الجزائر: فصل جديد من الصراع بين رئيس الوزراء وشقيق بوتفليقة

TT

الجزائر: فصل جديد من الصراع بين رئيس الوزراء وشقيق بوتفليقة

يتابع الجزائريون حاليا فصلا جديدا من صراع حاد في أعلى هرم النظام، يشد الأنظار في هذا الصيف الحار، يتعلق بمقابلة أجراها رئيس الوزراء عبد المجيد تبون أول من أمس مع نظيره الفرنسي إداورد فليب بباريس دون علم الرئاسة، علما بأن تبون يوجد بفرنسا في إجازة وليس في مهمة رسمية، وما كان عليه أن يلتقي، حسب خصومه، شخصية حكومية فرنسية بارزة كرئيس الوزراء.
وشنت الفضائية الخاصة «النهار تي في» المعروفة بقربها الشديد من الرئاسة، حملة كبيرة على تبون، واتهمته بـ«خيانة ثقة رئيس الجمهورية»، بذريعة أن لقاءه مع فليب تم من دون إذن من الرئاسة، وقالت إن تبون «يبحث عن ولاءات بفرنسا ليكون رئيسا»، وهذا الكلام هو في حد ذاته تهمة في نظر السلطات العليا، لأن تبون يريد في هذه الحالة أن يستخلف بوتفليقة الذي لا يزال رئيسا.
وتعرف «النهار» أيضا بتبعيتها لسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، بل هو حسب عدد من المتابعين للشأن السياسي في الجزائر الرئيس الفعلي، لكن من وراء ستار، وهو من يدير شؤون الدولة منذ أن تسببت الجلطة الدماغية التي أصيب بها بوتفليقة عام 2013 في عجزه عن إدارة دفة الحكم.
وهناك مؤشر قوي على أن الرئاسة غير راضية عن «اللقاء الباريسي»، الذي جرى بقصر الحكومة الفرنسية، يتمثل في تجاهله في النشرات الرئيسية للتلفزيون الحكومي، الذي يعرف في الأوساط الإعلامية والسياسية بأنه يخضع لمراقبة الرئاسة، وبأن مديره العام توفيق خلادي، الذي كان مديرا للإعلام بالرئاسة، يتلقى التوجيهات مباشرة من سعيد، بشأن مضامين البرامج التي تبث، وبخاصة السياسية منها ونشرات الأخبار.
وأصدرت رئاسة الوزراء بيانا، تناول لقاء تبون مع فليب، في محاولة للتأكيد على أنه ليس سرا. ولم تفعل ذلك إلا بعدما بثت «النهار» خبر اللقاء، وتعاملت معه على أنه جرى خارج الأطر الرسمية ومن غير علم الرئاسة. وجاء في البيان «التقى رئيس الوزراء عبد المجيد تبون الاثنين خلال توقفه بباريس مع نظيره الفرنسي إدوارد فيليب».
وكلمة «توقفه بباريس» تفيد بأن تبون لم يكن في مهمة رسمية، وتؤكد في الوقت نفسه الأخبار التي تحدثت عن إجازة يقضيها تبون في باريس. ويعرف محليا بأن بوتفليقة شديد الحساسية لأي نشاط يجريه مسؤولون حكوميون في فرنسا، حتى لو كان بعلمه لأنه يعتبر أن العلاقات مع سلطات فرنسا من خصوصياته.
ويرى مراقبون أنه إذا صح بأن العلاقة سيئة بين تبون وشقيق الرئيس، فإن ذلك يندرج بالتأكيد في سياق ما عرف في الأسابيع الأخيرة بـ«حادثة رجل الأعمال علي حداد والوزير الأول تبون». فمشاهد الود والانسجام بين حداد والسعيد التي لاحظها كل من حضروا جنازة رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك نهاية الشهر الماضي، أثبتت أن «كبير المقاولين» يحظى بدعم قوي من الرئاسة. وتلك المشاهد حملت في الوقت نفسه صفعة لتبون وحربه المفترضة ضد الفساد، بحسب نفس المراقبين.
ولفت منظر حداد مع السعيد وهما يتبادلان الحديث ويضحكان في المقبرة، أكثر من أي مشهد آخر من مشاهد الجنازة. أما تبون فقد كان منعزلا بالمقبرة، وفهم المتابعون حينها بأن «الحرب ضد رجال الأعمال» التي تحدث عنها الإعلام بكثافة خلال أسابيع، هي في الحقيقة حرب تبون ضد حداد، لا يعرف أحد دوافعها. والشائع أن رئيس الوزراء يملك مشاريع اقتصادية هو أيضا يديرها رفقة أبنائه.
يشار إلى أنه في 19 من الشهر الماضي، اجتمعت سبعة تنظيمات تابعة لأرباب عمل خواص، من بينها «منتدى رؤساء الشركات» الذي يرأسه حداد، وأصدرت بيانا شجبت فيه تهديدات الحكومة بسحب مشروعات رجل الأعمال بحجة تأخر إنجازها، وانضم لهذه التنظيمات «الاتحاد العام للعمال الجزائريين» (النقابة المركزية)، وهو ما استغربه ملاحظون، لأن النقابة عرفت بولائها الشديد للحكومة، وعارضت في مرات كثيرة إضرابات في عالم الشغل، وهو ما أضر بمصداقيتها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.