وفيق السامرائي

وفيق السامرائي
ضابط متقاعد وخبير استراتيجيّ عراقيّ

تأثير الضربات على «الدواعش».. والمصالحة

من الحق القول إن ضربات التحالف على «الدواعش» تركت أثرا إيجابيا في مسيرة الحرب على الإرهاب، غير أن المطلوب هو أهم من هذه الضربات بكثير، فمفهوم الحرب الطويلة الأمد يمكن تفهمه على أساس المعالجات الاستراتيجية الشاملة وليس التسليم باحتلالهم لمدن وقصبات عراقية لفترة طويلة، واستمرار معاناة النازحين، والتباطؤ في الرد على أشنع عمليات سبي خلال قرون. كل من تحدثوا عن «غزوة نينوى» وقبلها «غزوة الفلوجة» قالوا إن قوة «الدواعش» المهاجمة تراوحت بين مئات إلى 3 آلاف شخص، وهي أرقام - بالنسبة إلى القدرات العراقية - لا يمكن أن تحقق لها ما حققته على الساحة العراقية.

تجار الحروب ومتسولو الدعم الخارجي

لا شك في أن سقوط الموصل وتكريت وعدد من المدن الصغيرة والقصبات شكل صدمة ترتقي إلى مستوى النكسة، إلا أن العصب الحساس للعراق لم يضرب، وبقيت موارد الدولة مستمرة، وحافظت القوات المسلحة على نحو ثلاثة أرباع تشكيلاتها القتالية ومعداتها وأسلحتها، غير أن هذا لا يقلل من شدة الصدمة معنويا، وحالة الإرباك نتيجة تخاذل سياسيين وتأثر الفلسفة العسكرية، فضلا عن الخلل الميداني الكبير، الذي ترتب على عدم امتلاك العراق لطائرة هجوم أرضي نفاثة واحدة، كأحد إفرازات الصراعات السياسية، والعقاب الأميركي للعراقيين، بسبب الشحن الذي أدى إلى الانسحاب العسكري الأميركي الشامل من العراق. وبعد 5 أشهر من سقوط الموصل، وشن التحالف ال

وجها لوجه.. الرئاسات العراقية و«الدواعش»

لم تقف الرئاسات العراقية الثلاث التي جرى تغييرها بالانتخابات الأخيرة بمفردها في التصدي لحرب «الدواعش»، فقد تشكل التحالف الدولي حتى لو كان دوره محدودا، ووقفت إيران إلى جانب الحكومة العراقية بوسائل متعددة؛ من بينها المشاركة المباشرة في المشورة وغيرها من مسائل القيادة والسيطرة ودفع مجموعات صغيرة من الوحدات، ووردت تقارير كثيرة ونشرت صور عن مشاركة الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، في ترتيب الدفاع عن بغداد ومعارك شمال ديالى وعمليات جنوب بغداد. وأميل إلى ترجيح صحة التقارير، فقد كانت آثار الصدمة النفسية كبيرة خلال الأيام والأسابيع الأولى التي أعقبت سقوط الموصل.

«الدواعش» بين الاستهانة والتضخيم

حالة التنافر بين المحافظة والمركز وبين المحافظ وقيادة العمليات ساهمت في سقوط الموصل، خارج الحسابات المفترضة. وفي 8 يناير (كانون الثاني) 2014، نبهت من خلال «قناة البغدادية» إلى أن الوضع الأمني إذا ما تدهور في الموصل فسيكون أصعب 100 مرة من الوضع في الأنبار. وفي 7 يونيو (حزيران) 2014، ذكرت في قناة «العربية الحدث» أن الموصل «ستسقط بأسرع من البرق» إذا ما سُحبت قوات الأمن، وهو مطلب كان مطروحا من قبل مسؤولين محليين.

