مصطفى أحمد النعمان

مصطفى أحمد النعمان
سفير وكاتب يمنّيّ عمل وكيلا لوزارة الخارجيّة

بين الدكتور والسيد

في مقابلة نادرة أجرتها صحيفة «26 سبتمبر» مع «الدكتور» عبد الكريم الإرياني، طرح رؤيته للأحداث كما عايشها وكان واحدا من صناعها، وعبر فيها عن قلق وخوف شديدين لمآلات الأوضاع على الساحة اليمنية باعتباره شريكا أصيلا في حلوها ومرها، ورغم أن اعترافاته جاءت متأخرة، فإن طبيعته الإنسانية، التي اعتاد عليها طيلة سنوات عمله السياسي في الميدان اليمني كمساهم في تفاصيلها وعارف بنتوءاتها ومؤثر في توجهاتها، كانت تمنعه من التعامل المستمر مع الإعلام، وكان دوما يفضل امتصاص الخلافات والسعي لإشاعة روح من التفاؤل والابتعاد أحيانا عن الواقع حتى لا يصيب الناس بالمزيد من القلق..

اليمن بين القلق الخليجي والعبث الداخلي

أظهرت الفقرات المتعلقة بالوضع اليمني في البيان الصادر عن القمة الخليجية الأخيرة التي انعقدت في الدوحة قبل أيام قلق دول مجلس التعاون وانغماسها الإيجابي المأمول في متابعة ما يجري على الأرض، وأوضحت صياغته اهتماما مشروعا وحرصا متوقعا على الاستقرار ودعم الرئيس هادي في محاولاته الحثيثة والمتعثرة لتجاوز ما يعترض رغبته وحرصه على الانتهاء من المرحلة الانتقالية، وحسنا صنعت دول المجلس في التشديد على حتمية الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، مما يعني ضرورة الانتقال إلى الانتخابات بشقيها الرئاسي والنيابي في أسرع وقت بعد الانتهاء من مراجعة الدستور الذي يجري إعداده ومن ثم تقديمه لاستفتاء ش

اليمن: حدث وحادثتان

حدث وحادثتان جرت وقائعها الأسبوع الماضي، ولا بد أن تترك آثارها على الواقع السياسي اليمني لفترة مقبلة. الحدث هو اللقاء الذي جرى في صعدة بين «السيد» عبد الملك الحوثي وممثلين عن حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأهمية اللقاء ليست بنتائجه التي لا أتوقع خروجها عن نطاق تواصل الضرورة بعد البيان الذي أصدره الحزب، وأظهر نصه ضعف موقفه وعدم قدرته على القيام بدراسة نقدية داخلية جادة تكشف قصور قياداته وتمسكها بالارتباط بالحاكم - أي حاكم - واستمرار خلطه بين السياسة كفعل متغير والدعوة الدينية باعتبارها عملا يجب النأي به عن ألاعيب السياسة وحيلها وتحولاتها. الحوار بين حزب الإصلاح وأنصار الله مطلوب ومهم وحيوي في كل ا

الدور السعودي المأمول في اليمن

صار من المؤكد أن يأتي فبراير (شباط) 2015 واليمن يواصل العيش تحت شعار المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي في فبراير 2014 لولا إصرار البعض على مواصلة العبث وإرباك العملية السياسية في مراحلها الأولى، وانهماك الأحزاب بتثبيت حصصها في الحكم. وساهم جمال بنعمر، مبعوث الأمم المتحدة، في مسايرتها والاندماج في دوره الأممي والاستمتاع بمزاياه، وكرر استخدام عبارته الأثيرة والمحببة «العملية السياسية مهددة بالانهيار»، وبرع في إيجاد كل مبررات تمديد مهمته عبر السعي للتمديد لكل الهيئات القائمة تحت عنوان «المرحلة الانتقالية ليست محددة بفترة زمنية، ولكن بمهام يجب الانتهاء منها».

