حوادث الدهس المتعمد خوف هستيري من سلاح فتاك

مطالب بتطبيق سياسات قاسية مقابل عودة الإحساس بالأمان

TT

حوادث الدهس المتعمد خوف هستيري من سلاح فتاك

هذه المرة في برشلونة، وباستخدام شاحنة «فان» عادية حوَّلَها قائدها إلى سلاح فتاك.
بدا هذا الاعتداء وكأن الهدف منه إحداث صدمة اجتماعية تجعل الناس يغيرون من اعتقادهم بأنهم أمنون ما داموا يسيرون على الرصيف، وما دام قائد المركبة يتبع القواعد، وبأن مثل تلك الحوادث لا يجب النظر إليها باعتبارها فردية وعشوائية لجعل الناس تخشى السير في الشوارع وتهرب من أمام المركبات.
ورغم أن عدد الاعتداءات الإرهابية التي تمت باستخدام السيارات خلال العامين الأخيرين أقل بكثير من الحوادث العادية، فإنهم يحذرون من أن سائق السيارة بمقدوره استخدام السيارة العادية كسلاح فتاك، مما يضيف شعوراً جديداً بالرعب من أي شيء نراه أمامنا في حياتنا العادية كل يوم. وتوصلت الأبحاث التي استمرت لسنوات طويلة إلى أن الخوف يمكنه إحداث انقسام مجتمعي، وبث السموم فيها، وكذلك بث روح الخوف من الأجانب، مما يجعلهم الناس تتجاهل القيم المهمة التي تربوا عليها. واللجوء إلى هذا النوع من الاعتداءات التي تستخدم فيها معدات نراها في حياتنا اليومية يمكنه أن يعزز من هذا التأثير.
واكتشف العالمان السياسيان مارك هارنغتون وإليزابيث شاري، على سبيل المثال، أنه عندما يشعر الناس الذين عاشوا منفتحين على الأجانب ووثقوا فيهم وفجأة تغير هذا الإحساس إلى الخوف من اعتداء إرهابي، فمن الأرجح أنهم سيؤيدون تطبيق سياسات قاسية واستبدادية وقد يضحون بالحريات المدنية مقابل عودة الإحساس بالأمان.
فالهدف من الاعتداءات لفت انتباه الناس ونشر الخوف والذعر بينهم، وبالتالي تدفعنا تلك العمليات، باعتبارنا أفراداً في هذا المجتمع، إلى أن نجري العملية الحسابية العقلية التالية: هل سيحدث هذا لي أو لشخص أحبه؟ هل من طريقة تجعلني في مأمن من ذلك؟ ماذا سيكلفني الأمر لأكون في مأمن؟
ولكي ننعم بالطمأنينة، أخذنا في البحث عن استراتيجيات تجعلنا قريبين من الإجابة عن هذه التساؤلات. فعقب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، تحاشى الكثيرون السفر بالطائرات، واعتقد الناس الذي يعملون في مكاتب بمباني قليلة الارتفاع أنهم في مأمن وأن الذين يعملون بمكاتب في ناطحات سحاب مثل مركز التجارة العالمي هم وحدهم معرضون للخطر.
لكن السيارات والشاحنات تحيطنا من كل مكان، وليس هناك قانون أو حدود تمنعها من أن تكون جزءا من حياة الناس لحمايتهم من تكرار مثل تلك الاعتداءات.
لكن احتمال أن تقتل أنت نتيجة لأحد تلك الاعتداءات ضعيف، ففي الولايات المتحدة وحدها تتسبب حوادث السيارات في قتل 30 إلى 40 ألف شخص سنوياً، فيما لم تتسبب الاعتداءات التي استخدمت فيها المركبات في نسبة تُذكَر من هذا الرقم.
بيد أن طريقة الحساب تلك لن تجعل الخوف يتراجع داخل الناس، إذ إن الشعور باحتمال حدوث حادث سيارة بالمصادفة يختلف عن شعور الخوف من حادث متعمد، ومن أن تكون أنت نفسك مستهدفاً.
في التسعينات، وبعدما قام بعض الإرهابيين بوضع قنبلة في محطة قطارات فيكتوريا، قامت بلدية المدينة بإزالة صناديق القمامة من جميع المحطات. ولذلك كان أي زائر للمدينة تنتابه الحيرة من عدم رفض الناس لعدم وجود تلك الصناديق، والسبب هو أن مشاهدة تلك الصناديق كانت كفيلة ببث الرعب من أن يكون بداخلها قنبلة قد تنفجر بمجرد اقترابك منها، وهو الخوف الذي صاحب نمط الحياة في المدن. فتغيير معنى أداة أو ماكينة عادية والغرض من استخدامها مثلما حدث في اعتداء برشلونة الأخير يخلق إحساساً، مفاده أن الحياة العامة بات يسيطر عليها شعور من الخوف لا يمكن تجنبه. فعندما ننظر إلى أي شي على أنه قابل للتحول إلى سلاح فسوف تتلاشى بداخلنا الثقة في إمكانية السيطرة على الإرهاب أو الحد منه، إذ إن الحصول على شاحنة «فان» لا يتطلب مهارات خاصة أو مصادر تمويل لقيادتها والاندفاع بها وسط زحام الأبرياء، فكل ما يحتاج إليه الأمر هو الدافع لارتكاب الجريمة. وهذا الإحساس ليس سيئاً فقط، بل إنه مدمر نظراً للمؤثرات التي يجلبها على المجتمع.
قد تساعد الاعتداءات الأخيرة في أوروبا في تفسير ذلك، وهذا هو السبب في أن دراسة حديثة أعدها مركز «كاثوم هاوث» البحثي البريطاني أظهرت أن نحو نصف الأوروبيين يؤيدون فرض حظر على المهاجرين من الدول الإسلامية. وأظهرت دراسات أخرى أنه عندما شعر الناس بأنهم عرضة للهجوم بسبب انتماءاتهم الدينية أو جنسيتهم أو عرقهم، فإن ذلك يزيد من تمسكهم بدينهم ولهويتهم ويصبحون أكثر ارتياباً في الغرباء. ويقول علماء الاجتماع إن هذا يدفعهم إلى «التشرذم»، وإلى الخوف من غيرهم، ويعزز لديهم الرغبة في الانتقام، وهو ما حدث عقب اعتداء ويستمنستر، الذي أدى هذا التشرذم. ويتسبب شعور «نحن» في مواجهة «هم» في حدوث انقسام مجتمعي يزيد من حدة التحامل بين الطوائف المختلفة، ويرسم خطوطاً للمعارك بينهم، وهو بالضبط ما تتسبب فيه سياسات جناح اليمين الشعبوي الذي تنامت شعبيته في أوروبا والولايات المتحدة أخيراً. فأيّاً كانت نتيجة تلك الهجمات على السياسية الغربية، فقد أسهمت بالفعل في تغيير الجغرافية العقلية للمجتمعات الحضرية. فمع وضع المدن للمزيد من الحواجز لدرء خطر جديد سوف يتنامى بداخلنا الخوف من الأشياء العادية أكثر وأكثر.
* خدمة «نيويورك تايمز»



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».