قرية مطربا: حدود تفصل العائلة الواحدة (الحلقة الثانية)

قرية مطربا: حدود تفصل العائلة الواحدة (الحلقة الثانية)

عند معبر مطربا حاجز للجيش اللبناني ثم موقف للسيارات، ثم عناصر الهجانة السورية. اما الحدود فهي ساقية صغيرة. مطربا هي قرية زراعية فقيرة.
نصف أراضيها تقع في الجهة اللبنانية والنصف الآخر في الجهة السورية. هذا الواقع جعل الحركة نشيطة بين «شطريها». بيوتها متواضعة. والجولة في المناطق الحدودية تكشف ان البيوت المتواضعة تدل على عدم وجود نشاط واسع للتهريب يظهر مردوده على الاهالي وأملاكهم.

يقول علي ناصر الدين الذي يعمل في موقف السيارات بين شطري القرية: «هذه الأرض سورية، إلا ان ملاكيها لبنانيون». ويشير بيده الى الجهة المواجهة حيث يجلس اثنان من الهجانة بهدوء الى جانب مقرهم حيث يرفرف العلم السوري. لكن هدوءهم لم يستمر طويلا، فقد جذب حضورنا نظرهم. وقفوا واستنفروا استعدادا لقمع اي تصرف يزعجهم، لاسيما تصويب عدسة الكاميرا باتجاههم. قال لنا الشباب في موقف السيارات بين ضفتي الساقية: «رجاءً لا تلتقطوا الصور. انتم تذهبون ونحن ندفع الثمن. يقطعون الطريق ويقطعون رزقنا. عندما ضبطوا صحافيين يصورون منعوا الجميع من المرور». أعدت الكاميرا الى الحقيبة. أضاف ناصر الدين: «عندما كان الجيش السوري في لبنان كنا نعبر من دون قيود. لكن بعد خروجه صاروا يسألون عن بطاقات الهوية. ولا يسمحوا بالعبور لأي كان. صارت الحدود تفصل العائلة الواحدة. ذهب وفد من الأهالي الى العميد المسؤول عن المعبر. بعد ذلك عادوا وسمحوا لأبناء المنطقة بالدخول والخروج».

المعاملات المدنية للسكان اللبنانيين تتم في الهرمل. لكنهم يقيمون في سورية. قال أحدهم: «اذا رسموا الحدود أين يذهب الناس؟ كلهم يسكنون تحت. قرية السماقيات ايضا تعيش المشكلة إياها. جميع السكان لبنانيون، فيها 300 مقترع من آل صقر. وكذلك قرية زيتا». هذا التقسيم للحدود حمل معه انقساماً لبعض العائلات، حيث ان كثيرا من أبناء القرى الحدودية المجاورة ينتسبون الى العائلة الواحدة وكل يحمل جنسية البلد التابع اليه. وبعضهم يحمل الجنسيتين ويقترع في الدولتين، وبالطبع وفق كلمة السر التي يتم فرضها عليه. هذه الحالة الاجتماعية وطبيعة الحدود ونمط الاقتصاد وتزامن المواسم الزراعية وسهولة حركة التنقل امنت المناخ الملائم لانتقال البضائع بين البلدين بداية وفقا لحاجة العرض والطلب ولقدرة تأمين البضائع بالأسعار المتدنية ولتصبح في ما بعد عملية كبيرة للتهريب بين لبنان وسورية، حيث لم تنفع كل الاتفاقيات التي عقدت بين البلدين لتنظيم عملية نقل البضائع طوال العقود الماضية او تلغيها او تحد منها ان كان بسبب صعوبة حلها او لغياب القرار السياسي الفعلي لحل هذه الأزمة.

يقول حسن ناصر الدين: «منذ وعينا هذه الاراضي سورية. عملنا هو نقل الركاب اللبنانيين منها الى داخل الاراضي اللبنانية. معظمهم يعبرون على الدراجات النارية. منهم فلاحون يذهبون كل صباح الى ارضهم يعملون في رعايتها ويعودون مساء. وذلك في الاتجاهين. يصلون الى هذه النقطة ثم نتولى نقلهم. عندما يشدد الهجانة نفقد ركابنا».

