خادم الحرمين مطمئنا مواطنيه: بلادكم تنعم بالاستقرار والأمن .. ومتفائلون من أن النمو الاقتصادي سيستمر

أقر مجلس الوزراء السعودي أمس، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 36 - 1437هـ (2015م)، التي تبلغ 860 مليار ريال «استمرارا للإنفاقِ على ما يدعم التنمية الشاملة والمتوازنة، وتحسينِ الخدماتِ المقدمة للمواطنين، وإيجـادِ مزيــدٍ مــن الفرص الوظيفية لهم بالقطاعين العام والخاص»، وذلك حسب ما ورد في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ألقيت نيابة عنه في الجلسة الاستثنائية التي عقدت في قصر اليمامة بالرياض، وترأسها نيابة عنه، الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

وأوضح خادم الحرمين الشريفين في كلمته، أن ضعف النمو الذي اعترى الاقتصاد العالمي، إضافة إلى التذبذب في السوق العالمية، أسهم في انخفاض كبير في أسعار البترول، وبين أن توجيهاته للمسؤولين شددت على أن تأخذ ميزانية العام القادم بعين الاعتبار هذه التطوراتِ وترشيدِ الإنفاق «مع الحرْصِ على كلِّ ما من شأنه خدمة المواطنين وتحسينُ الخدماتِ المقدمة لهم، والتنفيذُ الدقيق والكفْءُ لبرامج ومشاريع الميزانية».

وأعرب الملك عبد الله بن عبد العزيز عن تفاؤله من أنّ النُموَّ الاقتصادي «سيستمرُّ بإذن الله مدفُوعا بنشَاطِ القطاع الخاص، واستمرارِ تعزيزِ التكامُلِ بين القطاعْين العام والخاص، ومواصلة تحسينِ أداءِ القطاع الحكومي، وتطوير التعليم باعتباره أساسَ التنمية، ومعالجة اخْتِلالات سوقِ العمَل لإيجادِ مزيدٍ من فرصِ العمل للمواطنين والتنمية المتوازنة بين المناطق، والاستخدامِ الأمْثَلَ للموارد».

وطمأن خادم الحرمين الشريفين مواطنيه بالقول: «إن بلادكم ولله الحمد تنعمُ بالاستقرار والأمن والذي نسألُ اللهَ أن يُدِيمَه، ومسؤوليتُنا جميعا صيانَتُه والمحافظة عليه لمواصلة مسيرة النموِّ والتنمية»، وفيما يلي نص الكلمة الملكية التي ألقاها عبد الرحمن بن محمد السدحان الأمين العام لمجلس الوزراء:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إخواني وأبنائي المواطنين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعلــنُ علــى بركــة اللــه وبحمــده وتوفيقــه، ميزانية العام المالي القادم 1436 ـ 1437هـ والتي تبلغ مصروفاتها 860 مليار ريال، وهي استمرار للإنفاقِ على ما يدعم التنمية الشاملة والمتوازنة، وتحسينِ الخدماتِ المقدمة للمواطنين، وإيجـادِ مزيــدٍ مــن الفرص الوظيفية لهم بالقطاعين العام والخاص.

إخواني: لا يخفى عليكم ما يمر به الاقتصادُ العالمي من ضعفٍ في النموّ، أسهم إضافة إلى ما تمرُّ به السوقُ البترولية العالمية من تطورات في انخفاضٍ كبيرٍ في أسعار البترول.

وقد جاءت توجيهاتُنا للمسؤولين بأن تأخذ ميزانية العام القادم بعين الاعتبار هذه التطوراتِ وترشيدِ الإنفاق، مع الحرْصِ على كلِّ ما من شأنه خدمة المواطنين وتحسينُ الخدماتِ المقدمة لهم، والتنفيذُ الدقيق والكفْءُ لبرامج ومشاريع الميزانية، وما تمّ إقراره من مشاريعَ وبرامجَ لهذا العام المالي والأعوام الماضية، وما يُسْهمُ في استدامة وضْعِ المالية العامة القوي، وأن تعطى الأولوية في العام المالي القادم لاستكمالِ تنفيذِ المشاريع المقَرّة في الميزانياتِ السابقة، وهي مشاريعُ كبيرة.

نحنُ متفائلون من أنّ النُموَّ الاقتصادي سيستمرُّ بإذن الله مدفُوعا بنشَاطِ القطاع الخاص، واستمرارِ تعزيزِ التكامُلِ بين القطاعين العام والخاص، ومواصلة تحسينِ أداءِ القطاع الحكومي، وتطوير التعليم باعتباره أساسَ التنمية، ومعالجة اخْتِلالات سوقِ العمَل لإيجادِ مزيدٍ من فرصِ العمل للمواطنين والتنمية المتوازنة بين المناطق، والاستخدامِ الأمْثَلَ للموارد.

