«بنك أوف أميركا»: الانفتاح السعودي على الاستثمارات التقنية سيطور الاقتصاد التشاركي

قيمتها السنوية عالمياً تبلغ 250 مليار دولار

TT

«بنك أوف أميركا»: الانفتاح السعودي على الاستثمارات التقنية سيطور الاقتصاد التشاركي

أكد «بنك أوف أميركا»، أن انفتاح الاقتصاد السعودي على الاستثمارات التقنية سيطور الاقتصاد التشاركي للمملكة، مشيرا إلى أن القيمة السنوية لهذا النوع من الاقتصاد تبلغ 250 مليار دولار بالنسبة للشركات والاقتصادات في العالم.
ونصح خبراء دوليون، الرياض بأهمية تبني الاقتصاد التشاركي، مشيرين إلى أن دراسة حديثة أصدرها «بنك أوف أميركا ميريل لينش» الاستثماري، كشفت عمق التغيير الذي أدخله الاقتصاد التشاركي.
وقال الخبير المالي الدولي فيليكس تران، محلل ومدير الاستراتيجيات المالية بالبنك، لـ«الشرق الأوسط»: «نظرا للمعدلات المرتفعة التي حققتها تقنية أجهزة الهاتف الذكية في اختراق أسواق الاتصالات والتركيبة السكانية الشابة في السعودية، في ظل الأهداف التي تستهدف تعزيز انفتاح الاقتصاد السعودي على الاستثمارات التقنية، سيثمر ذلك تطور الاقتصاد التشاركي على المملكة وسائر دول المنطقة».
وأوضح تران أن تقرير «بنك أوف أميركا ميريل لينش»، أن الاقتصاد التشاركي سيؤثر في نهاية المطاف في جميع قطاعات الأعمال، وستواجه قطاعات النقل والسفر والغذاء وتجارة التجزئة والإعلام على الأرجح أكبر تأثيرات هذا الاقتصاد، في وقت ضخّ فيه المستثمرون في قطاع التكنولوجيا الحديثة 45 مليار دولار من الاستثمارات في شركات الاقتصاد التشاركي بين عامي 2012 و2016، وتصدرتها قطاعات النقل ومساحات العمل والخدمات المالية.
ويعتقد سارج نحال، رئيس دائرة الاستراتيجية العالمية للاستثمار، أن الأسواق الصاعدة هي التي تقود الإقبال على الاقتصاد التشاركي، والابتكار في توفير المساحات من خلال تطوير مقاربات فريدة من نوعها تستند إلى الظروف المحلية والاقتصادية، وصولا إلى التشارك في الطاقات التصنيعية.
ويعتقد المستثمر في التكنولوجيا خلدون طبازة، الرئيس التنفيذي لشركة «آيمينا»، أنه رغم واقعية توجهات الاقتصاد التشاركي وتأثيرها في اقتصادات السعودية وسائر دول المنطقة، فإن البنية الهيكلية والاختلاف الثقافي لدول الشرق الأوسط سيفرزان هوية إقليمية مميزة للاقتصاد التشاركي في المنطقة.
وقال طبازة: «رغم تطور الاستثمار في الاقتصاد التشاركي في دول المنطقة، فإنه لم يبلغ بعد الحجم والاستشراف التكنولوجي الموجودَين في كبرى الشركات العالمية، إلا أن هذين العنصرين يتطوران بسرعة في المنطقة، حيث يتم تأسيس أعداد متزايدة من شركات التكنولوجيا في دول المنطقة، ما يزيد من مستويات التمويل المتاحة لشركات التكنولوجيا الناشئة».
وأكد أن السعودية تعتبر حاليا أكبر اللاعبين من حيث حجم الاستثمارات، إذ استثمرت 3.5 مليار دولار في شركة «أوبر»، وكذلك استثمرت في صندوق «فيجن» الاستثماري التابع لـ«سوفت بانك»، بما يصل حجمه إلى 45 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهو الصندوق الذي سيستثمر في شركات التكنولوجيا على مستوى العالم، كما استثمرت شركة مبادلة الإماراتية 15 مليار دولار في صندوق «فيجن».
ويرى طبازة أن هذه الاستثمارات السعودية ستمنح القدرة على الحصول على التكنولوجيا الأجنبية، إذا تزامنت هذا الاستثمارات مع استثمارات مناسبة في رأس المال البشري للمملكة وفقا لـ«رؤية 2030» التنموية السعودية.
وقال: «يمكن عندئذ الاستفادة من تلك الاستثمارات على مستوى الاقتصاد السعودي بأكمله»، مشيرا إلى أن المقاربة من الأعلى إلى الأسفل تحتاج إلى دعم من مقاربة من الأسفل إلى الأعلى، وإلى تحرك عضوي للاستثمارات في التكنولوجيا وشركات التكنولوجيا.
وترجح التركيبة السكانية للسعودية وسائر دول المنطقة، وفق طبازة، إحداث تحول سريع إلى الاقتصاد التشاركي، الذي يعتبر قيد الإنشاء حاليا، لكنه حين يبلغ حجم الكتلة الحرجة المطلوبة ستتحرك الأسواق بسرعة، وبذلك سيصبح الاقتصاد التشاركي أمرا واقعا في منطقة الشرق الأوسط، على حدّ تعبيره.
وأوضح التقرير أن نماذج العمل المعتمدة تقوم على التقنيات الحديثة بتحرير القيمة الكامنة في الأصول غير المستخدمة أو المستخدمة بنسبة أدنى من طاقاتها الحقيقية، لتقود تحولا من نموذج الشركات قوية الأصول إلى الشركات ضعيفة الأصول، وترجح مفهوم التمكين من الحصول على الخدمات والمنتجات على أساس تشاركي على مفهوم التملك.
ووفق التقرير، يقود المستهلكون التوجه نحو التمكين من الحصول على تلك الخدمات والمنتجات نتيجة سأمهم من التملك المادي للممتلكات، بالتزامن مع تبنيهم موقفا توفيريا من الحياة مدفوعين بالرغبة في اكتساب الخبرة بدلا من التملك.
وأضاف التقرير أنه «بينما توفر أجهزة الهاتف الذكية والتطبيقات الإلكترونية بوابات للحصول على خدمات، يعزز استخدام الإنترنت المحمول القدرة على الحصول على تلك الخدمات بسرعة أكبر بكثير... وفي حين توفر الخدمات المنزلية الخدمات الشائعة، تقتل المدفوعات الرقمية المدفوعات النقدية، وتقوم مواقع التوصيات والمراجعات برقمنة الثقة».
وقال طبّازة: «تم تمكين الاقتصاد التشاركي، من خلال تقارب العوامل التقنية الحديثة، بما فيها التبني واسع النطاق لاستخدام الإنترنت عبر أجهزة الهاتف الذكية وخدمات التموقع والدفع وأنظمة المراجعة الإلكترونية».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.