الأردنيون ينتخبون رؤساء وأعضاء المجالس البلدية ومجالس المحافظات

الإسلاميون يشاركون للمرة الأولى منذ عام 2007

TT

الأردنيون ينتخبون رؤساء وأعضاء المجالس البلدية ومجالس المحافظات

توجه آلاف الأردنيين أمس إلى مراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء ورؤساء المجالس البلدية ومجالس المحافظات، التي تجرى لأول مرة منذ إقرار قانون اللامركزية الجديد. وفتحت صناديق الاقتراع في الساعة السابعة صباحا لاستقبال الناخبين، الذين تجاوز عددهم 4.1 مليون ناخب، وسط إجراءات أمنية مشددة مع انتشار 20 ألف رجل أمن.
وبحسب أرقام الهيئة المستقلة للانتخاب فإن 6622 مرشحا ومرشحة يتنافسون على 2109 مقاعد للمجالس البلدية والمحلية التابعة لها، وعلى 380 مقعدا لمجالس المحافظات. ويشارك الإسلاميون في الانتخابات البلدية للمرة الأولى منذ عام 2007، وهي السنة التي انسحبوا فيها احتجاجا على ما اعتبروه «شبهات تزوير».
وسبق هذا الاستحقاق الدستوري إجراء انتخابات برلمانية في 20 من سبتمبر (أيلول) الماضي، اختار فيها الأردنيون أعضاء مجلس النواب الثامن عشر، التي اعتبرت ترجمة عملية لخطوات الإصلاح السياسي التي ينفذها الأردن.
وأدلى رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي بصوته لانتخاب أعضاء مجلس أمانة عمان الكبرى ومجالس المحافظات (اللامركزية) في مدرسة الملكة زين الشرف الثانوية بمنطقة زهران في العاصمة عمان، وأكد عقب الإدلاء بصوته أن هذه الانتخابات تشكل محطة تاريخية مهمة في مسيرة الإصلاح الشامل بالأردن، موضحا أن مجالس المحافظات ستعمل على ضمان أن تكون التنمية متوازنة في جميع محافظات المملكة.
من جانبه، أكد محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق باسم الحكومة، دعم الحكومة الكامل لكل جهود الهيئة المستقلة للانتخابات لإنجاح العملية الانتخابية، موضحا أن الحوار «بين الأردنيين يتم اليوم من خلال صناديق الاقتراع، ولا قبول لأي عنف، وسيتم التعامل مع أي تجاوزات بالقانون على عكس ما نرى في بعض الدول التي يتحاور مواطنوها بالقتل والدمار»، وشدد في السياق نفسه على أنه لم يعد هناك حديث عن التشكيك في العملية الانتخابية بوجود هيئة مستقلة للانتخابات.
وشهدت المحافظات الأردنية إقبالا واضحا على صناديق الاقتراع وازدحاما بعد الظهر، إلا أن الإقبال في العاصمة عمان ومدينة الزرقاء كان متدنيا بشكل كبير.
ويرى مراقبون أن التنافس بين العشائر كان واضحا في هذه الانتخابات، وذلك من خلال الإقبال على الصناديق في المحافظات بهدف الفوز بمقعد في المجلس البلدي، أو في مجلس المحافظة، فيما تمت تحالفات بين العشائر الصغيرة العدد، وذلك في خطوة للفوز بمقعد في هذه المجالس كي تبرز نفسها وتشارك في العملية الديمقراطية.
وبينما جرت الانتخابات بكل يسر وسهولة في مختلف المناطق، عرفت منطقة الموقر (30 كلم شرق العاصمة) توترا بعد أن اعتدى مجهولون على مراكز وصناديق الاقتراع، ولذلك يتوقع إلغاء الانتخابات في منطقة الموقر.
كما أقدم مجهولون على تكسير سيارة النائب موسى الوحش (إسلامي) ظهر أمس، واعتدى عليه بالضرب أنصار أحد المرشحين، في منطقة حي نزال بالعاصمة عمان. وفي غضون ذلك قام بعض أنصار مرشح في منطقة الأشرفية بعمان بحرق إطارات السيارات في الشارع المؤدي إلى مركز الاقتراع، بهدف عرقلة حركة الناخبين. إلا أن قوات الأمن قامت بإعادة فتح الشارع.
وأكد المومني أن هذه الانتخابات لم تعرف تسجيل حوادث لشراء أصوات، وقال إن الشكاوى التي نقلتها الهيئة المستقلة في وقت سابق تراجع عنها أصحابها.
وسجلت محافظة العاصمة نسبة اقتراع بلغت 7 في المائة، والبلقاء 16.70 في المائة، والزرقاء 7.78 في المائة، ومادبا 20.18 في المائة، وأربد 16.76 في المائة، بينما بلغت نسبة الاقتراع في محافظة جرش 24.57 في المائة، وعجلون 27.07 في المائة، والكرك 27.05 في المائة. أما في محافظة العقبة فبلغت نسبة الاقتراع 15.90 في المائة.
وأظهرت نسب الاقتراع حتى الساعة الرابعة من مساء أمس نسبا متقاربة في بعض محافظات المملكة، وتفاوتا في أخرى، حيث كانت محافظة عجلون الأعلى بنسبة 45.9 في المائة بعدد 41 ألفا و57 مقترعا من أصل 91 ألفا و54 ناخبا. في حين سجلت العاصمة أقل نسبة اقتراع بواقع 11.49 في المائة، بعدد 187 ألفا و306 مقترعين من أصل مليون و630 ألفا و640 ناخبا.
ورغبة في ضمان الشفافية والنزاهة وتعزيز الثقة في العملية الانتخابية والحياة السياسية والحزبية بصفة عامة، عهد للهيئة المستقلة للانتخاب بإدارة العملية الانتخابية في جميع مراحلها، إلى جانب الانخراط بقوة في المشاركة الديمقراطية في البلاد، كما هو الشأن في الانتخابات البرلمانية السابقة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف اعتمدت الهيئة 6128 مراقبا ومراقبة محلية، ينتمون إلى 16 جهة رقابية ومنظمات المجتمع المدني وأحزاب ونقابات، إلى جانب 183 ما بين مراقبين ومساعدين وفنيين وداعمين لوجيستيين ينتمون إلى 18 جهة أجنبية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.