مناورة عين العرب «كوباني».. أين الخلل؟

منذ البداية قلنا إن توجيه الجهد الرئيسي للضربات الجوية لقوات التحالف الدولي لمجابهة نفوذ «داعش» في سوريا ليس خيارا صحيحا، بل يجب دحره على الأرض العراقية وحصره في سوريا تمهيدا لتدميره نهائيا، إلا أن فهم هذه المعادلة تطلب بعض الوقت من قبل المخططين الأميركيين، ولا بأس في ذلك على أن يجري الالتزام بهذا التوجه عمليا وتكثيف الضربات من ارتفاعات منخفضة. وإذا كان فعل الصدمة قد تسبب في وقوع انتكاسة الموصل وتكريت، فإن بعض ما حدث منذ الأسبوع الثاني للحرب الدائرة على الأرض العراقية قد تخطى الحسابات المنطقية، حيث كان المفروض عدم سقوط تلعفر وسنجار ومناطق سهل نينوى ومدن غرب الرمادي، وهو ما عكس صورة الهلع الذي

الكرد و«الدواعش» والسلاطين

ترد رسائل وتعليقات استفسارا عن سبب عدم الكتابة حول الدور الإيراني وما يدور في فلكه، فلو تكرموا بمراجعة أرشيف جريدة «الشرق الأوسط» لحصلوا على إجابة وافية مما سبق أن كتبت من عشرات المقالات. أما الآن، فالتهديد الرئيسي - وفقا لما أرى - يأتي من «الدواعش» ومن والاهم وسهّل لهم وحاول التضليل من العراقيين في بداية عدوانهم على العراق، ومن قدم لهم تسهيلات المرور والدخول.. وتبقى مراعاة الوقت والزمان والأحداث ضرورية في تحديد الأسبقيات والاهتمامات المفترضة. الإخوة الكرد ينزعجون من استخدام كلمة الأكراد، ويقارنون الفارق بين الكلمتين بالفارق بين العرب والأعراب.

استراتيجية تدمير «داعش» وأسوأ القرارات

لم يظهر أن العالم كان مدركا لخطورة تنظيم «داعش» قبل أن يجتاح الأراضي العراقية. وعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي فرضت على الجماعات السورية المعارضة بما في ذلك «الجيش الحر»، نتيجة عدم القدرة على التحكم بحركة السلاح هناك، فلم تتخذ أي إجراءات ضد «داعش»، الذي يمثل الوجه الأخطر من وجوه تنظيم «القاعدة»، ربما لأنه كان يقاتل النظام السوري بين فترة وأخرى، بصرف النظر عما قيل عن نشأته وارتباطاته.

لماذا أطلق «الدواعش» المحتجزين الأتراك؟

الحقلان الإعلامي والدبلوماسي هما الأقرب إلى أجهزة الاستخبارات، فنسبة كبيرة من نشاطات عمليات جمع المعلومات تعتمد على المصادر العلنية التي يتمكن الإعلاميون من تحريكها وفق الاتجاه المطلوب، أما النشاطات والمؤسسات الدبلوماسية الخارجية فتؤمن المزيد من أغطية التستر على نشاطات التجسس، فهل يعقل عدم وجود عدد من ضباط الاستخبارات ضمن موظفي القنصلية التركية في الموصل الـ49، الذين قبض عليهم «الدواعش» وبقوا محتجزين لأكثر من ثلاثة أشهر؟

ما السبيل إلى تحرير العراق؟

الذين يظنون أن العراق محتل من قبل إيران ووجدوا في العنوان ما يثير الشجون قد بالغوا كثيرا في تصورهم لعمق الهيمنة الإيرانية، ومع أن لإيران نفوذا قويا إلا أنه لا يشكل تهديدا جديا على مستقبل العراق، فدولة كالعراق لا يمكن أن تبتلع ولا أن تكون مسيّرة على المدى الاستراتيجي.

وسقط النقاب

القصة عراقية، عربية، إقليمية، دولية، ولم يسقط النقاب عن وجه بعينه، بل سقط عن وجوه وطنيين مزيفين، وعن مدعي كفاءات وقدرات خارقة، وعمن عرقلوا تسليح الجيش العراقي وملأوا الدنيا بتظاهر الرعب مما سيحدث، وسقط عن وجوه الجهلاء وتجار السياسة.. فلم يتعرض بلد لهذا العدد الكبير والخطير من «المؤامرات»؛ فالمؤامرة كانت حاضرة فعلا في كل فعل حدث حتى أصبح الشك قائما في التصرفات والأفعال العفوية.