وجودنا يستفز الهجانة على القاطع الآخر. يقومون بترتيبات عاجلة. يقترب منا شاب على دراجة نارية. يقول: «انهم يضيقون علينا ولا يسمحوا لنا بالمرور». ثم يسألنا عن سبب وجودنا. وعندما يعرف. يعود ليسأل اي صحيفة؟ اعطيه اسم صحيفة محلية لا تسبب حزازات. يسأل عن اسم صاحبها. وقبل ان يغادر يحذرنا فيقول: «لا تدخلي في المحظور». يفهم مرافقي ان علينا الانسحاب قبل ان يطلب أحدهم بطاقة مهنية. نغادر معبر مطربا. ويعود سائق الدراجة المعترض الى الجهة المقابلة، يتهامس مع الهجانة ويتابع سيره باتجاه الأراضي السورية.

هذه هي حدود الأسئلة على الحدود الفاصلة بين سورية ولبنان في الهرمل. الحصول على المعلومات لا يتم على قارعة الطريق. يجب الدخول الى منزل أحد المواطنين. ويجب ان يكون هذا المواطن موضع ثقة. وإلا لا يكتمل الموضوع. يقول مرافقي: «رجاء توخي الحذر. كل ما يلفت الانتباه يتم التبليغ عنه. وقد لا نستطيع انجاز الموضوع إذا لم يعجبهم الأمر. كذلك تذكري أنك ستعودين الى بيروت. اما أنا فسأبقى هنا. ولا أحتاج الى المزيد من المتاعب».

القمع الذاتي وسيلة لدى أهالي هذه المنطقة المتداخلة لتجنب القمع الخارجي. يقول أحدهم: «نحن لسنا مع أحد. ولا نريد التصادم مع أحد. ليست الحدود هي وحدها المتداخلة وانما نسيج الحياة كله متداخل مع بعضه البعض. الاولاد الذين يعجز أهلهم عن دفع تكاليف تعليمهم هنا (لبنان) يذهبون الى المدارس هناك (سورية). فهي مجانية بالكامل والكتب كذلك مجانية. والأهم ان العلاج لا يكلف عشر ما يكلفه في الهرمل». وهكذا يتعلم اللبنانيون في مدارس سورية ثم يعادلون شهاداتهم في دوائر وزارتي الخارجية والتربية في لبنان. كذلك هناك نسبة لا بأس بها من الأطباء الذين درسوا في جامعات سورية ثم عادوا ليعملوا في الهرمل. يقول ناصر الدين: «منهم حسن زعيتر وحسن جعفر. وغيرهما كثيرون». ويشير الى وجود نسبة كبيرة من العائلات الشيعية السورية على امتداد الحدود المتداخلة، وهناك تزاوج عبر الحدود وبنسبة كبيرة. حتى ان معظم العائلات مقسومة بين الجهتين. في حرب يوليو (تموز) 2006 فرغت القرى المتاخمة للحدود في الهرمل. هربنا الى سورية».

الحاجة ماسة الى فتح الحدود بين الجانبين السوري واللبناني في هذه المنطقة المحرومة من لبنان. لماذ؟ يقول ابو محمد: «لأن الفرق كبير في الاسعار. يصل الى 50% في المائة او أكثر. المواد التموينية مدعومة في سورية. الخضار والفاكهة أرخص».

