معرض دمشق الدولي في دورته الـ59... مناسبة لإعلان النظام انتصاره

رجال المال يعدّونه وسيلة كشف متغيرات السوق بعد حرب 6 سنوات

زوار معرض دمشق الدولي التجاري الذي افتتح أمس بعد توقف 6 سنوات (أ.ب)
زوار معرض دمشق الدولي التجاري الذي افتتح أمس بعد توقف 6 سنوات (أ.ب)
TT

معرض دمشق الدولي في دورته الـ59... مناسبة لإعلان النظام انتصاره

زوار معرض دمشق الدولي التجاري الذي افتتح أمس بعد توقف 6 سنوات (أ.ب)
زوار معرض دمشق الدولي التجاري الذي افتتح أمس بعد توقف 6 سنوات (أ.ب)

وسط حملة إعلامية واسعة، افتتحت حكومة النظام السوري، أمس، معرض دمشق الدولي على أرض مدينة المعارض القريبة من أطراف الغوطة الشرقية التي شهد محيطها خلال السنوات الست الماضية مواجهات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة المسلحة.
ويتطلع النظام إلى أن تأتي الدورة الـ59 من معرض دمشق بمشاركة 43 دولة بعد انقطاع 6 سنوات، مناسبةً لإعلان انتصار نظام الأسد على معارضيه، وبقائه في السلطة إلى أجل غير مسمى؛ الأمر الذي جرى التعبير عنه بإزالة واحد من أكبر الحواجز الأمنية من وسط دمشق التجاري في ساحة السبع بحرات؛ حيث يقع المصرف المركزي، إضافة إلى تحسن طفيف بقيمة الليرة السورية مقابل الدولار الذي انخفض سعره (من 535 ليرة إلى 520 ليرة للدولار الواحد) وهو ما عدّه اقتصاديون في دمشق تحسنا جراء تدفق النقد الأجنبي مع دخول أعداد كبيرة من المشاركين في المعرض من الخارج، فيما عدّه آخرون تحسنا وهميا طارئا يريد به النظام الإيحاء بأن الاقتصاد بدأ يتعافى.
وعد وزير الخارجية وليد المعلم خلال استقباله وفد اتحاد غرف التجارة المصرية برئاسة أحمد الوكيل رئيس الاتحاد المشارك بالمعرض، إقامة معرض دمشق الدولي «مؤشرا على قوة الدولة السورية وتعافيها». وأكد المعلم على أن «مستوى وحجم المشاركة المصرية في المعرض يعكسان الرغبة الصادقة لدى الأشقاء في مصر لتعزيز العلاقات مع سوريا»، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) التي نقلت عن رئيس الوفد المصري تعبيره عن «الرغبة بإعطاء زخم للعلاقات بين البلدين الشقيقين وصولا إلى عودتها إلى وضعها الطبيعي».
وتستمر فعاليات المعرض من 17 وحتى 26 أغسطس (آب) الحالي، وللشركات السورية النصيب الأوفر في عرض منتجاتها، إلى جانب 23 دولة شاركت بشكل رسمي عبر سفاراتها و20 دولة سجلت مشاركات تجارية لها.
من الدول المشاركة روسيا وإيران والصين والعراق ومصر والإمارات العربية وفنزويلا. وشركات من دول أوروبية مثل اليونان وبلجيكا وفرنسا وهولندا وإيطاليا، وذلك رغم العقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق.
يذكر أن حكومة النظام برئاسة عماد خميس قدمت كثيرا من التسهيلات لتشجع الشركات السورية على المشاركة وعقد صفقات خلال أيام المعرض، كإعفاء المصدرين من أجور نقل البضائع في أي صفقة تعقد خلال أيام المعرض وإفساح المجال لبيع منتجاتها المستوردة مباشرة للمستهلك، بالإضافة إلى تسهيلات للمشاركين والزائرين بينها تخفيضات على بطاقات السفر والحجوزات الفندقية.
وترافق ذلك مع تنظيم حملة إعلامية وإعلانية واسعة، تحت عنوان «دمشق تنبض بالحياة»، مع التذكير بأنه المعرض الأقدم في منطقة الشرق الأوسط؛ فقد انطلقت أولى دوراته عام 1954، وشهدت خشبة مسرحه أول وقوف لفيروز على المسرح عام 1956، كما شهدت حفلات لكبار الفنانين العرب مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ونصري شمس الدين وصباح فخري وصباح وشادية ووديع الصافي ووردة الجزائرية، وغيرهم ممن راح التلفزيون السوري الرسمي يعيد بث حفلاتهم على مدار الساعة.
وفي محاولة لاستعادة بعضا من ذلك الألق الفني، وجهت وزارة السياحة السورية دعوة لفنانين وإعلاميين من مصر، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن الوفد المصري يضم رئيس اتحاد الفنانين العرب المخرج مسعد فودة والمخرجين هاني لاشين وعمر عبد العزيز، والفنانين: محمد صبحي وهاني شاكر وإلهام شاهين ومصطفى فهمي وألفت عمر وندى بسيوني وندى بهجت، إضافة إلى عدد من الإعلاميين، بينهم بوسي شلبي وأميرة العقدة ورشا الخطيب ونسمة مهنا وخالد رزق.
مدير إحدى الشركات السورية المشاركة في المعرض عدّ الحملة الإعلامية المرافقة للمعرض «دعاية سياسية تعني النظام وحده»، أما ما يعنيه من المعرض بصفته صناعيا أنه «مناسبة لإثبات وجودنا كشركة على الساحة المحلية، وفرصة للتعرف على المتغيرات التي حصلت في السوق السورية بعد 6 سنوات من اقتصاد الحرب، والتعرف على الحيتان الجدد في عالم المال والصناعة المحلية».
وكانت أروقة حكومة النظام قد شهدت اجتماعات مكثفة لحث أكبر عدد من التجار ورجال الأعمال على الانخراط في التحضير للمعرض والعمل على إنجاحه بكل وسيلة ممكنة. وبحسب تصريحات رئيس اتحاد المصدرين السوري محمد السياح رئيس اللجنة المنظمة لمشاركة القطاع الخاص، فقد أرسل الاتحاد دعوات لنحو ألفي رجل أعمال أجنبي، تم التثبت من حضور نحو 1500 رجل أعمال من المهتمين بكل القطاعات الصناعية السورية.
ويتطلع المنظمون إلى استقطاب عدد زوار يفوق الـ70 ألف زائر، وهو رقم يتجاوز ما حققه المعرض عام 2011، حيث زاره حينها 54 ألف شخص.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.