إخواني: إن بلادكم ولله الحمد تنعمُ بالاستقرار والأمن والذي نسألُ اللهَ أن يُدِيمَه، ومسؤوليتُنا جميعا صيانَتُه والمحافظة عليه لمواصلة مسيرة النموِّ والتنمية. وأدعُو المسؤولين كافَة لَبْذل أقصى الجهُود لتنفيذِ برامج الميزانية ومشَاريعِها بالكَفَاءة والَجْودة لِتُحققَ أهدافها ويَنْعم بها المواطن. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز، ألقى بدوره كلمة في نهاية الجلسة الاستثنائية جاء فيها: «الحمد لله الذي رزقنا وأغنانا بفضله والحمد لله أن توجيهات ملكنا لنا كمسؤولين أن نكون دائما في خدمة الوطن والمواطن.

وهذه الميزانية والحمد لله فيها الخير والبركة، نأمل جميعا أن ننفذها فيما وجه به، وبلادنا الحمد لله، تنعم بالأمن والاستقرار، وهذا والحمد لله ما جعلها كما ترون.

كذلك بلادنا قبلة المسلمين ومهبط الوحي ومنطلق الإسلام والعروبة، هي مسؤوليتنا ونحمد الله عز وجل أن وفق ملكنا ووفق والده وإخوته وأجداده لخدمة الإسلام والمسلمين وشعبهم وبلدهم.

نسأل الله عز وجل التوفيق والسداد إن شاء الله وأن نشكر ربنا عز وجل بما أنعم علينا، ونكون إن شاء الله عند ثقة ملكنا فينا جميعا وأن ننفذ هذه في مصلحة بلدنا، وبلدنا هي التي يجب أن نكون أوفياء لها والحمد لله وهي كذلك وأن نعمل في خير لها إن شاء الله في يومنا وغدنا، وشكرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وشهدت الجلسة قراءة المراسيم الخاصة بالميزانية، التي تلاها الأمين العام لمجلس الوزراء، فيما أوضح الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري وزير الثقافة والإعلام لوكالة الأنباء السعودية، أن وزير المالية قدم عرضا موجزا عن الميزانية العامة للدولة أوضح فيه النتائج المالية للعام المالي الحالي 35 ـ 1436هـ، واستعرض الملامح الرئيسية للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 36 ـ 1437هـ، وتطورات الاقتصاد الوطني.

وبين أن ميزانية العام المالي القادم اعتمدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي حيثُ انخفض النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة كما انخفض سعر البترول إلى أدنى مستوى له منذ 2009م إضافة إلى عوامل عدم الاستقرار في بعض المناطق المحيطة، وانسجاما مع سياسة السعودية المالية المعاكسة للدورات الاقتصادية لتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها على المديين المتوسط وطويل الأجل وضمان مواصلة اعتماد المشاريع التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي، ببناء احتياطيات مالية من الفوائض المالية الناتجة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بعض الأعوام للاستفادة منها عند انخفاض هذه الإيرادات في أعوام لاحقة.

وقال: «إن المملكة ستستمر بناء على التوجيهات السامية بالاستثمار في المشاريع والبرامج التنموية لقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي بما يحقق التنمية المستدامة لهذا الجيل والأجيال القادمة، وإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين، مع بذل المزيد من الجهد للحد من النفقات الجارية خاصة نفقات الرواتب والأجور والبدلات وما في حكمها والتي تمثل قرابة 50 في المائة من النفقات المعتمدة بالميزانية، كما تم التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن الربط بين الميزانية وما تضمنته خطة التنمية العاشرة التي تبدأ في العام المالي 1436 ــ 1437، فقد تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 185 مليار ريال، ووفقا للمتبع سيتم إدراج المشاريع الجديدة للجهات الحكومية على مواقع تلك الجهات، وعلى موقع وزارة المالية».

وأوضح وزير المالية أن صناديق التنمية المتخصصة وبنوك التنمية الحكومية ستواصل تقديم القروض التي تهدف إلى دعم القطاعات الصناعية والزراعية والعقارية وقطاعي التعليم والخدمات الصحية الأهلية ودعم المهن الحرفية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي ستسهم في مزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين ودفع عجلة النمو.

