{حركة مجتمع السلم» تدعو إلى تبني نظام الحزب الواحد في الجزائر

تعبيراً عن رفضها فكرة توريث الحكم إلى شقيق بوتفليقة

TT

{حركة مجتمع السلم» تدعو إلى تبني نظام الحزب الواحد في الجزائر

دعا زعيم أكبر حزب إسلامي بالجزائر إلى العودة إلى نظام الحزب الواحد، الذي تخلت عنه السلطات عام 1988 على إثر «ثورة شعبية»، أدت إلى انفتاح سياسي وتعددية إعلامية. في غضون ذلك، طرح حزب الأغلبية البرلمانية، ضمنا، فكرة «توريث الحكم» إلى شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره الخاص؛ تحسبا لانتخابات الرئاسة المرتقبة عام 2019.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، الذي يعد أهم حزب إسلامي في البرلمان ينتمي إلى المعارضة، في تصريح مكتوب، إن الجزائر «تستحق أفضل من المهازل التي تغرق فيها اليوم»، في إشارة إلى المعركة الكبيرة التي تجري حاليا في سرايا النظام، تتعلق بخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يظهر منذ أبريل (نيسان) الماضي. وتنسب للرئيس منذ أسبوع قرارات موجهة ضد رجال أعمال محل شبهات فساد. في حين يشكك قطاع واسع من الملاحظين حول صدقية هذه القرارات ومصدرها لأن الرئيس مريض ومنسحب من الشأن العام.
ودعا مقري إلى «إنهاء هذا الوضع السيئ، ومشاكلنا السياسية لن تجد حلولا إلا بالتدافع السلمي»، ودعا إلى «العودة إلى الحزب الواحد الذي ميزه (في سبعينات وثمانينات القرن الماضي) التدافع بين ساسة وقادة كبار، وبين اتجاهات فكرية حقيقية، أو تطبيق النظام المعتمد في جمهورية الصين الشعبية، هذا البلد العملاق في تسيير التنوع ضمن الأطر القانونية وداخل الحزب الوحيد».
وأضاف مقري، أنه يفضل «الخروج من ديمقراطية الواجهة، التي يرسخها التزوير الانتخابي، ليظهر الفرق بين الساسة الكبار والطفيليين، وبين البرامج والأفكار، ولنتخلص من الرداءة والفساد بالصندوق الانتخابي كما هو الحال في العالم بأسره في كل الدول التي نجحت فيها التعددية الحزبية، وتحققت على أساس ذلك التنمية».
وتابع مقري موضحا «اعذروني... لا أستطيع أن أمسك نفسي، بالنظر لما أعرفه من حقائق على المستويين الاقتصادي والسياسي، لأقول بأن كل من يريد استمرار الوضع كما هو، ويمنع التصحيح العاجل، هو خائن للوطن ولعهد الشهداء ولمستقبل الأجيال، سواء من حيث يعلم ويتعمد، أو بسبب فساده ومصالحه أو غفلته. وهذا الوضع سيعرض الوطن لمخاطر مستقبلية مرعبة، يخافها كل جزائري مرتبط بتراب وقيم هذا البلد».
ويتفق هذا الرأي الذي يعبر عنه مقري مع انطباع لدى الكثير من الجزائريين، يتمثل في أن الجزائر «تسير من دون قيادة»؛ إذ لا يعرف بيد من يوجد القرار السياسي حاليا، هل هو بيد رئيس أركان الجيش الضابط القوي أحمد قايد صالح، أم رئيس الوزراء عبد المجيد تبون الذي يخوض حربا ضد أشهر رجال الأعمال، أم بيد السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس والرجل النافذ في البلاد، خلال فترة مرض الرئيس، أم هو أحمد أويحي مدير الديوان بالرئاسة، أم هم رجال الأعمال المتنفذون في الحكم؟. يشار إلى أن الاقتصاد الجزائري يمر بأسوأ مرحلة منذ مطلع التسعينات؛ وذلك بسبب انهيار أسعار النفط الذي كشف التبعية المفرطة للمحروقات.
من جهته، صرح جمال ولد عباس، أمين عام حزب الأغلبية: «جبهة التحرير الوطني» (حزب السلطة) لصحافيين أمس بالعاصمة، بأن الرئيس بوتفليقة «هو من يحكم البلاد حاليا، ولا معنى للجدل الذي يدور حول ما يسميه البعض شغور السلطة». ولما سئل ولد عباس عن رأيه في الشخص الذي يفضله ليترشح لانتخابات الرئاسة قال باللهجة العامية «لما يزيد نسموه سعيد»، قياسا على المثل الشعبي «عندما يزيد «يولد» نسميه بوزيد»، لكن ولد عباس بدل آخر الجملة فذكر «سعيد»، وهو اسم شقيق الرئيس، وفهم الصحافيون بأنه تعمد ذكر كبير المستشارين بالرئاسة، على سيبل القول ضمنا، أنه سيكون الرئيس المقبل للجزائر.
وعرف عن سعيد أنه لم يتحدث للصحافة أبدا، وأنه يفضل إدارة الشأن العام «من وراء ستار»؛ لذلك تنسج حوله قصص وحكايات كثيرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.