لافروف: تعقيدات إدلب تؤجل «آستانة» واتصالات مع الرياض لوفد معارضة موحد

TT

لافروف: تعقيدات إدلب تؤجل «آستانة» واتصالات مع الرياض لوفد معارضة موحد

التطورات الأخيرة المتصلة بجهود إقامة مناطق خفض التوتر في سوريا، وتشكيل وفد موحد يمثل المعارضة السورية في المفاوضات مع النظام، ومجمل جهود التسوية السياسية للأزمة هناك، كانت موضوعاً رئيساً تناوله وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره المصري سامح شكري، أثناء جولة محادثات في موسكو، أمس، تطرقا خلالها أيضاً إلى ملفات العلاقات الثنائية، والأزمات التي تشهدها أكثر من دولة في الشرق الأوسط، بما في ذلك الوضع في ليبيا واليمن والعراق، وأكدا في هذا السياق على ضرورة اعتماد المرجعيات الدولية والحوار الداخلي للتوصل إلى حلول لتلك الأزمات. كما شددا على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة تفعيل جهود التسوية على أساس حل الدولتين لإنهاء النزاع. وأعربا عن قناعتهما بضرورة حشد الجهود للتصدي للإرهاب، والعمل على وقف «الدول» تمويلها له.
وفي مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع نظيره المصري، أكد وزير الخارجية الروسي أن موسكو والقاهرة تعملان معاً لمساعدة المعارضة السورية في تشكيل وفد موحد للتفاوض مع النظام السوري، وأشار إلى أن موسكو تجري كذلك اتصالات مع المملكة العربية السعودية بهذا الخصوص، ومع أطراف أخرى، وأعرب عن أمله في أن يتم الإعلان قريباً عن نتائج تلك الاتصالات، وأثنى على دور مصر في التوصل لاتفاقات حول إقامة مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية وريف حمص، وانتقل بعد ذلك للحديث عن المستجدات حول إقامة منطقة رابعة في محافظة إدلب، ووصف العملية بأنها معقدة للغاية، لافتاً إلى أن «الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، تشارك في المحادثات بخصوص إدلب»، وكشف أن «الحديث يدور حول اتفاق بين تلك القوى التي تقف ضد القوات الحكومية في المنطقة»، وأن «الاتفاق يجب أن ينص على توافق حول بنية منطقة خفض التصعيد (في إدلب)، وضمان أمنها على طول الشريط الفاصل حول المنطقة المستقبلية».
ويبدو أن درجة تعقيد الوضع حول الاتفاق في إدلب تفرض على الدول الضامنة تأجيل موعد لقاء «آستانة - 6»، الذي كان مقرراً نهاية أغسطس (آب) الحالي، إذ أكد لافروف أن جولة جديدة من المشاورات بين الدول الضامنة على مستوى الخبراء ستجري إما نهاية أغسطس أو مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، وبعد ذلك «ستبدأ التحضيرات للقاء جديد حول الأزمة السورية في آستانة».
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري حرص مصر على «إعفاء الشعب السوري من الويلات التي تعرض لها على مدار السنوات السبع الماضية»، وأكد دعم القاهرة «كل جهد يبذل لتخفيف حدة التوتر العسكري في سوريا»، وقال في المؤتمر الصحافي المشترك عقب المحادثات مع لافروف، إن «مصر تعمل على أن يكون لها دور، من خلال علاقاتها مع قوى المعارضة السورية الوطنية، وكذلك من خلال اتصالاتها مع الحكومة السورية لتشجيعها على التفاعل الإيجابي مع الجهود السياسية». وحصر المشاركة المصرية في الجهود حول سوريا بالجانب السياسي، وتحديداً: «نحن في مصر نوفر الأرضية السياسية لتوسيع رقعة مناطق خفض التصعيد»، وأكد أنه «ليس من المنظور أن يتوسع دورنا إلى أي مشاركة على الأرض في مراقبة هذه المناطق».
وإلى جانب الأزمة السورية، تناول وزيرا الخارجية الروسي والمصري ملفات العلاقات الثنائية، والوضع الإقليمي، لا سيما الأزمات في ليبيا واليمن والعراق، والأزمة الخليجية. وأكد شكري أنه سلم نظيره الروسي رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين «تتضمن تمسكنا بقنوات الحوار بين البلدين، وتوسيع العلاقات الثنائية في كل مجالات الاهتمام المشترك».
وأشار الوزير المصري إلى أن «المحادثات المعمقة مع لافروف تناولت مجمل القضايا، وأهمية استعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط»، بما في ذلك «القضاء على التهديد الذي يمثله الإرهاب، وضرورة التصدي له من منظور شامل، ومواجهة الدول والأطراف الراعية له، وتحقيق توقفها الكامل عن مثل هذا الدعم».
وعبر عن قناعته بأن «المحادثات (مع لافروف) كشفت عن توفر أرضية واسعة من التوافق في وجهات النظر، وآليات العمل للتعاطي مع التحديات في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية»، وشدد على أنها تبقى «القضية المركزية في المنطقة، ونسعى للتوصل إلى حل شامل وعادل لها، على أساس حل الدوليتين، بما ينهي الصراع».
وكان الوزير لافروف قد وصف مصر بأنها شريك رائد لروسيا في المنطقة، وأشاد بدورها في تسوية النزاعات في الشرق الأوسط، وقال: «نحن ومصر على قناعة بأنه على جميع اللاعبين الخارجيين والوسطاء تضافر الجهود لإجلاس جميع الفرقاء الليبيين كي يتفقوا بأنفسهم على مستقبل بلدهم، بما يتماشى مع مصالح ليبيا». وبالنسبة للوضع في منطقة الخليج العربي، دعا لافروف جميع الأطراف إلى «إيجاد حل للمشكلات عبر طاولة المفاوضات لإزالة كل الهواجس». وفي غمرة كل هذه التعقيدات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يرى لافروف أنه «لا يجوز أن تزيح هذه المشكلات الأنظار عن تسوية القضية المركزية، وهي النزاع العربي الإسرائيلي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».