مأمون فندي
أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورجتاون سابقاً، ويعمل الآن مديراً لمعهد لندن للدراسات الاستراتيجية. كتب في صحف عديدة منها «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و«فاينانشال تايمز» و«الغاردين» وبشكل منتظم في «كريستيان ساينس مونوتور»، و«الشرق الاوسط». له كتب عديدة بالإنجليزية والعربية آخرها كتاب «العمران والسياسية: نظرية في تفسير التخلف 2022».

جرة قلم وليس قلمنا

يظن كثيرون منا ممن يمتهنون الكتابة، وكذلك جماعة معركة كسب العقول والقلوب، أنهم وحدهم من أوصلوا المتطرفين والجماعات الإسلامية بتنويعاتها وتفريعاتها إلى أن التطرف ليس سبيلا للعيش في الدول والمجتمعات الحديثة. ويظن كثيرون ممن تخصصوا في دراسات أفكار الجماعات الدينية أن أقلامهم كانت هي السحر الذي قضى على التطرف والإرهاب. الحقيقة الساطعة كشمس الظهيرة هي أن جرة قلم أخرى هي التي حسمت المعركة ضد التطرف، لا تجديد الخطاب ولا النصح ولا المراجعات.

الخروج الكبير وبناء الدولة

لافتة، حالة الخروج الآيديولوجي الذي نشهده اليوم في المملكة العربية السعودية وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بدرجاته المتفاوتة، والذي أراه انطلاقة موفقة لبناء الدولة الحديثة في محيط عربي كان بلاؤه الأول هو التلوث الآيديولوجي ضمن بلاءات أخرى، فهل تخلُّص الدولتين من براثن الآيديولوجية كافياً لبناء دولة حديثة بالمعنى الغربي للحداثة؟ ولكن قبل الاستفاضة في الفكرة التي قد تطول لأكثر من مقال: ما هو الخروج الآيديولوجي أولاً؟ وهل الخروج الآيديولوجي والقطيعة المكانية والفكرية هي الحل الأمثل إذا أردنا بناء كيان مختلف عن سابقه؟ وهل هناك أمثلة تاريخية على هذا الخروج؟

وحشية ما بعد الحداثة؟

حفزني مقال مهم للأستاذ حازم صاغية في هذه الصحيفة بعنوان «ما بعد الحداثة... ما قبل ماذا؟»، الذي انتهى فيه إلى القول: «وربّما جاز القول إنّ ما بعد الحداثة واحدة من ظاهرات ما قبل الكوارث الشعبويّة التي تتفجّر بربريّتها اليوم».

حوار تحت وطني

الحوار الوطني ليس اختراعنا ولا خصوصية لنا فيه، فقد أشرفت الأمم المتحدة على مجموعة من الحوارات في كل القارات: الحوار الوطني في المكسيك 1995 - 1996، وفي بنين 1990، وتوغو وجنوب أفريقيا ومالي (1991)، والكونغو الديمقراطية (1999 - 2003)، وأفغانستان 2002، ولويا جيرجا أو نيبال 2008 - 2012، وأخيراً الحوار الوطني الإثيوبي الذي فشل فشلاً ذريعاً في احتواء جبهة تيغراي.

سويس سعودي؟

هناك أحداث تمثل إما نهاية إمبراطوريات أو بزوغ أخرى. وهنا أدعي أن الاتفاق السعودي - الإيراني إذا ما وصل إلى نهايته المنطقية، وهي ترتيب نظام أمن إقليمي جديد، فقد يكون هذا الاتفاق أشبه بحرب السويس عام 1956، التي كانت علامة على نهاية الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، وبزوغ الإمبراطورية الأميركية في الشرق الأوسط؛ ليس نهاية الإمبراطورية البريطانية وحدها، وإنما الفرنسية أيضاً. تبعات حرب السويس أكدت على ظهور قوة جديدة في العالم بشكل لافت، خصوصاً عندما أعلن دوايت أيزنهاور أنه لن يساعد بريطانيا في أزمتها الاقتصادية، إلا عندما تعلن التزام خروج قواتها من منطقة السويس، ورضخ الإنجليز للطلب الأميركي.

