توقعات فلسطينية منخفضة من زيارة الوفد الأميركي ... ونتنياهو يعلن ترحيبه «الشديد»

منظمة التحرير تهاجم سلوك الكونغرس.... والفصائل تدعو لاستقبال مبعوثي ترمب بمظاهرات

نتنياهو يتحدث خلال اجتماع لحكومته في القدس أمس (رويترز)
نتنياهو يتحدث خلال اجتماع لحكومته في القدس أمس (رويترز)
TT

توقعات فلسطينية منخفضة من زيارة الوفد الأميركي ... ونتنياهو يعلن ترحيبه «الشديد»

نتنياهو يتحدث خلال اجتماع لحكومته في القدس أمس (رويترز)
نتنياهو يتحدث خلال اجتماع لحكومته في القدس أمس (رويترز)

في وقت قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيستقبل مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة «لإحياء عملية السلام» بـ«الترحاب الشديد»، يبدو أن لدى السلطة الفلسطينية توقعات منخفضة من زيارة الوفد، على الرغم من الترحيب الرسمي به.
ومن المقرر أن يزور المنطقة وفد أميركي يرأسه مستشار الرئيس صهره جاريد كوشنير، للقاء مسؤولين في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، إضافة إلى السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، بهدف البناء على «فرصة لتحريك عملية السلام». لكن مسؤولاً فلسطينياً قال إن السلطة «لا تعلق آمالاً على الزيارة».
وقال مسؤول كبير في مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله لصحيفة «إسرائيل اليوم»، إن الرئيس «فقد الثقة بالمبعوثين الأميركيين عقب النقاش الأخير الذي شهد توترات في رام الله». وأوضح أن عباس يعتقد أن الحل المرتقب «تسوية سياسية إقليمية على حساب حل الدولتين».
ووفقاً للمسؤول، فإن القيادة الفلسطينية طلبت من الإدارة الأميركية ضمانات حول التزامها بفكرة حل الدولتين لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» محمد اشتية، وهو مساعد مقرب من عباس، «تشاؤم القيادة الفلسطينية». وقال لصحيفة «معاريف» إن غياب التفاؤل «نابع من انشغال الإدارة الأميركية الحالية في ملفات داخلية وخارجية مثل الأزمة مع كوريا الشمالية، وكذلك انشغال (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بأزماته الداخلية».
واعتبر أن الوقت الحالي «فرصة أمام الإدارة الأميركية لاختبار قدرتها على وقف الهجمة الاستيطانية، وإعلانها بشكل واضح أن أي مفاوضات يجب أن تؤدي في النهاية إلى إنهاء الاحتلال على أساس الدولتين». وشدد على أن الفلسطينيين لن «يقبلوا بأي حل، سوى على أساس دولتين لشعبين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، واعتبار القدس الشرقية عاصمة لها».
وفي مقابل هذا الموقف، رحب المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة بالزيارة. وقال: «إننا ملتزمون بالسلام بالاستناد إلى حل الدولتين... وأبلغنا الإدارة الأميركية بأننا على استعداد للسلام على هذا الأساس. ونحن الآن في انتظار الوفد الأميركي للعمل معاً من أجل السلام».
وتوترت العلاقة بين واشنطن ورام الله بعد تبني الموفدين الأميركيين جميع الطلبات الإسرائيلية المتعلقة بـ«التحريض» ووقف رواتب الأسرى، ورفض تعهد العمل وفق حل الدولتين، ثم التصويت في الكونغرس لوقف المساعدات. واستنكرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في بيان غاضب «سلوك المشرعين في الكونغرس الأميركي ومواقفهم من الشعب الفلسطيني وحقوقه، بما في ذلك الإنسانية». واعتبرت أن مصادقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي على قانون بوقف المساعدات التي تقدمها الإدارة الأميركية إلى السلطة الفلسطينية إذا لم تتوقف عن تقديم العون لعائلات الشهداء والأسرى بأنها «سلوك مرفوض ينعكس سلباً على كل ما يتصل بحقوق الفلسطينيين، وفي الأساس حقهم في الحياة وفي الحماية من انتهاكات جيش الاحتلال وعمليات الإعدام الميداني التي يمارسها على الطرق والحواجز العسكرية في طول الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة».
