واجب فلسطيني وجريمة سويسرية في مسابقة لوكارنو هذا العام

إيزابيل أوبير في لقطة من فيلم «مدام هايد»
إيزابيل أوبير في لقطة من فيلم «مدام هايد»
TT

واجب فلسطيني وجريمة سويسرية في مسابقة لوكارنو هذا العام

إيزابيل أوبير في لقطة من فيلم «مدام هايد»
إيزابيل أوبير في لقطة من فيلم «مدام هايد»

بعد عقود من المصاعب التي حالت دون انتشار الأفلام العربية في المهرجانات، باستثناء ما حققه بعض المخرجين أمثال يوسف شاهين ورضا الباهي والناصر خمير وحفنة سواهم، تغير الوضع على نحو إيجابي، وباتت الأفلام العربية، أو تلك التي يمنحها المخرجون العرب الهوية العربية، وإن كانت من تمويل غير عربي، متوقعة الورود بصورة طبيعية في معظم المهرجانات الدولية.
هذا كان شأن عشرات الأفلام مؤخراً، من بينها «آخر أيام المدينة» و«اشتباك» و«بنحبك هادي» و«بركة يقابل بركة» و«آخر واحد فينا» و«جسد غريب» و«عمر». وقبل ذلك «وجدة» و«ذيب» و«هلأ لوين؟»، وفي الموازاة عدد كبير من الأفلام التسجيلية من بينها «آخر رجال في حلب» و«أطفال لبنان» و«هواء مقدس»، وكلها معاً ليست سوى ربع ما تكرر عرضه في المهرجانات الأوروبية (أساساً)، مثل فينيسيا وبرلين وكان ولوكارنو والأميركية (نيويورك، صندانس غالباً) وكندا (تورنتو ومونتريال) وسواها حول العالم.

ثلاثة عوامل
هذا لم يكن ليحدث لولا ثلاثة عوامل أساسية ساعدت السينما العربية في أن تكون حاضرة، كما الحال الآن في مسابقة مهرجان «لوكارنو» الذي انطلق قبل أيام قليلة، وما الحال في المستقبل غير البعيد، عندما يطالعنا فيلم زياد الدويري «إهانة» المشترك في مسابقة مهرجان «فنيسيا».
هذه العوامل هي:
1 - الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة العربية منذ أكثر من عشر سنوات، بدءاً بحروب عربية - أجنبية، ووصولاً إلى حروب عربية - عربية وولادة تنظيم داعش وسواها من المنظمات الإرهابية.‬
2 - إدراك المخرجين العرب أنّ النغمة السابقة من أن المهرجانات الدولية لا تكترث كثيراً للأفلام العربية لم تكن صحيحة تماماً بل جزئياً ولم تعد صحيحة الآن إلا فيما ندر. المشكلة كانت أنّ يوسف شاهين ويسري نصر الله من مصر، ورضا الباهي من تونس، ومحمد لخضر حامينا من الجزائر (رابح سعفة كان الذهبية الوحيد حتى اليوم)، وسواهم كانوا قريبين جداً من المفهوم الأوروبي في العمل وفي أسلوبية الإخراج كما في التعامل الإنتاجي مع الشركات الأجنبية بحيث لم يكن من المتاح، أساساً، لأي سبب يدعو للامتناع عن عرض هذه الأفلام على شاشات بعض المهرجانات الرئيسية المذكورة.
3 - العامل الثالث هو أنّ المهرجانات الدولية كافة بحاجة لأفلام. دائماً ما كانت بحاجة إلى الأفلام فعلاً، لكنّ عدد المهرجانات الكبيرة لم يكن يوماً كما هو اليوم. تلك الأيام التي شهدت عروض أفلام لكمال الشيخ وصلاح أبو سيف واللبناني جورج نصر في «كان»، كان عدد المهرجانات الدولية الأولى فيها لا يتجاوز الأربعة في أوروبا: برلين، وكان وفينيسيا وسان سابستيان وأقل من ذلك حول العالم. اليوم هناك أكثر من 3 آلاف مهرجان مسجل من بينها نحو 25 مهرجاناً في الصفين الأول والثاني، و50 آخر جاذبة سواء أكانت متخصصة بنوع معين من الأفلام أو غير منفتحة على كل الأنواع.

