أعلن نواب في الكونغرس الفنزويلي الذي تسيطر عليه المعارضة أن قاعة اجتماعاته تعرضت أمس (الاثنين) للاقتحام من قبل أعضاء في مجلس تشريعي آخر موالٍ للرئيس نيكولاس مادورو تدعمهم مجموعة من الجنود.
ونشر حساب للكونغرس على موقع «تويتر» صوراً لمجموعة من الأشخاص داخل القاعة التي يستخدمها النواب في القصر التشريعي في كراكاس.
ويتشارك الكونغرس المقر مع «الجمعية التأسيسية»، وهي هيئة تشريعية أنشأها مادورو قبل أسبوع من خلال انتخابات قاطعتها المعارضة واعتبرتها غير شرعية.
ومن بين الأشخاص الذين أعلن الكونغرس أنهم قد اقتحموا قاعته، رئيسة «الجمعية التأسيسية» ووزيرة خارجية مادورو السابقة ديلسي رودريغيز.
ويخشى النواب أن تعمد «الجمعية التأسيسية» التي أعطيت صلاحيات واسعة تطال كل المؤسسات الحكومية إلى حل الكونغرس من أجل توحيد كل السلطة بيد مادورو. فقد أمرت الجمعية السبت بإقالة النائبة العامة لويزا أورتيغا التي انشقت عن مادورو وتحولت إلى منتقد شرس له.
وسبق حادثة الاثنين اقتحام مشابه في 5 يوليو (تموز) الماضي، حين دخل أنصار مادورو بشكل عنيف إلى قاعة الكونغرس مما أدى إلى جرح 7 نواب.
وتسعى سلطات فنزويلا اليوم (الثلاثاء) إلى التأكيد على «وحدة» الجيش، فيما تواصل مطاردة منفذي «الهجوم الإرهابي» على قاعدة عسكرية في فالنسيا (شمال).
من جهتها، واصلت المعارضة تحركاتها للضغط على الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو داعية إلى قطع الطرقات في أنحاء البلاد لمدة 6 ساعات.
وأعلن وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة الجنرال فلاديمير بادرينو لوبيز أن الجيش يقوم بعملية من أجل القبض على النقيب السابق في الحرس الوطني خوان كارلوس كاغواريبانو والملازم جيفرسون غبريال غارسيا المتهمين بالوقوف خلف الهجوم الذي شنه 20 مسلحاً على قاعدة باراماكاي في فالنسيا، ثالث كبرى مدن البلاد.
ووصف بادرينو المهاجمين بأنهم «أعداء الأمة»، في شريط فيديو ظهر فيه محاطاً بثلاث دبابات وعربة مصفحة وجنود بأسلحتهم.
وقال: «ثقوا أنه بوسعنا الاعتماد على قوة مسلحة وطنية بوليفارية موحدة، معنوياتها بأعلى مستوى».
وكان قائد العملية خوان كارلوس كاغواريبانو الذي ظهر قبل الهجوم في فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ليعلن أن الهجوم جزء من «تمرد مشروع... لرفض الطغيان الدموي (للرئيس) نيكولاس مادورو»، تم تسريحه من الجيش عام 2014 بتهمة عصيان الأوامر.
ورفض في ذلك الحين العقوبة، معتبراً أنها ناجمة عن اعتبارات «سياسية». وندد لاحقاً بـ«القمع» الذي مارسته قوات الأمن بحق المتظاهرين ضد مادورو الذي أوقع 43 قتيلاً، وفر إلى بنما.
أما جيفرسون غبريال غارسيا العسكري الذي اتهمته السلطات بأنه تواطأ مع المهاجمين من الداخل، فهو كان مسؤولاً عن المخزن الذي سرقت منه الأسلحة، بحسب السلطات.
وأكد الكابتن خافيير نييتو كوينتيرو الضابط المتواري عن الأنظار، أنه شارك في التحرك العسكري، متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية بأن كاغواريبانو «وطني، هو جندي قبل أي شيء، ورجل مبادئ».