وأكدت المنظمة «رفض هذا الابتزاز ورفض استخدام المساعدات لانتزاع التنازلات السياسية». وأكدت أنها «ستواصل مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية، نحو ضحايا الاحتلال وضحايا إرهاب الدولة المنظم وضحايا قطعان المستوطنين ومنظماتهم الإرهابية التي تتولى حكومة إسرائيل دعمها وتوفر لها الحماية والرعاية بمباركة من المشرعين في الكونغرس الأميركي». ودعت الإدارة الأميركية إلى «اعتماد مبدأ الدولتين على حدود عام 1967، والطلب من سلطة الاحتلال وقف النشاطات الاستيطانية الاستعمارية الإسرائيلية، بما يشمل مدينة القدس الشرقية، كأساس لأي مبادرة سياسية أميركية».
واستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي المواقف الفلسطينية المشككة بجهود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة إحياء عملية السلام، وأعلن ترحيبه «الشديد» بهذه الجهود واستعداده لاستقبال وفد الإدارة والتعاون معه. وقال نتنياهو في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، أمس، إن إسرائيل ترحب بقرار ترمب إرسال ممثليه إلى المنطقة بهدف «تحريك عملية السلام»، مؤكداً أنها «ستستقبلهم بالترحاب».
المعروف أن اليمين الإسرائيلي الحاكم الذي يرفض عملية السلام ويسعى إلى تخريبها طيلة الوقت، ويبادر إلى مشاريع تهويد واستيطان استفزازية، كان قد صدم من التوجه الأميركي لوضع قضية السلام في الشرق الأوسط على رأس سلم الاهتمام. غير أن قادة اليمين لم ينجرفوا لمهاجمة ترمب. ورأوا أن ينتظروا قليلاً على أمل أن يبادر الفلسطينيون إلى خلافات مع واشنطن تؤدي إلى نسف هذه الجهود.
وجددت فصائل فلسطينية، أمس، رفضها الموقف الأميركي الذي اعتبرته «منحازاً»، كما نددت بـ«الضغوط التي تمارس على الشعب للعودة للمفاوضات الثنائية بالرعاية الأميركية»، معتبرة أنها «وصفة جربت سابقاً، ولم تؤد إلا إلى مزيد من الاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية».
ودعت «القوى الوطنية والإسلامية في رام الله والبيرة» إلى استقبال زيارة الوفد الأميركي بـ«المسيرات الرافضة للانحياز الأميركي، تمسكاً بحقوق الشعب غير القابلة للتصرف، وفي مقدمها حق العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني في دولة كاملة السيادة عاصمتها القدس». وحذرت في بيان مشترك بعد اجتماع أمس، من أن «الموقف الأميركي الجلي يتمثل بالضغط على القيادة للعودة إلى المفاوضات واتهامها بالتحريض ومحاولات وسم النضال المشروع للشعب بالإرهاب، والضغط لوقف رواتب الأسرى والمحررين وأسر الشهداء، وسن القوانين في الكونغرس لوقف الدعم للسلطة، وصولاً إلى الضغط على بعض الدول العربية لوقف دعمها، وبالمقابل العمل على إطلاق يد إسرائيل لنهب الأرض وفرض الحل من طرف واحد بحلول وأوهام السلام الاقتصادي أو الحل الإقليمي، وكلها ستفشل على صخرة صمود الشعب واستمرار وتصعيد كفاحه الوطني حتى استعادة حقوقه كاملة».
وطالبت الفلسطينيين بـ«أوسع مشاركة شعبية في الفعالية بالتزامن مع وصول مبعوث الإدارة الأميركية، رفضاً للإملاءات الصهيو - أميركية، ورفضاً للمسعى الخطير الذي تقوده الولايات المتحدة بهدف العودة إلى المفاوضات». ورأت أن «الطريق إلى السلام يأتي عبر الاعتراف بالحقوق الوطنية المكفولة بالقانون الدولي وقوة الشرعية الدولية، وعبر الأمم المتحدة المطالبة هي أيضاً بإعلان موقف واضح وصريح تجاه ما يجري ولبدء ترسيم حدود دولة فلسطين تمهيداً لإنهاء الاحتلال بكل أشكاله وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسه حقه في تقرير المصير فوق ترابه الوطني».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم