قوات النظام السوري تتمدد على حدود الأردن وتقترب من قاعدة التنف الأميركية

(أ.ب)
(أ.ب)
TT

قوات النظام السوري تتمدد على حدود الأردن وتقترب من قاعدة التنف الأميركية

(أ.ب)
(أ.ب)

تواصل قوات النظام السوري وحلفاؤها التقدم باتجاه منطقة التنف حيث المعسكر الأميركي - البريطاني عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، ذلك بعد سيطرتها على كامل حدود الأردن مع محافظة السويداء.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن للأردن «حساسيات كبيرة حول وجود الميليشيات الإيرانية وحزب الله على حدوده، لذلك يقتصر الوجود العسكري هناك بالوقت الراهن على قوات النظام ومجموعات فلسطينية وأخرى دربتها موسكو».
وشدد عبد الرحمن على أن فرض النظام سيطرته على الحدود الأردنية من جهة السويداء ما كان ليتم لولا وجود اتفاق روسي - أميركي بعدما كانت هذه المنطقة محرمة تماما عليه، لافتا إلى أن سير الأردن بهذا الاتفاق من خلال ما تم تداوله عن انسحاب عناصر «جيش العشائر» الذي تدربه عمان، هو لتأمين حدودها. وأضاف: «لا مشكلة لدى عمان بأن توجد قوات النظام السوري على الحدود طالما ستكون هذه الحدود ممسوكة ولا وجود فيها لعناصر داعش أو ميليشيات إيرانية، أو حتى لمقاتلين غير أكفاء وقادرين على الإمساك بهذه الحدود».
وكانت قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها تمكنت الخميس، وفي تطور مفاجئ، من السيطرة على كامل حدود الأردن مع محافظة السويداء. وأعلنت هذه القوات أنّها سيطرت على ما لا يقل عن 30 كيلومترا من الحدود مع الأردن. وقال الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» إن «الجيش السوري (النظامي) وحلفاءه سيطروا على جميع نقاط التفتيش والمواقع الحدودية في السويداء، وهي واحدة من أربع محافظات تقع على الحدود مع الأردن».
وأعلن النظام السوري يوم أمس، أن قوات حرس الحدود السورية ثبّتت نقاطها في المخافر الحدودية في ريف السويداء الشرقي بعد السيطرة على 30 كلم من الشريط الحدودي مع الأردن، وقال التلفزيون السوري الرسمي إن «الجيش السوري النظام رفع علم الجمهورية العربية السورية على معبر أبو شرشوح عند الحدود السورية - الأردنية».
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري أن وحدات من قوات النظام بالتعاون مع «القوات الرديفة» سيطرت على مساحات واسعة ومرتفعات في منطقة سد الزلف، وهي تل الطبقة وتل الرياحي وتل أسدة وتل العظامي وبير الصوت ومعبر أبو شرشوح وجميع المخافر المنتشرة على الحدود مع الأردن بطول أكثر من ثلاثين كيلومترا، بعد مواجهات مع مقاتلي تنظيم داعش. إلا أن فصائل المعارضة في المنطقة نفت أي وجود للتنظيم المتطرف هناك، وأشارت إلى أن تقدم النظام جاء بعد انسحاب فصيل «أحرار العشائر» ودخوله إلى الأردن.
