آيلين كوجامان

آيلين كوجامان
كاتبة معلقة ومحللة في التلفزيون التركي

كلا.. تركيا لم تتجاهل الغرب

ما نوع المكان الذي سيصبح عليه العالم إذا ما كانت تركيا، المدخل إلى الشرق الأوسط ونقطة الالتقاء بين أوروبا وآسيا، تجسيدا لليمين المتطرف من خلال استراتيجية تستند إلى العنف، أو لو كانت قد انحازت إلى معاهدة وارسو السابقة؟ هل تساءلت من قبل على الإطلاق ما الذي قد تسفر عنه سياسات الشرق الأوسط التي يتبناها العالم العربي أو أميركا أو أوروبا أو إسرائيل؟ دعوني أعرض الصورة بشكل حي لكم؛ في تلك الحالة الراهنة، سيكون لا يزال لدى الغرب أصدقاء في الشرق الأوسط، مثل الأردن، لكنني أشك فيما إذا كان لديه دولة كانت معقلا ونقطة محورية لكافة صنوف العلاقات الاستراتيجية بين العالمين العربي والغربي في الشرق الأوسط.

لماذا تركيا؟

ليس سرا أن يكون لدى الكثير من المحافظين الجدد خطط طويلة الأمد، أو بالأحرى خطط غير سارة لمنطقة الشرق الأوسط، فلم يخف الرئيس السابق جورج دابليو بوش والمحافظون الجدد الذين أداروا البلاد آنذاك هذا الأمر على الإطلاق، وقاموا بتنفيذ مخططاتهم في الشرق الأوسط مستندين إلى عدد من الذرائع. وعندما نتحدث عن أفغانستان والعراق، نرى أن هدفهم كان خلق حالة من الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط. لم يتمكنوا من تنفيذ ما أرادوا، لكن يبدو أن الظروف الراهنة منحتهم بعضا مما أرادوه.

تركيا والصومال

في فترة وجيزة، رأى الشعب الصومالي أن زيارة تركيا كانت مختلفة عن زيارات أخرى. بالفعل أتى ممثلون عدة من دول كثيرة إلى الصومال، لتقديم المساعدات الإنسانية، لكن لم يعبأ أحد قط بتقديم الصومال إلى العالم على مستوى الحكومة. جاء تمثيل الحكومة التركية في البداية، من خلال رئيس الوزراء والوزراء. بعدها، قاموا بزيارات لمزيد من المرات. في الصومال، فُتحت المدارس والمستشفيات بدعم من تركيا، وجرى تعيين أطباء وأكاديميين أتراك. وبعدها، اتخذت تركيا خطوة مهمة وشجاعة بفتح سفارة تركية هناك.

تركيا: من جيزي إلى إرساء الديمقراطية

في طفولتي، كان من المثير للاهتمام والغريب نوعا ما أن أرى الناس يتحدثون بلغات مختلفة مع كونهم جميعا أتراكا. وقلما كنت أجد ردا على سؤالي، «أي لغة يتحدثون؟» دائما ما كان هناك مسنون حولي يحدثونني قائلين: «تحلي بالهدوء». لم يرغبوا في إحراجهم، لكن لم يتسن لي مطلقا أن أفهم لماذا يجب أن يشعر هؤلاء الذين يتحدثون بلغة مختلفة بالحرج. دائما ما كان هناك أكراد وأشوريون وأرمن ورومانيون. كنا ذلك الشعب: دولة إسلامية ديمقراطية توجد بأقلياتها وتضم شعوبا وأعراقا وديانات مختلفة. وبعد أن أنشأ أتاتورك جمهورية تركيا، اعتبرنا الأرمن قادتنا ووصفناهم بلقب «المخلصين». لقد كان لدينا وزراء ورؤساء وزراء من أصل كردي.

هل الأسلحة النووية هي المشكلة بحق؟

في ما يتعلق بانتشار التأثير الروسي الذي امتد حتى شرق الأناضول بعد عام 1878، اقترح شاه إيران إنشاء «اتحاد دول إسلامية» وتلقى رد فعل إيجابيا من إسطنبول. وعلى الرغم من ذلك فإنه بعد فترة قصيرة هيمنت المصالح الوطنية والتكافل الديني، ولم يتسن الإبقاء على التعاون. في تلك الفترة واجهت إيران تهديدا عظيما واحتاجت لدعم هائل! ولهذا، دعت للاتحاد مع الإمبراطورية العثمانية، أضخم إمبراطورية في ذلك الوقت. ذكر موقعها الجغرافي إيران بهذه الحقيقة المهمة «لا يمكنك أن تظل وحيدا!».

ما المواضع التي انحرفت فيها الأمم المتحدة عن الطريق الصحيح؟

أنشئت الأمم المتحدة عام 1945 في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، واجتمعت كافة الدول على هدف واحد وهام وهو «حماية السلام والأمن الدوليين وإقامة تعاون ثقافي واجتماعي». وكان هناك شرط واحد فقط للحصول على عضوية الأمم المتحدة، وهو إعلان الحرب على ألمانيا واليابان. وحتى الدول التي لم تشارك بشكل فعال في الحرب العالمية الثانية، مثل تركيا، جرى النظر إليها على أنها فعلت ذلك. ولعل الشيء المثير للسخرية حقا هو أن يجري تشكيل مجلس سلام على أساس «الحرب»! وقد فرضت الحرب العالمية الثانية ضرورة لإقامة مثل هذا الاتحاد، ولا سيما بالنسبة لتلك البلدان التي شاركت في الحرب.

انسحاب روسيا

نحن بحاجة إلى الاستفادة من القيادات الحالية في الولايات المتحدة وروسيا، القوتين العظميين في العالم، فمن ناحية هناك بوتين، الذي أسدل الستار على تلك الصفحات المظلمة من الشيوعية في تاريخ روسيا، والمعروف باعتداله وموقفه المحايد تجاه الأديان، والذي يفضل التفاوض على الحرب. وما يؤكد هذا التحليل هو تلك…

لا أريد أن أخسر صديقي

تخيل قابيل أن قتل أخيه سيكون حلا؛ فقتل أخاه هابيل. وبين له غراب كيف يدفن جثة أخيه. بعدها، ندم قابيل على ما اقترفه؛ وفي واقع الأمر، جسد هذا الندم من جانب قابيل على أفضل نحو سيكولوجية القتل. في البداية، اعتبر القتل أمرا هينا ومقبولا، ثم عاد ليندم على فعلته. لاحقا، اعتادت المجتمعات على القتل. حتى إن سقوط القتلى بات أهون، ولم يعد يتبعه شعور بالأسف في أغلب الأحيان. دائما ما يلجأ الباحثون عن حلول إلى الأسلحة. تم إنتاج المزيد من الأسلحة، لكن لم يكن هناك حل مطلقا. لو كان القتل حلا لما أضحى هناك المزيد من المتطرفين الذين يمثلون أهدافا للأسلحة في العالم، ولما تأجج المزيد من الغضب.

بإمكان إيران وتركيا المساهمة في حل الأزمة السورية

من كان يتخيل قبل ثلاث سنوات من الآن، عندما كان الأسد في أوج قوته، أن الأوضاع في سوريا ستصل إلى ما آلت إليه اليوم؟ من كان يتخيل تدمير البلاد ومقتل 100 ألف شخص وهجرة مليوني سوري للعيش في معسكرات للاجئين في بلدان أخرى؟