مصر: كارثة الإسكندرية تطيح رئيس هيئة السكك الحديدية

TT

مصر: كارثة الإسكندرية تطيح رئيس هيئة السكك الحديدية

واصلت السلطات المصرية تحقيقاتها، أمس، في كارثة قطاري الإسكندرية، وقررت النيابة حبس سائقي القطارين واثنين من مساعديهما 15 يوماً على ذمة التحقيقات، فيما أعلن وزير النقل أنه قبل استقالة رئيس هيئة السكك الحديدية. لكن مصادر في الوزارة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير هو من طلب الاستقالة.
ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية عن الناطق باسم وزارة النقل محمد عز، مساء أمس، أن الوزير هشام عرفات قبل استقالة اللواء مدحت شوشة، رئيس هيئة السكك الحديدية، من منصبه على خلفية الحادث.
ووقع الحادث ظهر الجمعة الماضي عندما اصطدم قطار قادم من القاهرة بمؤخرة قطار قادم من بورسعيد قرب محطة منطقة خورشيد في الإسكندرية، وأسفر عن مقتل 41 شخصاً وجرح 132 آخرين.
وأوضحت مصادر أن الوزير حمّل شوشة المسؤولية عن تردي مستوى الخدمة في السكك الحديدية خلال الفترة الماضية، وتكرار أعطال القطارات وتأخيرها لساعات، وأنه طلب منه تقديم استقالته.
وأمرت النيابة العامة في تحقيقاتها، أمس، بأخذ عينات بول ودم من سائق القطار الذي اصطدم بالآخر، للكشف عما إذا كان يتعاطى مواد مخدرة من عدمه، كما اطلعت على التقارير الطبية للمصابين، وأمرت بإخلاء سبيل بعض موظفي القطارين والعاملين بمحطات القطار التي تقع قرب موقع الحادث.
وكان التقرير الفني المبدئي أدان سائقي القطارين وحملهما المسؤولية. ونسب بيان من رئاسة الجمهورية إلى وزير النقل قوله بعد اجتماعه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، إن «المؤشرات المبدئية تفيد بأن حادث التصادم يرجع لاستمرار اعتماد تشغيل السكك الحديدية على العنصر البشري، وعدم تطوير بنيتها الأساسية منذ عقود، وهو ما يفسح المجال لوقوع مثل هذه الحوادث حتى الآن».
واستدعت النيابة العامة، أمس، رئيس هيئة السكك الحديدية و9 مسؤولين آخرين في الهيئة، لسؤالهم بشأن أوجه القصور التي أدت إلى وقوع الحادث. وشملت قائمة المسؤولين المستدعين نائب رئيس الهيئة لقطاع الصيانة، ورئيس الإدارة المركزية لتشغيل القطارات، ومدير التشغيل بالمنطقة المركزية، ومدير صيانة البنية الأساسية، ومدير التشغيل لمنطقة غرب، ومراقب فني منطقة القباري، ومراقب حركة القباري، وملاحظ منطقة البيضا، ومدير محطة سيدي جابر.
وجاء استدعاء هؤلاء في إطار التحقيقات التي تستهدف تحديد المسؤولية الجنائية عن حادث التصادم. كما تعقد لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب اليوم اجتماعاً لبحث أسباب الحادث وتداعياته.
وكان النائب العام، نبيل أحمد صادق، شكل لجنة سباعية، تضم مختصين من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري في الكلية الفنية العسكرية، لإعداد تقرير شامل عن الكارثة، كما تضم أيضاً اثنين من أعضاء هيئة الرقابة الإدارية.
ويعد الحادث الحلقة الأحدث في سلسلة حوادث القطارات التي شهدتها مصر في السنوات الماضية، وخلفت مئات الضحايا، وكان أبرزها مقتل نحو 360 شخصاً باندلاع حريق في قطار كان متجهاً من القاهرة إلى صعيد مصر في فبراير (شباط) 2002. ويرجع المختصون تكرار الحوادث إلى تقادم القطارات وقلة صيانة السكك الحديدية وضعف المراقبة.
إلى ذلك، واصل قادة العالم تقديم تعازيهم في ضحايا الحادث؛ إذ أجرى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اتصالاً هاتفياً مع الرئيس السيسي أعرب خلاله عن تعازي الأردن قيادة وشعباً في ضحايا الحادث الأليم؛ «داعياً الله عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته»، بحسب بيان رسمي. وأكد حرص بلاده على «تعزيز العلاقات المتميزة والوثيقة التي تربطها بمصر على جميع الأصعدة، والدفع قدماً بجهود تعزيز وتفعيل أطر التعاون القائمة»، فيما أعرب السيسي عن «خالص تقديره لملك الأردن على تعازيه ومشاعره الصادقة»، مشيراً إلى «ما تعكسه من خصوصية العلاقات المصرية - الأردنية على المستويين الرسمي والشعبي، وما تتميز به من قوة». كما أكد تطلع مصر «لمواصلة العمل على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات والاستمرار في التنسيق والتشاور على المستويات المختلفة».
وبعث رئيس مجلس الدولة الصيني (رئيس الوزراء) لي كه تشيانغ ببرقية تعزية إلى رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، أعرب فيها عن «خالص تعازيه وتعاطفه مع أسر الضحايا والمصابين».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.