المساعي الصينية تصطدم برفض حوثي للتواصل مع المبعوث الأممي إلى اليمن

ولد الشيخ لـ «الشرق الأوسط» : لا خطط لزيارة صنعاء قريباً

نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني الدكتور عبد الملك المخلافي
نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني الدكتور عبد الملك المخلافي
TT

المساعي الصينية تصطدم برفض حوثي للتواصل مع المبعوث الأممي إلى اليمن

نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني الدكتور عبد الملك المخلافي
نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني الدكتور عبد الملك المخلافي

أظهرت تصريحات أدلى بها مسؤولون يمنيون لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين عرقلوا مساعي صينية بذلتها بكين لإعادة تواصل الجماعة الانقلابية مع المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني الدكتور عبد الملك المخلافي لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الجهد الذي قام به السفير الصيني في تنظيم اتصالات بين ولد الشيخ والحوثيين تراجعوا عنه الآن (أي الحوثيين) ورفضوا أن يستمر الصينيون بدور في هذا الجانب».
في حين قال المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي خلال اتصال أمس، إن «الجهود التي تبذلها دول عظمى في إعادة تواصل الحوثيين مع ولد الشيخ تواجه تحديات» وأضاف: «ننتظر أن تثمر هذه الجهود لتكتمل أركان الحل».
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن ثمن للصين جهودها التي تبذلها، بعد استعراضه عودة الاتصالات مع أنصار الله (الحوثيين)، لكن يبدو أن الطرف الانقلابي في اليمن تراجع عن ذلك وفق تصريحات المسؤولين.
ويشار إلى أن الصين تعد من الدول الـ19 الراعية للسلام وتدعم الشرعية في اليمن، وفق تصريحات السفير تيان تشي التي نقلتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) لدى لقائه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وفي شأن ذي صلة، تداولت مواقع يمنية إخبارية نبأ مفاده بأن الحوثيين رفضوا استقبال المبعوث الأممي في صنعاء، متكئين على أن المبعوث قضى أياما في سلطنة عمان ثم اتجه إلى الرياض وبعد ثلاثة أيام عاد إلى مقر مكتب الأمم المتحدة الخاص باليمن في العاصمة الأردنية عمّان، من دون أن يتجه إلى العاصمة اليمنية صنعاء.
وحيال ذلك، قال إسماعيل ولد الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المعلومة غير صحيحة وأنا لم أقرر الذهاب إلى صنعاء هذه الأيام أصلا».
وبالعودة إلى وزير الخارجية اليمني، فإن المخلافي شرح مسألة حول «الطرف الثالث في الخطة الأممية للحديدة»، وقال إنهم «عسكريون يمنيون ليسوا موالين للانقلاب».
وهل يعني ذلك أنهم تابعون للدولة؟ أجاب الوزير عن السؤال بالقول: «هم مع الدولة، وهذا الأمر تم الاتفاق عليه في الكويت هو أساس أي لجنة عسكرية وكان باقتراح الأمم المتحدة وموافقة الجميع».
وكان ولد الشيخ أصدر بيانا في وقت متأخر مساء أول من أمس، قال فيه إنه وصل إلى الأردن بعد زيارة إلى المملكة العربية السعودية استغرقت ثلاثة أيام.
ولفت البيان إلى لقاء ولد الشيخ مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائب الرئيس اليمني علي محسن، بالإضافة إلى اجتماعات مطولة مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني، فضلا عن لقاء سياسيين يمنيين ومجموعة من السفراء المعتمدين لدى اليمن.
وأكد البيان أن اللقاءات «تطرقت فيها المشاورات إلى السبل الممكنة لإنهاء النزاع في اليمن والتوصل إلى حل سياسي، كما بحث المبعوث الخاص مقترحا خاصا بمرفأ الحديدة كخطوة أولى من خطة عمل تضمن التوصل إلى حل شامل للنزاع وحث الأطراف على ضرورة إعادة فتح مطار صنعاء الدولي للحد من المعاناة الإنسانية ودفع الرواتب وتأمين المساعدات الأساسية للشعب اليمني».
وقال ولد الشيخ إن «اللقاءات التي عقدناها كانت موفقة والاجتماعات سمحت للأطراف بالتعبير عن مخاوفهم وأعطتنا الفرصة لتقديم مقترحات تتعاطى مع هذه المخاوف وتراعي مطالب الطرف الآخر، وأن الحال لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه ومن الضروري أن يقدم الطرفان التنازلات من أجل تجنيب الشعب اليمني مزيدا من الحرب والدمار».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.