وعن تطورات الاقتصاد الوطني بين الوزير، أنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 2014م وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، 2.821.722.000.000 ريال (ألفان وثمانمائة وواحد وعشرون مليارا وسبعمائة واثنان وعشرون مليون ريال) بالأسعار الجارية بمعدل نمو يبلغ 1.09 في المائة مقارنة بالعام المالي الماضي 2013م ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص نموا بنسبة 8.21 في المائة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 6.06 والقطاع الخاص بنسبة 9.11 في المائة أما القطاع النفطي فقد يشهد انخفاضا في قيمته بنسبة 7.17 في المائة بالأسعار الجارية.

وأضاف أنه بالأسعار الثابتة لعام 2010م فمن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3.59 في المائة مقارنة بنسبة 2.67 في المائة في العام السابق وأن ينمو القطاع البترولي بنسبة 1.72 في المائة، والقطاع الحكومي بنسبة 3.66 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 5.70 في المائة، وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نموا إيجابيا إذ يُقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط التشييد والبناء 6.70 في المائة، وفي نشاط الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 6.54 في المائة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 6.13 في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 5.97 في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 4.46 في المائة، وأشار إلى أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة أظهر ارتفاعا خلال عام 2014م نسبته 2.7 في المائة عمَّا كان عليه في عام 2013م طبقا لسنة الأساس 2007م.

أمَّا مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 2.99 في المائة في عام 2014م مقارنة بما كان عليه في العام الماضي وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، ووفقا لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي من المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السلعية خلال عام 2014م، 1348 مليارا و353 مليون ريال بانخفاض نسبته 4.4 في المائة عن العام المالي السابق، كما يتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات السلعية غير البترولية نحو 208 مليارات و153 مليون ريال بزيادة نسبتها 3.1 في المائة عن العام المالي الماضي، وتمثل الصادرات السلعية غير البترولية ما نسبته 15.4 في المائة من إجمالي الصادرات السلعية، أمَّا الواردات السلعية فيتوقع أن تبلغ في العام الحالي 564 مليارا و80 مليون ريال بانخفاض نسبته 2.6 في المائة عن العام السابق.

وقال وزير المالية «إن التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي تشير إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضا مقداره 788 مليارا و738 مليون ريال بانخفاض نسبته 5.6 في المائة عن العام الماضي وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات البترولية رغم انخفاض الواردات».

أمَّا الحساب الجاري لميزان المدفوعات فيُتوقع أن يحقق فائضا مقداره 398 مليارا و991 مليون ريال في العام المالي الحالي 2014م، مقارنة بفائض مقداره 497 مليارا و400 مليون ريال للعام المالي الماضي 2013م بانخفاض نسبته 19.8 في المائة.

وأشار وزير المالية، إلى أن تقرير مشاورات صندوق النقد الدولي مع السعودية لعام 2014م أكد أن اقتصاد السعودية حقق نموا قويا للغاية في السنوات الأخيرة، وكان من الاقتصادات الأفضل أداء على مستوى بلدان مجموعة العشرين، وأن السعودية دعمت الاقتصاد العالمي من خلال دورها المساند في سوق النفط العالمية.

وأشاد المديرون التنفيذيون بالأداء الاقتصادي القوي للسعودية الذي يرتكز على أساسيات قوية. ولا تزال آفاق النمو إيجابية والمخاطر متوازنة، كما رحبوا بجهود تعزيز كفاءة الإنفاق العام وخطة إنشاء وحدة للمالية العامة الكلية.

واتفق المديرون على أن موقف السياسة النقدية وسياسة السلامة الاحترازية الكلية في الوقت الحاضر ملائم رغم تراجع نمو الائتمان. وأن اقتصاد السعودية لم يتأثر بتقلب الأسواق المالية العالمية، كما أن الجهاز المصرفي يتمتع بمستوى جيد من رأس المال والربحية. وأعلنت وكالة ستاندرد آند بورز «S&P» العالمية للتصنيف الائتماني عن خفضها للنظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للسعودية من إيجابي إلى مستقر على خلفية تراجعات النفط، إلا أنها أبقت على التصنيف السيادي للدولة عند «- AA» على المدى الطويل، وأشارت الوكالة إلى أنه رغم تعديل نظرتنا المستقبلية للسعودية، فإن نمو الاقتصاد الحقيقي لا يزال قويا نسبيا، ويأتي الإعلان بعد إعلان مماثل من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية خلال شهر مارس (آذار) المنصرم. كما بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي بالتطبيق الإلزامي الكامل لنظام مراقبة شركات التمويل اعتبارا من يوم الأحد 16 محرم 1436هـ الموافق 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014م ذلك بعد انتهاء مهلة تسوية الأوضاع وفق أحكام أنظمة ولوائح التمويل.