وكشفت صحيفة «الغد» الأردنية أول من أمس عن اجتماعات لرموز عشائر البادية السورية وقيادات من «جيش أحرار العشائر» عُقدت في الأردن وسط تكتم شديد بمشاركة ممثلين عن الجيش الأميركي. ونقلت صحيفة «الغد» عن مصدر عشائري سوري مشارك بالاجتماعات قوله «إن الاجتماعات تبحث قضايا أمن المخيم ووضع اللاجئين فيه، من حيث توفير خدمات الغذاء والصحة والمياه لهم، بالإضافة إلى عمل المجلس المحلي في المخيم وسبل دعمه، كي يقوم بمهامه الإنسانية في كافة مجالات الحياة قدر المستطاع». لكن مصادر في «الجيش السوري الحر» والتي نفت مشاركتها أو علمها بهذه الاجتماعات، رجحت أن تكون هذه الاجتماعات مرتبطة بانسحاب مقاتلي هذا الفصيل (أحرار العشائر) من مراكز عسكرية في ريف السويداء الشرقي، وتسليمها لقوات النظام دون قتال، ودون التنسيق مع فصائل الجيش السوري الحر التي تقاتل في البادية. وهو ما أكده المسؤول الإعلامي لـ«قوات أحمد العبدو»، سعيد سيف لافتا إلى أن «جيش العشائر انسحب من هذه المناطق دون أي إنذار أو بلاغ ليتقدم النظام ويسيطر عليها، الأمر الذي أربك فصائل الجيش الحر التي تقاتل في البادية».
ووصف الخبير العسكري الأردني، اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوّار ما حصل على الحدود الأردنية من جهة السويداء بـ«التحول الاستراتيجي والخطير». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «سيترتب عليه حصار لقاعدة التنف العسكرية وسقوطها عسكريا تماما كقطع خطوط إمدادات قوات المعارضة في درعا التي ستحاصر بدورها وسيبقى لها منفذ وحيد مع الأردن تماما كما هو حاصل في إدلب حيث منفذها الوحيد مع تركيا». واعتبر أبو نوّار أن «ما يحصل يشكل ضغطا كبيرا على الأردن اقتصاديا وأمنيا خاصة في ظل توسع نفوذ إيران في المنطقة».
وبالتوازي مع التطورات العسكرية على الحدود الأردنية، أفيد أمس عن نزوح عشرات العائلات السورية من مخيم الحدلات الواقع على الحدود السورية الأردنية والذي يضم نحو 8 آلاف نازح، باتجاه مخيم الركبان بسبب استمرار الغارات الجوية التي ينفذها الطيران الحربي السوري. ونقلت شبكة «الدرر الشامية» عن مصادر محلية أن «المقاتلات الحربية قصفت أطراف ومداخل مخيم الحدلات بأكثر من خمس غارات جوية، ما دفع اللاجئين السوريين إلى النزوح إلى الساتر الأردني باتجاه مخيم الركبان وخارج المخيم؛ خوفاً من تجدُّد القصف».
كذلك كشف القيادي العسكري في «المغاوير»: «أبو الأثير الخابوري»، عن تسليمهم لروسيا جثتين عائدتين لعناصر من الميليشيات الإيرانية، برعاية التحالف الدولي، قتلا قبل أيام في محيط قاعدة «الزكف» بأقصى ريف حمص الشرقي، لافتا في تصريح لموقع معارض إلى أنهم سلموا الجثتين للفريق الأميركي ضمن قيادة التحالف الدولي، والذي قام بدوره بتسليمهما للقوات الروسية.
وبمقابل انهيار معظم الهدن والاتفاقات في معظم المناطق السورية، تبدو هدنة درعا الأكثر ثباتا حتى اللحظة. وفي هذا السياق، قالت وكالة «نوفوستي» الروسية إن الشرطة العسكرية الروسية، تعمل في المحافظة الواقعة في الجنوب السوري على ضمان الأمن وتسهيل إيصال المساعدات للسكان، ومواد البناء لإعادة إعمار ما دمرته الحرب. وتتمركز وحدة من الشرطة العسكرية الروسية في دير اليخت، شمال غربي درعا، في الخط الفاصل أو ما يعرف بخط ترسيم حدود مناطق خفض التوتر، لضمان الأمن وتأمين الطريق، بين دير اليخت ومنطقة كفر شمس التي يسيطر عليها المسلحون. وحسب مصادر عسكرية روسية، فإن حركة تنقل المدنيين عبر نقاط المراقبة بين دير اليخت ومنطقة كفر شمس تشهد ازديادا مطردا، وقد تم تسجيل عبور أكثر من 1500 شخص يوميا في الاتجاهين.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».