لماذا ينجح السعوديون ويفشل كثيرون من حولهم؟

سؤال: «لماذا ينجح السعوديون ويفشل كثيرون من حولهم» يبدو بسيطاً، ولكن الإجابة على هذا السؤال شديدة التعقيد ولا يكفيها مقال واحد في صحيفة. بدايةً، قد يخيب ظنك إن ظننت أن هذا مقال إطراء أو مديح، فالسياسة علم يتطلب التوقف عند الظواهر السياسية والاجتماعية لمحاولة فهم ما يجري. في كتابه «لماذا تفشل الدول (why nations fail)» يحدد أستاذ السياسة في جامعة شيكاغو جيمس روبنسون ملامح وعلامات نجاح الدول مقابل فشل بعضها. أولها، من وجهة نظره، هو أن الأمم الناجحة هي تلك التي تسعى من خلال إدارة جيدة لرفع مستوى معيشة المواطنين داخل حدودها، أما الدول الفاشلة فتلك التي تعيش نسبة عالية من مواطنيها تحت خط الفقر.

السياسة العربية والكوارث الطبيعية

رغم المساعدات التي قُدّمت من دول المنطقة استجابة لكارثة الزلزال الأخيرة التي ضَربت كلاً من تركيا وسوريا، فإنَّ الكارثة كشفت القصور الذي يجب على دول الإقليم تداركه لمواجهة أزمات شبيهة بسرعة أكبر وكفاءة أعلى. وهذا يتطلب ورشَ عملٍ جادة داخل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية. وفي مثل هذا العمل لا يمكننا التعامل مع القضايا الإنسانية فحسب، ولكن ينبغي أيضاً تحسين آليات التنسيق بين دول الإقليم على مستوى علاقاتها الدولية. سياسة الكوارث أو القضايا الأدنى في العلاقات الدولية لديها القدرة على المحافظة على الكيانات السياسية القائمة، حتى لو تعرضت لهزات عنيفة.

عبء الرجل العربي... وجهة نظر

عبء الرجل الغربي؛ تلك النظرية التي سادت في الغرب في القرن التاسع عشر ترى أن الاستعمار كان ضرورة لتمدُّن الشعوب المتخلفة وتحضرها، وعلى الرجل الغربي أن يحتل هذه البلدان كي يمدنَها ويدخلَها في ركب الحضارة، وكان ذلك تبرير الغرب للهيمنة والاستعمار في أفريقيا وآسيا. عبء الرجل الغربي منح الاستعمار بُعداً أخلاقياً يقول إن على الرجل الأوروبي أن يتحمل كل هذه المتاعب والصعاب من أجل أن ينقل أهالي المستعمرات من حالتهم البدائية إلى حالة مدنية. كنتُ أتخيل الرجل الغربي رسماً كاريكاتورياً محمّلاً بهذا العبء الذي يكاد يقصم ظهره، كلما قرأتُ نصاً يتحدث عن عبء الرجل الغربي أيام الصبا، وكنت أقول في نفسي: لماذا لا ي

معضلة تذكر يناير

في مثل هذا الشهر، يناير (كانون الثاني) 2011، انفجرت في مصر أحداث كبرى أدت إلى تنحي رئيس الجمهورية الراحل محمد حسني مبارك عن الحكم، لكن كيف نتذكر تلك الأحداث؟ من أي منظور؟ ومن يتذكر؟ وهل من ينكرون الذكرى هم خونة لتاريخ قريب، عليه شهود أحياء، أم أن ذلك طبيعة المخ البيولوجي البشري؟ ولا أقول العقل، لأنني أعني البيولوجيا فقط هنا، وهل هذا الانتقاء والنسيان من طبيعة المخ؟ وليس عن قصد، وهل المخ يبالغ أحياناً في تذكر أحداث صغيرة ومنحها دلالات ومعاني لم تكن موجودة فيها لحظة حدوثها؟! أم أننا نتحدث عن سرديات منافسة لثورة يناير؛ حيث رآها البعض ثورة من أجل التغيير، ورآها آخرون نذير شؤم وخراب.

القوة الذكية للدولة

القوة الذكية (smart power) هي المفهوم الذي طرحه المفكر السياسي الأميركي جوزيف ناي، كحلقة أخرى في فهم طبيعة القوة واستخدامها في العلاقات الدولية. والقوة الذكية للدولة هي باختصار تضافر القوة الخشنة مع القوة الناعمة أو عندما يكون هناك توافق بين القوة الناعمة والقوة الخشنة.