«فتح» تضغط لعقد المجلس الوطني... و«حماس» ترفض

TT

«فتح» تضغط لعقد المجلس الوطني... و«حماس» ترفض

رجح عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن عقد «المجلس الوطني الفلسطيني» منتصف الشهر المقبل، قبل توجه الرئيس محمود عباس إلى نيويورك لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ودعا الفصائل إلى «التصرف بمسؤولية وعدم إضاعة الوقت»، فيما شككت حركة «حماس» في مشروعية الخطوة.
وقال محيسن في تصريحات للإذاعة الرسمية إن «من المهم أن يذهب عباس إلى الأمم المتحدة وقد أعيد الاعتبار إلى منظمة التحرير». وجاءت الدعوة بعد يوم من تأكيد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أهمية عقد المجلس «في أسرع وقت ممكن»، بهدف «إجراء مراجعة سياسية شاملة لتجربة السنوات التي تلت التوقيع على اتفاقيات أوسلو وتجربة المفاوضات التي استخدمتها إسرائيل مظلة لسياستها العدوانية الاستيطانية التوسعية، وما يتطلبه ذلك من إعادة بناء للعلاقة مع إسرائيل باعتبارها دولة احتلال استعماري استيطاني تُمارس الأبارتايد والتطهير العرقي، إلى جانب تجديد شرعيات مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الاعتبار إلى هيئاتها القيادية ودوائر عملها في اللجنة التنفيذية وتمكينها من النهوض بمسؤولياتها باعتبارها الأساس في النظام السياسي الفلسطيني وحامية المشروع السياسي الوطني».
وتسعى حركة «فتح» إلى الاتفاق مع الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير لعقد اجتماع للمجلس الوطني سيتولى بدوره انتخاب لجنة تنفيذية جديدة في منظمة التحرير. وتضغط «فتح» لعقد المجلس بمن حضر في رام الله، عبر جلسة يمكن أن تكون استثنائية. وتريد فصائل فلسطينية عقده في الخارج لتمكين معظم أعضائه من الحضور، فيما تعتبر حركة «حماس» اجتماعه «غير شرعي من أساسه».
ويعتقد أن المجلس سيعقد عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» بين رام الله وبيروت بعد اقتراحات لحل وسط. ويعد المجلس بمثابة برلمان المنظمة التي تمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، ويضم أكثر من 750 عضواً، ممثلين عن الفصائل والقوى والاتحادات الفلسطينية في كل مكان. وعقد المجلس الوطني منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله عام 2009، انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة ليصبح عدد أعضائها 18 عضواً. ويريد عباس انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ستسمح له بالتخلص من معارضين وجلب مقربين، بما يجعل أي انتقال للسلطة في المستقبل سلساً وآمناً.
ويعتقد أن تدفع حركة «فتح» بأحد أعضائها في اللجنة المركزية التي تجددت كذلك العام الماضي، عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وسيكون هذا أقرب شخص مرشح لخلافة عباس. ويحظى الآن بالمنصبين معاً كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات الذي تسلم كذلك أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. لكن الوضع الصحي لعريقات يقرب منافسين آخرين محتملين.
وتأتي خطوة تجديد المنظمة فيما يواجه عباس خصماً لدوداً متمثلاً في «حماس» وآخرين فصلوا من «فتح» يقودهم القيادي محمد دحلان الذي عقد تحالفات جديدة مع «حماس».
وهاجمت الحركة التي تسيطر على قطاع غزة مساعي عقد المجلس الوطني. وقال رئيس كتلة «حماس» البرلمانية محمود الزهار إن «المجلس الوطني لا يمثل الكل الفلسطيني بشكله الحالي، وهو يُمثل فصائل لم يبق منها شيء، وهدف عقده في هذا التوقيت هو التأكيد على شرعية عباس الزائفة والمنتهية منذ 2009». وأضاف أن «أي قرارات تصدر عنه غير شرعية وباطلة».
ورأى الزهار في تصريح نشرته مواقع تابعة لحركته، أن «المجلس الوطني لا يمثل الشارع الفلسطيني، لأن القوى الرئيسة التي أثبتت أنها الأكبر في الانتخابات البلدية في 2005 والتشريعية 2006، وهي حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، غير ممثلة فيه».
وأشار إلى أن «المجلس الوطني الحالي يعبر عن تمثيل غير حقيقي للشارع الفلسطيني تحت اسم المجلس الوطني، وعقد المجلس الوطني بعيداً عن التوافق دليل على فشله». وأضاف: «يكفي أن تخرج حركة حماس ذات الأغلبية البرلمانية وتقول إن المجلس الوطني لا يمثلنا».
واعتبر الزهار انعقاد المجلس «خروجاً على الاتفاقات». وقال: «نحن ضد انعقاد المجلس الوطني بهذه الطريقة، وندعو إلى تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني ومن ينتخبه الشارع الفلسطيني يكون ممثلاً عنه».
ووصف أي قرارات للمجلس «بمثابة صفر... ولا شرعية لها، لأن شرعية القرار تأتي من شرعية المصدر، ولأن المصدر لا يمثل الأغلبية، فبالتالي يصبح هذا القرار لا يمثل الأغلبية وتكون حصيلتها صفرا». وتسعى «حماس» منذ سنوات إلى دخول منظمة التحرير، وشكلت مع «فتح» وفصائل أخرى في اتفاقات سابقة إطاراً قيادياً مؤقتاً للمنظمة، لكنه لم يجتمع. واختلف الطرفان حول آلية التحاق «حماس» بالمنظمة عبر الانتخابات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.