خوف لبناني من مرسوم سوري يحدد استملاك الأجانب

* يعتبر احد سكان الهرمل ان القرى الحدودية مثل مطربا والقصر هي ارض خاضعة للمخابرات. لا أحد يعرف ماذا يجري فيها. ويضيف ان النشاط المخابراتي فيها هو ما يجب ان يشغل البال. لكنه لا يوضح أكثر، كأنه يلجم لسانه عن الكلام. نكتشف ان هناك من اقترب. هو مروان. يعرف عن نفسه ويضيف ان ما يحصل عبر الحدود هو إيجابي أكثر منه سلبي. ويرفض ترسيم الحدود لأن سكان المنطقة المتاخمة هم 90% لبنانيون. يقول: «عمليات التهريب في الاراضي الحدودية في سهلي بلدتي القصر والقاع حيث التداخل بين المنازل والأراضي يصعب فيها تحديد مكان الإنتاج وكميته ونوعيته. هنا تخضع عملية تهريب للبضاعة تبعا لسعر السوق والطلب والعرض. أحيانا ينقل المزارع السوري كل انتاجه الى لبنان عبر جيرانه. يبيعه في الأسواق اللبنانية. كما يمكن ان يحصل العكس، خصوصا والحال هذه ان أصحاب المشاريع من اللبنانيين والسوريين يحرصون على تأمين كلفة انتاج محاصيلهم من البلد الذي يوفر لهم اسعاراً اقل. والعمليات الحدودية بين لبنان وسورية معقدة يصعب حلها بسن القوانين او الاتفاقيات التي لا تساوي بين المصالح المشتركة للمواطنين، لأن عمليات التهريب هي كرأس المال الذي يبحث عن المجرى السهل للربح ويعبره». ثم يضيف: «الخوف ان نخسر هذه الأراضي. اذا قرر الرئيس السوري بشار الاسد اصدار مرسوم رئاسي يحدد فيه ملكيات الاراضي للاجانب. ماذا سيحل بنا؟».

وينفي مروان وجود نزاع كبير على ترسيم الحدود في المنطقة. لكنه ينتقد اداء الدولة اللبنانية حيال المنطقة. يقول: «هذه الفوضى تُحوّل الهرمل الى مقبرة أحياء. لا أحد يعمل. كل شيء يأتي من سورية بمواصفات أفضل وبأسعار أرخص. وكأن هناك خطة لتهجير الاهالي. ناهيك عن مشكلة العمالة السورية. فاللبنانيون تعودوا على الاتكالية لأن هناك من يؤمن لهم الإعاشة ويطلب اليهم ان لا يفكروا ليتمكن من الاستبداد على ذوقه». مروان، الناقم على قوى الامر الواقع في منطقته، والموزعة بين «حزب الله» و«حركة أمل» وبعض قدامى عناصر المخابرات، ناقم ايضا على الدولة اللبنانية التي تهمل الهرمل. يقول: «المطلوب انماء المنطقة بحيث يعمل الاهالي ولا ينتظرون الاعاشة. المشكلة ان الدولة كانت تقصر كثيرا. وعندما تقوم بخطوة ما تأتي خطوتها عشوائية. لا شيء مدروس».

وهو يحن الى زمن الاقطاع. يقول: «من كان متهما بأنه اقطاعي كان يعمل لمصلحة الناس ولا يجمع الثروات على حسابهم كما هي الحال التي نعيشها». يذكر اسماء اقطاعيي المرحلة السابقة الذين يعملون حاليا ليعيشوا، في حين ان سياسيي هذا الزمن يأكلون الاخضر واليابس. لا هم لهم إلا توزيع الوظائف على محاسيبهم. ثم يسأل: «ألا تفلت الحدود وتعم الفوضى نتيجة هذا الواقع؟». ويضيف: «عندما يكون هناك إنماء هناك حياة. المعادلة بسيطة. والبؤس الذي يعم هنا يجد من يستثمره. الجهة القادرة حاليا هي حزب الله. ورغم كل قوة الحزب عندما يحصل انماء فعلي وجدي يضعف الحزب، شرط ان تستخدم الاموال في مكانها الصحيح ولا تذهب الى الجيوب. لدينا تجارب قاسية في هذا المجال.. لكن أهل السلطة لا يريدون فرط عقد المحاصصة. ويفضلون التعامل مع حزب الله ونبيه بري (رئيس مجلس النواب)».

ويشير مروان الى ان حزب الله لا يريد ضبط الحدود. فيورد حادثة عن عنصر امني «آدمي ولا يرتشى ولا يغض النظر. وهو شاب من المنطقة ولديه أخلاق. لم يتحملوا وجوده في مخفر بلدة القصر الحدودية. رموه في برج البراجنة».

