اختتام شهر الاحتفالات بالتراث في تونس

اختتمت تونس شهرا كاملا من الاحتفالات بشهر التراث الذي امتد من 18 أبريل (نيسان) الماضي حتى يوم أمس (الأحد) في ظل مزيد من الكشف عن كنوز التراث التونسي في مجالات عدة كالمنسوجات بأنواعها والخزف والفسيفساء والزربية والنحاس والشاشية (لباس الرأس الرجالي) والعطور. واحتفلت تونس بالدورة 23 لشهر التراث تحت عنوان «المعارف التقليدية»، وألقت الضوء على إرث تونس ومخزونها الثقافي والفكري والحضاري المتنوع.
وأشرف مراد الصقلي، وزير الثقافة والمحافظة على التراث في تونس، على افتتاح شهر التراث بمدينة تستور شمال غربي تونس، وهي مدينة ذات أصول أندلسية، وتعرف إلى ورشات تقطير الزهر التي تميز المنطقة، كما أشرف نهاية الأسبوع الماضي على اختتام هذه التظاهرة بمدينة مدنين جنوب شرقي تونس، واطلع على منتجات الكثير من الحرفيين، وبالخصوص المنسوجات البربرية الشهيرة في المنطقة.
ومثلت هذه المناسبة، حسب المسؤولين في ديوان الصناعات التقليدية (هيكل حكومي يعنى بالتراث التونسي)، مناسبة سنوية لإحياء الكثير من الصناعات اليدوية المهددة بالاندثار بسبب عزوف الشباب عن مواصلة الاهتمام بمهن الأجداد. ودعت رجاء العيادي، المكلفة الإعلام في ديوان الصناعات التقليدية، في تصريح لوسائل الإعلام بمناسبة انطلاق التظاهرة، كل التونسيين وغيرهم إلى الاطلاع على التراث التونسي المميز، وقالت إن المحافظة عليه تندرج ضمن المحافظة على هوية التونسيين ومميزاتهم.
وتتميز كل منطقة من مناطق تونس بالكثير من الصناعات اليدوية التي قد لا تجد لها مثيلا في بقية المناطق، مما يجعل الأسواق التقليدية في الكثير من المدن التونسية بمثابة الفضاءات المفتوحة لعرض كنوز التراث التونسي. ففي قفصة على سبيل المثال، وهي مدينة تبعد قرابة 500 كلم جنوب غربي تونس العاصمة، قالت خديجة النصري، إن الاحتفال هذه السنة ركز الاهتمام على المنسوجات اليدوية لأنواعها، ونظمت الهياكل الثقافية بالجهة ملتقى الذاكرة وحمل عنوان «من النسيج إلى الفن»، وهي تظاهرة تراثية أحيت ذكرى الفنان الحرفي حميدة وحادة، وقد قضى عدة عقود في صنع السجاد والمرقوم والمنسوجات الحائطية اعتمادا على خصائص النقوش البربرية، مما أضفى لوحات قلما تجد لها مثيلا في بقية مناطق تونس.
وفي مدينة صفاقس وسط شرقي تونس، اختار المركب الثقافي محمد الجموسي إحياء شهر التراث بإقامة عرض متمثل في «زيجة عربي» وقدم يوم 20 أبريل الماضي العرس الصفاقسي (نسبة إلى اسم المدينة)، كما يسميه سكان المنطقة، بتفاصيله الطويلة، وأخرجت العائلات الملابس التقليدية المعروفة على «البدعية» والفرملة والشاشية والجبة، وكلها ملابس رجالية. وتوجهت الأنظار إلى العروس بملابسها التقليدية من فوطة وبلوزة وحناء على كفي اليدين ونقوش على الأصابع وعطور تقليدية مصنوعة بطريقة التقطير العربي.
ولا تكفي عدة أيام للاطلاع عن كثب على تراث مدينة تونس العتيقة، وفتحت الأقبية والأبنية الكثير من الكنوز التي لا يدرك سرها غير من جاب تلك الممرات الضيقة وسبر أغوار المدينة وتعرجاتها. في تلك المدينة حرف ومهن ومعارف كثيرة وزعت على المدينة بكثير من العدل، فخُصصت سوق لكل حرفة من الحرف من سوق الشواشين (صناعة الشاشية) إلى سوق العطارين إلى سوق الدباغين وسوق النحاس وسوق البلاط (سوق للحشائش الطبيعية)، وغيرها من الأسواق.