اليمن.. بوصلة مفقودة

شهدت الأسابيع الماضية في صنعاء ارتفاعا في درجات العنف السياسي اللفظي - حتى الآن – بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، وتحديدا بين الرئيسين الحالي عبد ربه منصور هادي (نائب رئيس الحزب وأمينه العام)، والسابق علي عبد الله صالح (رئيس الحزب)، ودخلا في سباق عبثي غير مألوف داخل التنظيمات السياسية المنضبطة حاول معه كل طرف إضعاف الآخر، استخدم فيه الأول موقعه الرسمي، بينما أدار الثاني الخلاف مستعينا بأدوات الحزب الذي صنعه بنفسه في مطلع الثمانينات، وكذا نسيج علاقاته التي تشكلت على مدى 33 عاما قضاها في الحكم، وما زاد من الافتراق بين الرجلين هو الاتهام الذي وجهه مجلس الأمن للرئيس السابق بعرقلة عملية الانتق

الحكومة الجديدة: الاقتصاد والدستور

يتعرض اليمن منذ ثلاث سنوات لعملية نهب منظمة لدور الدولة وتدمير ما تبقى من بنيتها الاجتماعية والسياسية والإدارية، وشارك الكل بحسب قدراتهم في اللهث وراء اقتسام ما توهموا أنه تركة نظام رحل وتصوروا أن وجوده قد انتهى أو تقلص داخل هياكل المؤسسات القائمة، وساهم في خلق هذا السراب اندفاع، من دون تردد ولا كلل، من المجتمع الدولي لتأييد النظام الجديد وإغراقه بالوعود التي انتهت إلى كلمات لا تشبع جائعا ولا تعالج مريضا..

محمد عبد الملك المتوكل.. غياب العقل

نبأ اغتيال الدكتور محمد عبد الملك المتوكل يوم الأحد الماضي كان صادما ومفجعا لي على المستوى الشخصي، ولكل يمني كان يحلم بأن مشروع الدولة المدنية التي نادى بها وعمل من أجلها ودفع حياته ثمنا لها، سيرى النور. وأراد قاتلوه أن ينال محمد ما يستحقه من عقاب جزاء اعتداله ودفاعه عن الحق أيا كان مستحقه وتنديده بالظلم أيا كان متلقيه وإصراره على أن بناء الدولة يسبق كل حديث..

مجلس التعاون لا مجلس الأمن هو المعني باليمن

كشفت الأسابيع القليلة الماضية هشاشة السلطة، التي أوصلت البلاد إلى مرحلة تهاوت فيها هياكل الدولة بفعل أفراد وأحزاب جشعة، وكان الأداء السياسي فاضحا بعجزه عن التعامل مع الواقع، وعدم قدرته على استشراف المستقبل، وخاملا في بذل الجهد لتحسين سلوكياته المتردية، لذلك لم يكن مفاجئا ولا مستغربا أن تصبح السلطة الحالية حبيسة المفاهيم والأساليب والسلوكيات نفسها التي كانت سمة عهد الرئيس السابق، وأن تستخدم نفس الشخوص والآليات، وصار واجبا طرح السؤال: ما الذي تحقق منذ رحل صالح؟ كان صالح يدير السلطة بعيدا عن المؤسسات الدستورية، مكتفيا بدائرة صغيرة من أقارب ومقربين ومستشارين ما زال أغلبهم متصدرا المشهد اليوم، وإنْ

وهم السلم والشراكة في السياسة اليمنية

التقيت، خلال المشاركة في «منتدى أبوظبي الاستراتيجي» الذي دعا إليه «مركز الإمارات للسياسات»، بعدد من المتابعين للشأن اليمني، ودارت نقاشات حول مجريات الأوضاع ومحاولات فهم كيفية تدهورها وانزلاقها بسرعة فائقة نحو هاوية سحيقة، واستشراف القادم وموجهاته.

«أنصار الله» بين حديث الخيانة والسياق الطبيعي

لم تكن سيطرة «أنصار الله - الحوثيين» على صنعاء مفاجأة إلا من حيث السرعة المذهلة التي اختفت خلالها كل مقاومة إلا لفترة قصيرة انهارت بعدها واستسلم الجميع إثرها لأمر واقع جديد تحولت فيه سلطات الدولة إلى أثر بعد عين، وتمكنت القوة الجديدة الشابة الصاعدة من إحكام قبضتها على مجريات الشأن العام، وتحولت بقية القوى السياسية إلى متابع حصيف لا يتعدى نشاطاتها إصدار البيانات المملوءة بلغو الكلام الذي لا ينافسها إلا مفردات السفراء الغربيين والبيانات التي تصدرها ما تسمى مجموعة السفراء العشرة في صنعاء، وحين سقطت العاصمة بعد عمران واختفى الحديث عن الخطوط الحمراء بدأ الكل يتساءل عن الهدف التالي وما إذا كان «أنصا