أهالي الهرمل بين إهمال الدولة واستبداد «حزب الله»

* الهموم في المنطقة لا تقتصر على السلع وانما تشمل الكهرباء التي لا دوام يضبط حضورها. يقول المواطنون انها لا تشع إلا لماما. ويضيفون: «المعيشة صعبة. لا تأمينات من الدولة للمنطقة. ولا وظائف للناس كما في بقية المناطق. الأحزاب مثل حزب الله تساهم في تقديم مساعدات من حين الى آخر. لولا الحزب لكانت الضيعة كلها تسرق لتعيش، فهو يؤمن الطبابة والإعاشات ومبالغ من المال عند بدء العام الدراسي، اضافة الى المساعدات الاجتماعية».

هل ذلك أن الناس من مريدي «حزب الله» هنا؟

* يأتي الجواب سريعا. الناس مع مصالحهم. في الماضي كانوا مع منظمة التحرير الفلسطينية. ثم انتقلوا الى البعث العراقي، عندما كان صدام حسين يدفع. بعد ذلك أصبحوا مع السلطة السورية. واليوم هم مع الحزب. وبالتالي ليسوا بعيدين عن السوريين.

يقول أبو علي: «سيطرة الحزب في البقاع تختلف عنها في الجنوب. هنا يستخدم الحزب الايحاء بالقوة. يقطع رزق المعارضين له. يمنع عنهم فرص العمل. يحاصرهم. يزرع جواسيسه في كل مكان ويراقب الجميع. إشارة واحدة ويتحرك ليمنع من يعارضه ويؤثر على وجوده من العمل».

ماذا عن انتشار الجيش السوري على الحدود؟

يقول أبو علي من قرية البويضة: «لا انتشار للجيش السوري كما هو حاصل في عكار. هنا التنسيق كامل معهم. ولا داعي للاستنفار على الحدود. كل شيء يمر كما يريد السوريون والحزب. حتى عناصر الجيش والدرك يجب ان يكونوا موالين لسياسة الحزب وإلا لا مكان لهم هنا. لذا يتم التطنيش (غض النظر) عن كل ما يجري على الحدود». الواقع الجغرافي والبشري يفرض في هذه المنطقة قانونه الخاص. وبمعزل عن الاتفاقيات المعقودة بين البلدين والتي كان يمكن لو انها نفذت ان تنظم العلاقات وعملية الانتقال طبيعية للمواسم والبضائع بين البلدين. إلا ان شيئا من هذا لم يحصل. بقي التهريب سيد الموقف ونشط في أواسط سبعينيات القرن الماضي حتى نهاية القرن، وتحول الى عمليات منظمة كان النظام السوري يتكئ عليها لحل ازماته الاقتصادية وتصدير منتوجاته الزراعية والقطنيات المصنعة الى السوق اللبنانية ويستورد منه المواد الغذائية المدعومة في حينه والمواد التي كانت تفرض عليها رسوم جمركية مرتفعة مثل الآلات الكهربائية والزجاج واطارات الكاوتشوك والاخشاب وغيرها.

وبعد خروج الجيش السوري من لبنان اتخذ الرئيس السوري جملة قرارات قضت برفع رسوم المغادرة. هذا الامر ألحق أضرارا مباشرة بأهالي الهرمل المقيمين في الجهة السورية، مما اضطرهم الى مناشدة الأسد إيجاد الإجراء المناسب لرسوم المغادرة المفروضة على المغادرين من سورية في اتجاه لبنان. وتحديدا بحيث لا تطول من يعبر بشكل يومي من والى سورية لغرض التسوق والطبابة والدراسة والتدريس وزيارة الأماكن المقدسة والتواصل مع الأهل.

أبو علي يفهم كواليس ما يجري. يقول: «يضيقون علينا. الى أين نذهب وماذا نفعل اذا تم انشاء السفارات. سيقفلون كل هذه المعابر الصغيرة وسنختنق. فالحزب يفرض استبداده بأشكال متعددة. يتسلل الى الناس ويربط معيشتهم بما يقدمه في غياب الدولة. على كلٍ هو يحول دون وجودها القوي. والمسؤولون يستسلمون. الحزب يهدد من دون سيف ويعمل على عزل الناس عن العالم الخارجي. ومع الاسف الطرف الآخر (أي الأكثرية) لديه سوء تقدير لما يحصل. لكن عندما تقتصر المواجهة على القرية نستطيع فرض ارادتنا. ففي الانتخابات البلدية لم نسمح بفوز مختار من الحزب. جئنا بمختار مستقل».

