التي تصدر الغاز تخفيض سعر المتر المكعب من الغاز للمستهلكين الليتوانيين، وأشار إلى أن «سعر المتر المكعب من الغاز الأميركي سينخفض عاجلا أم آجلا مع زيادة الصادرات». ويصل الغاز الأميركي المسال إلى محطة في ميناء كلايبدا على بحر البلطيق، ومن هناك يتم توزيعه عبر شبكات الأنابيب الخاصة، كما تنوي ليتوانيا ضخ جزء من تلك الكميات في خزان خاص تحت الأرض.
وتجدر الإشارة إلى أن محطة الغاز المسال في ميناء كلايبدا تستقبل بشكل دوري هذا الخام من النرويج بموجب عقد مع شركة «ستاتوال»، وكذلك من نيجيريا ومن جمهورية ترينيداد وتوباغو في الكاريبي.



مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
TT

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين، لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار مقابل شروط مواتية لعقود طاقة شمسية كان من المقرر أن تدر أكثر من ملياري دولار من الأرباح، مما تسبب في صدمة بجميع أنحاء تكتل الأعمال التجارية الذي يحمل اسمه.

فمن هو غوتام أداني؟

بالنسبة للعامة، غوتام أداني هو الملياردير الهندي الذي بنى تكتلاً قوياً يمتد عبر التعدين والموانئ والطاقة المتجددة. وبالنسبة لشركائه المزعومين في مخطط رشوة بمليارات الدولارات، كان يستخدم أسماء سرية بما في ذلك «نوميرو أونو».

وهو رجل أعمال من الجيل الأول رافق صعوده الهائل سلسلة من الخلافات في الداخل والخارج.

ويواجه أداني، الذي نجا من الموت بأعجوبة في عام 2008 وكان واحداً من بين كثير من الأشخاص العالقين داخل فندق تاج محل بالاس في مومباي عندما قام مسلحون بعملية قتل، مذكرة اعتقال أميركية وعقوبات جنائية بسبب تهم الاحتيال والرشوة.

وقد خسرت مجموعة شركات «أداني»، التي تتراوح بين الطاقة والمواني والسكر وفول الصويا، أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة العام الماضي، بعد أن اتهمت مجموعة «هيندنبورغ» للأبحاث التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مجموعته التي تحمل اسمه باستخدام الملاذات الضريبية الخارجية بشكل غير صحيح. وأنكرت المجموعة، التي استردت بعض الخسائر وتبلغ قيمتها الإجمالية الآن 141 مليار دولار، جميع هذه الادعاءات، وفق «رويترز».

وقبل أن تنخفض أسهم شركات مجموعة «أداني» العام الماضي، كان تارك الدراسة الثانوية البالغ من العمر 62 عاماً قد أصبح لفترة وجيزة أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» إيلون ماسك. ويحتل أداني الآن المرتبة الـ25 في قائمة أغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ نحو 57.6 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».

وفي حين تم التشكيك في مشروعات الفحم والطاقة الخاصة بالمجموعة وصفقات أخرى في بلدان مثل أستراليا وبنغلاديش، استخدم قادة المعارضة الهندية بانتظام شركة «أداني» للهجوم على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زاعمين محسوبيته له، بما في ذلك منح «أداني» عقد إعادة تطوير حي فقير ضخم في مومباي. وقد رفض الطرفان هذه الاتهامات.

ويوم الاثنين، عطل نواب المعارضة البرلمان الهندي للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، بينما انخفضت أسعار سندات «أداني» الدولارية إلى أدنى مستوياتها في عام تقريباً مع قيام المستثمرين والمقرضين بتقييم القضية.

أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد الصناعي الهندي غوتام أداني مطالبين باعتقاله (إ.ب.أ)

وقد نشر رئيس حزب المؤتمر المعارض الرئيسي، ماليكارجون خارغي، على منصة «إكس»: «مع بدء جلسة البرلمان، فإن الخطوة الأولى التي يجب على الحكومة اتخاذها هي إجراء مناقشة مفصلة حول ملحمة أداني التي تنطوي على إمكانية تشويه صورة الهند على الساحة العالمية».

