تحركات شعبية ونقابية تظلل اللقاء الاقتصادي في بعبدا

الرئيس اللبناني يعد بخطة للاستقرار المالي بموازاة الأمني والسياسي

TT

تحركات شعبية ونقابية تظلل اللقاء الاقتصادي في بعبدا

انعقد اللقاء الحواري الاقتصادي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس في قصر بعبدا على وقع اعتصامات في الشارع ضغط بعضها باتجاه توقيع الرئيس على قانون سلسلة الرتب والرواتب فيما طالبت أخرى بتعديل هذه السلسلة التي تقر زيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين.
إلا أنه يبدو أن الرئيس عون لم يحسم أمره بعد بما يتعلق بتوقيع قانوني السلسلة والضرائب أو ردهما إلى المجلس النيابي، وإن كان وعد بمعالجة الثغرات فيهما وفقا للأصول الدستورية، وبإقرار خطة تؤمن الاستقرار الاقتصادي بموازاة الاستقرار الأمني والسياسي الذي تنعم به البلاد.
وقالت مصادر رئيس الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن المهلة الدستورية لاتخاذ قراره بموضوع رد القانونين أو توقيعهما تنتهي في 24 من الشهر الحالي وبالتالي لا يزال أمامه وقت كاف لإتمام كل الدراسات اللازمة حول الموضوع، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أي قرار سيتخذه الرئيس سيهدف إلى سد الثغرات الموجودة بالقانونين ومحاولة أقرانهما بالموازنة العامة.
وأشار بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بعد انتهاء اللقاء الحواري الذي شارك فيه الوزراء المختصون بالإضافة إلى رئيس لجنة المال والموازنة وحاكم مصرف لبنان، وممثلون عن نقابات المهن الحرة والهيئات الاقتصادية واتحاد المؤسسات التربوية وهيئات صناعية واجتماعية والاتحاد العمالي العام وأساتذة الجامعة اللبنانية، إلى أن «النقاش أظهر وجود قواسم مشتركة بين الحاضرين، سيأخذها الرئيس عون في الاعتبار خلال ممارسة صلاحياته الدستورية فيما خص قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المستحدثة منطلقا من ضرورة أن تكون القوانين غير متناقضة ومتكاملة مع القوانين المرعية الإجراء ولا تمس بأمور أساسية تؤثر على الاستقرار والنهوض في البلاد». ولفت عون إلى أن «الثغرات التي برزت في القانونين ستتم معالجتها وفقا للأصول الدستورية»، قائلا: «سنتعاون معا للوصول إلى الأهداف التي نسعى إليها وأمامنا فرص حقيقية ليعود لبنان إلى الموقع الذي نريده، كما سنعمل معا على إقرار خطة تؤمن استقرارا اقتصاديا بموازاة الاستقرار الأمني والسياسي الذي تنعم به البلاد».
وإذ أكد السعي لـ«إنجاز الإصلاحات الضرورية والمضي في مكافحة الفساد»، شدد على مسؤولية هيئات المجتمع في هذا المجال لـ«إنهاء واقع مؤسف جعل من مجتمع الفساد يتغلب على مجتمع الإصلاح».
وأضاف أن «القاعدة التي يبنى عليها الإصلاح والاستثمار في لبنان، هي تطوير البنى التحتية المناسبة في مجالات الكهرباء والمواصلات والاتصالات والمياه والطرق، وهذه كلها تتكامل مع أمن مستقر وقضاء نزيه وعادل».
وينقسم الخبراء الاقتصاديون في لبنان بين من ينبّه من تداعيات خطيرة لإقرار السلسلة على الاقتصاد اللبناني الذي يشهد انكماشا منذ سنوات، وبين من يؤكد أنها ستسهم بتحريك عجلته من خلال ضخ مزيد من الأموال في السوق. من جهته، يعتبر نقولا نحاس، وزير الاقتصاد السابق أنه في حال لم تقترن السلسلة بخطة شاملة تحدد عناصر النمو كما بموازنة عامة واضحة المعالم: «سيكون لها انعكاسات سلبية وسنشهد مزيدا من الانكماش الاقتصادي»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «وفي عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تم إجراء دراستين مع البنك الدولي والإسكوا كما محاكاة لإقرار السلسلة، وخرجنا بمشروع من 22 بندا إصلاحيا للأسف لم تلحظ السلسلة كما أقرها البرلمان مؤخرا أي من هذه البنود». ورأى نحاس أنه «حتى الساعة فالمعالجة تتم من منطلقات انتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وخارج الإطار السليم وبشكل متشعب غير هادف»، مشددا على وجوب أن تقترن السلسلة مع «مشروع اقتصادي متكامل غير موجود حتى الآن».
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري وصف خلال اللقاء الحواري يوم أمس الوضع الاقتصادي بـ«الحساس»، معتبرا أنه «علينا درس الوسائل لتحريك العجلة الاقتصادية». وإذ أكّد التزام الحكومة بالسلسلة التي أقرت وبمحاولة إيجاد وسائل لإعادة النمو الاقتصادي، شدد الحريري على ضرورة أن «يقابل الصرف توفير مصادر التمويل له وليس من خلال الدين».
واستبقت هيئة التنسيق النقابية والعسكريون المتقاعدون كما متطوعو الدفاع المدني اجتماع بعبدا بتنفيذ اعتصامات في أنحاء العاصمة بيروت. فنفذت الهيئة وقفة أمام مقر جمعية المصارف داعية رئيس الجمهورية إلى «توقيع سلسلة الرتب والرواتب وعدم ردها، وإلى معالجة المواضيع الخلافية في أطرها الدستورية». وقالت: «الوكالة الوطنية للإعلام» إن عددا كبيرا من الموظفين والمعلمين والروابط تجمعوا أمام جمعية المصارف حاملين لافتات أكدت أن «السلسلة حق وليست هبة أو منة من أحد، وهي نتاج نضال الأساتذة والمعلمين والإداريين»، ودعت إلى «وقف الهدر والفساد».
أما العسكريون المتقاعدون فاعتصموا منذ السادسة صباحا أمام مصرف لبنان في منطقة الحمرا، وأمام مرفأ بيروت، مطالبين بإنصافهم في سلسلة الرتب والرواتب.
كذلك، نفذ متطوعو الدفاع المدني اعتصاماً في ساحة رياض الصلح للمطالبة بإدراج مطالبهم ضمن بنود سلسلة الرتب والرواتب. وفي كلمة باسم المتطوعين قال يوسف الملاح: «إذا لم يقر المشروع نهار الأربعاء سنتجه نحو سفارة معينة لنوصل رسالة لسفير بلاده طالبين لجوءاً إنسانيا لأنه من المعيب أن تكون كرامة المتطوع بهذه الطريقة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.