لكن هذا الانتصار لا يغير من واقع وجود الاهالي بين فكيّ كماشة. يقول ابو علي: «اراضينا على الحدود. عملنا على الحدود ولا وجود لنقطة جمارك لبنانية. من البدايات حتى قبل استقلال لبنان، نعرف ان حوالي ثلاثة كيلومترات من الاراضي متداخلة بترسيمها وملكيتها. المشكلة لا تقتصر على اللبنانيين وانما تشمل السوريين. لذا كان الحرص دائما بين الاهالي في الجانبين على التعامل بالمعروف بحيث تعطى الاولوية للناحية الانسانية والمصالح المشتركة ومن دون حزازات. وعلى مرور الزمن نسج هذا التعامل علاقات متينة ونسبة مصاهرة كبيرة وصلة رحم. امتدادها من قلب الهرمل الى القصير في سورية. هناك آلاف العائلات اللبنانية في الجهة الأخرى. فقرية الحوش السورية نصف ملاكها لبنانيون، وكذلك الصفصافة والجنوطية والحمام ومطربا والحويك». استملاك الاراضي في الحدود المتداخلة له حكايته الممتدة من نهر العاصي الى سد باسل الاسد في الهرمل. فالنظام السوري مسح حدوده معتمداً حدا فاصلا هي الساقية القديمة. استصلحوا الاراضي وصادروها عندما حصل التأميم بعد استلام حزب البعث السلطة. ثم وزعوها على الفلاحين الساكنين فيها من دون تفريق بين لبناني وسوري. علي يتسلم ناصية الكلام من والده، فيقول: «التفريق حصل بعد خروج الجيش السوري من لبنان. سابقا كنا ندخل الاراضي السورية من دون هويات. اليوم يطلبون اوراق العابربن والغريب يخضع للمساءلة». علي ينتقد غياب سلطة الدولة اللبنانية عن الحدود. يقول: «الاراضي السورية محمية بشكل قوي ودقيق. لا يخرج برميل مازوت إلا بإذنهم. هم يضبطون الحدود جيدا على أراضيهم. يعرفون كل شيء. دولتنا لا تريد ان تعرف. من ناحيتنا لا حماية أبدا. حيث يوجد مركز للجيش لا يكترث الجنود بما يحدث على بعد مائة متر منهم. في حين يستطيع الموظفون الرسميون المنتمون الى أي جهاز في الدولة ان يرصدوا ما يحصل ويبلغوا بكل ما يرونه. لكن لا قرارات رسمية بذلك».

ماذا عن التهريب في ظل هذه المعادلة؟

* يبتسم أبو علي ويقول: «المهربون لهم ملاكهم الخاص. هم جزء من مافيا مرتبطة بفروع ممتدة الى كل الدول العربية. يمكن لأي كان ان يهرّب ما يريد عبرهم. يدفع ويحصل على مبتغاه ومع كفالة بالتسليم. هل تريدين إيصال أي شيء الى العراق. أي شيء وفهمك كفاية. سلمي ما تريدين الى المهرب وسيصل الى حيث تشائين».

يذكرنا أبو علي بقدرة مافيا التهريب على مواجهة الدول من خلال حادثة واجهها الجيش اللبناني خلال مرحلة الوجود السوري في لبنان. فقد كشف آنذاك شاحنة تهريب من مرفأ بيروت. حاول منع اخراجها من المرفأ، ليفاجأ بأنها في طريقها الى طرابلس. وعلى رغم كل محاولات الجيش آنذاك لم تتوقف عملية التهريب. ويقول: «هذه الحادثة أربكت الجيش لأنه اضطر خلال المطاردات للاشتباك مع المهربين. وكان بينهم أصحاب نفوذ سوريون. ولم يستطع إصدار بيان عن الحادث إلا بعد مراجعة السلطات الامنية السورية التي تبنت عملية المطاردة مع ان أي جندي سوري لم يشارك في تعقب المهربين».