السلطة تصر على حل الإدارة المدنية الإسرائيلية كشرط لعودة الاتصالات

TT

السلطة تصر على حل الإدارة المدنية الإسرائيلية كشرط لعودة الاتصالات

اتهمت السلطة الفلسطينية سلطات إسرائيل بتعزيز احتلالها الاستعماري في الدولة الفلسطينية، عن طريق تقويض عمل السلطة الفلسطينية، وطالبت فورا بإلغاء «الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي.
وقال بيان للحكومة الفلسطينية، بعد اجتماع ترأسه رئيس الحكومة رامي الحمدالله أمس: «إن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، مستمرة بشكل منهجي وواسع النطاق في العمل على تعزيز احتلالها الاستعماري في أرض دولة فلسطين، وتعمل على تقويض عمل السلطة الوطنية الفلسطينية، من خلال مجموعة من الممارسات والإجراءات والسياسات غير الشرعية، لا سيما الخطة التي تم إعدادها مؤخرا لمضاعفة عدد العاملين (المدنيين في الإدارة المدنية) لسلطة الاحتلال، التي كان من المفترض حلها منذ سنوات حسب الاتفاقيات الموقعة، وإظهارها كجهاز مدني، وتوسيع نشاط وصلاحيات هذه الإدارة الاحتلالية، ومحاولاتها المرفوضة لفتح قنوات اتصال مباشرة مع المواطنين الفلسطينيين ورجال الأعمال».
وعرّفت الحكومة الفلسطينية الإدارة المدنية الإسرائيلية، بأنها «ذراع رئيسي للاحتلال الإسرائيلي»، وقالت إنه «يعمل على تعزيز سلطته وسيطرته على الضفة الغربية المحتلة، والتحكم في كل مناحي الحياة، كما يعمل على تضييق سبل العيش لشعبنا الفلسطيني في أنحاء الضفة الغربية كافة، وترسيخ النظام الاستعماري، من خلال منظومة الاستيطان غير الشرعي».
وعدّت الحكومة أن استمرار عمل الإدارة المدنية هو «إلغاء إسرائيلي واضح لاتفاق أوسلو، وتخليها وتراجعها من طرف واحد عن الاتفاقيات الموقعة، وهذا يرتب مسؤوليات على الدول الراعية لهذه الاتفاقيات». وطالبت الحكومة «المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما تقوم به إسرائيل من إفشال للجهود الدولية لتحقيق السلام في المنطقة، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لا ترسيخه من خلال إدارات مدنية وعسكرية».
والإدارة المدنية الإسرائيلية هي جهاز عسكري بثوب مدني، كان مسؤولا عن تسيير شؤون الفلسطينيين قبل السلطة الفلسطينية. ويفترض أنه تم حل هذا الجهاز بعد قيام السلطة، التي تولت بدورها شؤون الفلسطينيين، وراحت تنسق مع إسرائيل عبر مكاتب ارتباط مدني وعسكري.
لكن قبل سنوات أحيت إسرائيل هذا الجهاز من جديد، ووضعت على رأسه الميجور جنرال يؤاف مردخاي، الذي يعرف في تل أبيب كمنسق أعمال الحكومة في المناطق، والذي يتصرف مثل حاكم فعلي للشعب الفلسطيني، إلى درجة أنه سافر للقاء الدول المانحة لبحث احتياجات الفلسطينيين. كما أقام مردخاي صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، للتواصل المباشر مع الشعب الفلسطيني، ملقيا عليهم محاضرات أمنية، وبيانات مختلفة، دعا فيها إلى زيارة مباشرة لمكاتب الإدارة المدنية من أجل الحصول على تصاريح جديدة، وإلغاء المنع الأمني، والتنقل بين الضفة وغزة وإسرائيل، في تجاوز واضح ومباشر لدور السلطة الفلسطينية.
وليس سرا أن مثل هذه النداءات لقيت آذانا صاغية؛ إذ «يحج» مئات من الفلسطينيين إلى مكاتب المخابرات الإسرائيلية من أجل تسوية أوضاعهم، دون أدنى اهتمام بما يعنيه ذلك، أو كيف يمكن قراءته، وفي أي سياق. وتظهر مراجعة قصيرة لصفحة «المنسق»، إلى أي حد تتدخل الإدارة المدنية في حياة الفلسطينيين الذين يفترض أن السلطة تحكمهم.
إضافة إلى كل ذلك، يتدخل مردخاي في كل كبيرة وصغيرة، مثل الاستعدادات لذهاب أو عودة حجاج بيت الله الحرام من الفلسطينيين، واعتماد إجراءات استثنائية في المعابر، وإعلان اتفاقات متعلقة بتطوير خدمات البريد الفلسطيني، ومنح تسهيلات لمدن وقرى وتضييق على أخرى، وتنظيم قطاع الكهرباء، ناهيك عن إغلاق طرق رئيسية وفرعية في الضفة الغربية وفتحها، وفتح معابر وإغلاق أخرى، وإعطاء تصاريح وسحب أخرى، وتحديد شروط التنقل إلى إسرائيل أو غزة، ومن غزة كذلك، إضافة إلى شروط تجديد البطاقات الممغنطة لتسهيل آلية العبور باعتماد البصمة.
ويعتقد كثير من المراقبين أن إسرائيل تختبر التعامل مباشرة مع الفلسطينيين لأهداف غير واضحة، قد تشمل مرحلة ما بعد السلطة.
وقد أغضب هذا التدخل المباشر السلطة الفلسطينية، إلى الحد الذي وضعت فيه شرط حل هذه الإدارة من ضمن شروط أخرى لعودة الاتصالات، تمهيدا لإطلاق أي عملية سلام.
وكان عباس قد اشترط من أجل عودة الاتصالات الأمنية، التي أوقفها أثناء أزمة المسجد الأقصى، إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2000 (انتفاضة الأقصى). وبحسب المصادر يجب أن يشمل ذلك وقف أي اقتحامات للمناطق الفلسطينية، وإلغاء دور الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي، التي عادت للعمل منذ سنوات، ونقل الصلاحيات المدنية للسلطة.
وأكدت المصادر ذاتها، أن ثمة طلبات أخرى تتعلق بمراجعة الاتفاقات والملاحق الأمنية والاقتصادية، وتوسيع صلاحيات السلطة في الضفة الغربية في مناطق «ب» و«ج».
وفي هذا السياق قال ناطق حكومي، إن الحكومة ستدرس بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية كافة الخيارات في التعامل مع هذه التطورات المرفوضة، داعيا إسرائيل إلى حل الإدارة المدنية، والبدء بإجراءات جدية من أجل الوصول إلى اتفاق سلام قائم على حل الدولتين، تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة، ومرجعيات عملية السلام.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.