عرس فلسطيني
موضع مهرجان لوكارنو الذي انطلقت دورته السبعون في الثاني من هذا الشهر وانتهت يوم أمس السبت، بالنسبة للسينما العربية من تلك المواضع التي تزداد إلحاحاً. ليس فقط أنّه بات مقصداً لإنتاجات مصرية وتونسية ولبنانية و - هذا العام - فلسطينية، بل أخذ يشهد حضوراً ذا حجم لا بأس به من قِبل منتجين وأصحاب مؤسسات سينمائية عربية.
هذا الحضور لم يكن منتشراً على هذا النحو (ولا حتى أقل منه بكثير) في الثمانينات عندما بدأ هذا الناقد بالتردد إليه. لكنّه الحضور الذي يؤكد تلك العوامل المشار إليها.
الفيلم المقدّم باسم فلسطين هو «واجب» للمخرجة آن ماري جاسر وبطولة محمد بكري مع ولديه صالح وليلى بكري. ليس فيلماً تسجيلياً عن الممثل، بل يعمد إلى سرده الروائي عبر الحديث حول الأب الذي ما إن تُزف ابنته إلى عريسها (تقع الأحداث في الناصرة في الستينات) حتى يخلو البيت من الجميع ويبقى هو وحيداً. لكن ابنه الذي يعيش في روما يصل للمشاركة في التحضير لذلك العرس وهذا بعد سنوات طويلة من الانقطاع مما يجعل حضور كل للآخر بمثابة استفزاز، غير منطوق أولاً، ثم متفجر بعد ذلك.
تاريخ آن ماري جاسر السينمائي قريب. معظم ما أخرجته من سنة 2001 إلى اليوم، قصير. وهذا ثاني أفلامها الروائية الطويلة، وثالث فيلم طويل لها كون الأول في هذا المجال فيلمها الجيد «ملح هذا البحر» (2008). بعده أقدمت على «لما شفتك» (2012). لكن هذه الأفلام الثلاثة جابت مهرجانات عدة:
«ملح هذا الأرض» عرض أولاً في مهرجان «كان» سنة 2008، ثم انتقل، في نفس العام، إلى هلسنكي وريو دي جانيرو ووارسو ومونتريال وبوسان وساو باولو كما لحق لندن وقرطاج والقاهرة ثم حط في دبي مع آخر تلك السنة.
«لما شفتك» شهد عرضه الأول في تورنتو، 2012، ثم انتقل إلى ساو باولو وأبوظبي وقرطاج والقاهرة وخاض عدداً كبيراً من المهرجانات الدولية في العام التالي من بينها تورنتو وملبون ولوس أنجليس وسراييفو.

مدام هايد
قد لا تنال المخرجة من مهرجان لوكارنو إلّا شرف التسابق والحضور، لكن هذا ليس قدراً ضئيلاً لفيلم فلسطيني الهوية في الوقت الذي شهدت سنواته القريبة السابقة اهتمامه بالسينما الإسرائيلية وصانعيها، ما حدا ببعض السينمائيين العرب والأوروبيين للاحتجاج وبعضهم لعدم حضور الدورة التي أقيمت قبل عامين.
لكن قوّة لوكارنو الذي احتفى بالدورة السبعين هذا العام (وُلد سنة 1946 لكنه توقف مرتين فقط من حينها) كانت دائماً في جمعه المواهب التي ما زال المستقبل أمامها ممتداً. صحيح أنّه بات الآن يدمج الأعمال بعضها ببعض في برمجة يريد منها أن تطرح «لوكارنو» كاختيار أفضل من ذي قبل، إلا أن أقسامه ما زالت تشهد اهتمامه بالسينما التي يقدم عليها مخرجون جدد أو في مراحل أولى.
هذه دوما تحمل تجارب جديدة. منها هذا العام، وإلى جانب «واجب»، فيلكس راندو في ثاني عمل له من بعد «لعبة النداء» قبل عشر سنوات. الفيلم الجديد هو «رجل الثلج» الذي تقع أحداثه قبل 5300 سنة مضت في مرتفعات جبال الألب. حسب أسطورة أو سواها، اكتشف كيلاب (الألماني يورغن فوغل في الدور)، أن أفراد عشيرته القلائل قتلوا جميعاً بمن فيهم زوجته ولم ينج سوى طفل صغير. بطبيعة الحال فإنّ الخيار الجاهز أمامه هو البحث عن القتلة وإعدامهم، لكنّ المهمّة شاقة، من جهة عليه حمل طفله من موقع لآخر، ومن أخرى هناك عناصر الطبيعة من برد وثلج وعواصف، ومن جهة ثالثة، يجد نفسه وقد أصبح مطارداً من الذين انطلق لمطاردتهم.
وفي مكان آخر لا يمكن أن يكون نقيضاً لما يرد في «رجل الثلج»، قدّم المهرجان، في مطلع دورته الحالية، فيلماً عنوانه «مغنية الجمل» مع الإيرانية (المنشقة) غولشفته فرحاني والهندي المعروف عرفان خان للمخرج الهندي الأصل، البريطاني الجنسية والمهاجر إلى سويسرا، منذ بضع سنوات، أنوب سينغ. أحداثه تقع في الهند وذلك وحده يخلق ذلك البعد الجغرافي، كما الثقافي عن الفيلم الآخر. على عكسه أيضاً يعمد الفيلم إلى الحوار كما لو كان لزاماً حتى حين كان ينفع الصمت. بينما يميل «رجل الثلج» بمعظمه إلى الصمت.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».