العلاقات بين الهند وأميركا

ويعتقد كثير من الخبراء أن مزاعم الرشوة الموجهة ضد أداني، ستترك أثراً كبيراً على العلاقات الأميركية - الهندية، ما لم يقرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الملاحقة القضائية.

وكان أداني قال بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، على منصة «إكس»، إن الرئيس الأميركي المنتخب كان «تجسيداً للمثابرة التي لا تنكسر، والعزيمة التي لا تتزعزع، والتصميم الذي لا يلين والشجاعة للبقاء مخلصاً لمعتقداته».

وفي معرض تهنئته لترمب، قال أداني الأسبوع الماضي، إن مجموعته ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية بالولايات المتحدة، دون تقديم تفاصيل سوى أن الاستثمار يهدف إلى خلق 15 ألف وظيفة.

وقال براهما شيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسات في تصريح لـ«بلومبرغ»، إن لائحة الاتهام يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية في نيودلهي. وتوقع أيضاً أن يكون لها تأثير على التعاون بين الولايات المتحدة والهند والثقة المتبادلة بين البلدين ما لم تسقط إدارة ترمب المقبلة الملاحقة القضائية.

وأشار شيلاني إلى أن «الكثير سيعتمد على الكيفية التي ستسعى بها الإدارة الأميركية المقبلة لرسم العلاقة مع الهند».

من ناحية أخرى، يبدو أن كثيراً من الأشخاص الرئيسيين الذين رشحهم ترمب ليكونوا جزءاً من حكومته مؤيدون للهند. ففي العام الماضي، كان مستشار الأمن القومي الجديد لترمب، مايك والتز، ضيفاً على مودي في احتفالات يوم الجمهورية الهندية. وفي يوليو (تموز) الماضي، قدم ماركو روبيو، الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند، ومعاملة الدولة الواقعة في جنوب آسيا حليفاً في حلف شمال الأطلسي مثل اليابان.

بداية حياة أداني

وُلد أداني في 24 يونيو (حزيران) 1962 في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الغربية - وهي أيضاً ولاية مودي الأم - وترك الدراسة في سن 16 عاماً بعد إكماله الصف العاشر.

وأسس مجموعة «أداني» في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية. وقد جاء من عائلة من الطبقة المتوسطة في مجال النسيج ليكوّن ثروته، على عكس كثير من المليارديرات الآخرين الذين يرثون ثرواتهم بالوراثة.

وهو متزوج من طبيبة الأسنان بريتي أداني، ولديه ابنان هما كاران وجيت، وكلاهما يعمل في أعمال الشركة، مثل كثيرين آخرين في العائلة.

ووفقاً لشخص على دراية مباشرة بتعاملاته، فإن لديه أسلوباً «عملياً للغاية» في إدارة إمبراطوريته، وقال إنه يهدف إلى توريثها للجيل المقبل في العائلة عندما يبلغ من العمر 70 عاماً.

وصف أداني نفسه في مقابلات مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأنه شخص خجول، وعزا ارتفاع شعبيته جزئياً إلى الهجمات السياسية التي واجهها.

المستثمرون يتخارجون

أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» في بيان يوم الاثنين، أنها أوقفت الاستثمارات الجديدة في مجموعة «أداني» بسبب اتهامات الرشوة.

موظفة تسير أمام بث رقمي في بورصة مومباي للأوراق المالية (أ.ف.ب)

وكانت خطوة «توتال إنرجيز» أول التداعيات الكبرى من تخارج الاستثمارات من المجموعة.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء»، ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

كما تمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة بشركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في 3 مشروعات مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

ويوم الثلاثاء، أعلنت «أداني للطاقة الخضراء» أنه لا يوجد أي تعهد مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز».

وأضافت في بيان للبورصة، أن بيان «توتال إنرجيز» لن يكون له أي تأثير مادي على عمليات «أداني للطاقة الخضراء» أو خطتها للنمو.

وانخفضت أسهم «أداني للطاقة الخضراء» بنسبة 7 في المائة يوم الثلاثاء، لتواصل انخفاضها بنسبة 8 في المائة بعد بيان «توتال إنرجيز».

وخسرت الشركة أكثر من 9.5 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ توجيه الاتهامات الأميركية.