وأضاف: «لسنا إرهابيين ولا مسلحي ميليشيات»، مؤكداً أن المهاجمين نجحوا في تحقيق هدفهم وهو الاستيلاء على «ما بين 98 و102 بندقية من طراز 156 وإيه كاي - 47».
أما وزير الدفاع، فأكد مجدداً أن العملية كانت «هجوماً إرهابياً» نفذه «مرتزقة (...) يتلقون أموالاً من ميامي، من مجموعات يمينية متطرفة»، على ارتباط بالمعارضة ضد نيكولاس مادورو.
كما أكد مقتل اثنين من المهاجمين وإصابة 3 عسكريين فنزويليين بجروح، أحدهم إصابته بالغة. وألقي القبض على 8 مهاجمين، فيما تمكن 10 آخرون من الفرار بينهم كاغواريبانو وغارسيا.
وفي محاولة لمنع أي حركة تمرد في صفوف الجيش، نفى الجنرال بادرينو أن يكون الأمر «تمرداً عسكرياً».
رغم ذلك، يرى الخبراء أن العملية الأحد تعكس تململاً داخل الجيش الفنزويلي واسع النفوذ، والذي تدعوه المعارضة منذ أشهر للانضمام إليها.
وقال المحلل في معهد «آي إتش إس» البريطاني دييغو مويا أوكامبوس للصحافة الفرنسية: «هذا يشير إلى الاستياء المتزايد في صفوف الرتب المتوسطة في الشرطة والجيش، حتى إن كانت القيادة العليا العسكرية لا تزال متحالفة مع الحكومة».
وأضاف: «يمكن توقع حوادث جديدة مع تزايد هذا الاستياء».
على صعيد آخر، تعرضت المواقع الإلكترونية للحكومة والمحكمة العليا والبرلمان وغيرها من الهيئات الرسمية الاثنين لهجوم إلكتروني، وأعلنت مجموعة من القراصنة مسؤوليتها عن العملية داعية للنزول إلى الشارع ودعم العسكريين الذين هاجموا القاعدة.
ويزيد الهجوم على القاعدة العسكرية المخاوف من تصاعد أعمال العنف في فنزويلا بموازاة أزمة سياسية واقتصادية، ووسط إدانات دولية لسياسة التسلط التي ينتهجها الرئيس الاشتراكي الذي تسلم الرئاسة عام 2013.
وكانت المعارضة من يمين الوسط تمكنت من تحقيق فوز كبير في الانتخابات التشريعية عام 2015 مهددة سياسة تيار الرئيس الأسبق هوغو شافيز الذي حكم البلاد من عام 1999 حتى وفاته عام 2013.
ولمواجهة هذا البرلمان المعارض، دعا مادورو في نهاية يوليو الماضي إلى انتخاب جمعية تأسيسية مخولة حل البرلمان الحالي وإعادة صياغة الدستور الذي يعود إلى عام 1999، وقد نددت بها المعارضة وهاجمها بشدة قسم كبير من المجتمع الدولي.
وباشرت هذه الجمعية أعمالها السبت في مقر البرلمان، بإقالة النائبة العامة لويزا أورتيغا، التشافية السابقة التي باتت خلال الأشهر الأخيرة من أبرز معارضي مادورو.
وتزداد فنزويلا عزلة يوماً بعد يوم على الساحة الدولية، حيث تواجه اتهامات شديدة من الولايات المتحدة وعلقت عضويتها في السوق المشتركة لأميركا الجنوبية «ميركوسور».
ويعقد وزراء خارجية 14 دولة من أميركا الجنوبية اجتماعاً الثلاثاء لمناقشة الأزمة في فنزويلا. وحذر رئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس من احتمال حصول قطيعة دبلوماسية مع فنزويلا، ولو أنه اعتبر أن مثل هذا الإجراء سيطرح مشكلات أكثر مما سيؤمن حلولاً.
تصاعد الأزمة في فنزويلا بعد اقتحام مقر قاعة البرلمان
السلطات تؤكد وحدة الجيش بعد الهجوم على قاعدة عسكرية
تصاعد الأزمة في فنزويلا بعد اقتحام مقر قاعة البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة