نتنياهو يهاجم السلطة ويتنصل من لقاء ليفني ـ عباس

«الرباعية» قد تعترف بحكومة المصالحة.. وإسرائيل تبحث عن بدائل المفاوضات

نتنياهو يهاجم السلطة ويتنصل من لقاء ليفني ـ عباس
TT
20

نتنياهو يهاجم السلطة ويتنصل من لقاء ليفني ـ عباس

نتنياهو يهاجم السلطة ويتنصل من لقاء ليفني ـ عباس

هاجم بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، السلطة الفلسطينية، وعدّها «من أكثر المناطق معاداة للسامية»، وتنصل من لقاء وزيرة القضاء ومسؤولة ملف مفاوضات السلام تسيبي ليفني بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في لندن، الخميس الماضي، مما دفع الوزيرة الإسرائيلية إلى التصريح بأنها أيضا تعارض أي مفاوضات مع حكومة فلسطينية تدعمها حركة حماس.
وقال نتنياهو، أمس، منتقدا إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ66 ليوم النكبة، إن «من يعدّ إقامة دولة إسرائيل كارثة لا يريد السلام». وأشار إلى تقرير نشرته الأسبوع الماضي رابطة مكافحة التشهير (ADL) بشأن نسبة المعاداة للسامية عند البالغين في دول مختلفة بالعالم، واتضح، حسب نتنياهو، أن الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية تصدرت القائمة، بعد أن أعرب 93 في المائة من البالغين هناك عن «تمسكهم بمواقف معادية للسامية».
وتابع نتنياهو: «تأتي هذه النتيجة المؤسفة على خلفية التحريض المستمر الذي تمارسه السلطة الفلسطينية دون هوادة، والذي يشوه صورة دولة إسرائيل وصورة الشعب اليهودي، كما شهدنا في أماكن أخرى خلال تاريخنا».
وجاء حديث نتنياهو في ظل توتر كبير تشهده الحكومة على خلفية «لقاء سري» جمع ليفني وعباس في لندن، الأسبوع الماضي، لبحث مصير مفاوضات السلام التي تعرقلت بعد إعلان حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين المصالحة وتشكيل حكومة توافق يرأسها عباس، في غضون أسابيع.
وقالت مصادر في مكتب نتنياهو إن اجتماع ليفني وعباس «لا يمثل الحكومة الإسرائيلية». ونقلت عن نتنياهو: «موقف إسرائيل أنه لا مفاوضات مع عباس طالما اتحد مع حماس».
وتعرضت ليفني إلى موجة انتقادات من وزراء إسرائيليين كذلك، ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اللقاء بأنه «اجتماع خاص». بينما وصفه وزير الاستخبارات يوفال شتاينتز بـ«غير اللائق»، وأضاف: «يتعين على الوزراء التقيد بقرارات الحكومة».
ومن جانبه، عد نائب وزير الدفاع داني دانون أن ليفني أخطأت، وأن اللقاء «يتناقض مع سياسة حكومة إسرائيل». وقال إن «محاولة إرضاء أبو مازن في هذه المرحلة هي محاولة خطيرة وخاطئة ومرفوضة».
ورد مكتب ليفني فورا بالقول إن الاجتماع الذي عقد مع عباس «لم يكن مخططا له، وإنها ملتزمة بالقرار الذي أخذته الحكومة في إسرائيل بوقف التفاوض مع أي حكومة فلسطينية تضم حماس».
وقالت مصادر في محيط ليفني إن «الاجتماع لم يكن مقررا، لكنها استهدفت فحص وجهة نظر عباس من الأزمة الأخيرة». وأضافت: «ليفني أكدت لعباس أنه لا يمكن للمفاوضات أن تستمر بعدما أصبحت حماس جزءا من السلطة الفلسطينية، وأنه رد عليها بالقول إن الحكومة المقبلة هي حكومة تكنوقراط، وليس فيها عناصر من حماس أو غيرها».
وفي حين من المفترض أن ترى الحكومة الجديدة النور، الأسبوع المقبل، إذا لم تظهر عقبات في الطريق، عبرت مصادر سياسية إسرائيلية عن قلقها من أن تعترف «الرباعية الدولية» بتلك الحكومة.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن المصادر قولها إن ثمة توقعات في إسرائيل أن تعلن «الرباعية» موقفا مؤيدا للحكومة الجديدة، طالما لن تشارك فيها حماس بشكل مباشر، وسيرأسها عباس، وهو ما يقلل من فرص نجاح الحملة الإسرائيلية لإقناع المجتمع الدولي بمقاطعة الحكومة الفلسطينية الجديدة.
من جهة أخرى، يدرس نتنياهو بدائل للعملية السلمية للتعامل مع السلطة الفلسطينية. وقال وزير الاقتصاد الإسرائيلي ورئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينت، أمس، إن من بين البدائل مقترح ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل. وقال: «خطة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة تكتسب زخما لدى الوزراء الإسرائيليين. وزير الاتصالات ووزير المواصلات ورئيس الكنيست أيضا انضموا إلى النداء، بل وطالبوا ببدء فرض السيادة على الضفة وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها».
ومن بين الاقتراحات الأخرى انسحاب أحادي من الضفة، وترسيم الحدود من طرف واحد، على ما لمح إليه مسؤولون آخرون.
ويتضح من المقترحين المذكورين أن إمكانية استئناف المفاوضات في وقت قريب بعيدة المنال، إلا إذا انتكست جهود الوحدة الفلسطينية، خصوصا أن واشنطن لا تنوي التدخل مباشرة في هذه المرحلة.



عرض إماراتي لتطوير وسط القاهرة على غرار دبي يثير جدلاً مصرياً

مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

عرض إماراتي لتطوير وسط القاهرة على غرار دبي يثير جدلاً مصرياً

مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار عرض إماراتي لتطوير منطقة وسط العاصمة المصرية القاهرة، على غرار «داون تاون دبي»، جدلاً واسعاً في مصر، تزامناً مع تأكيدات حكومية بتكليف مكتب استشاري وضع رؤية متكاملة بشأن المنطقة، المصممة على طراز باريس، وتسمى «القاهرة الخديوية» نسبة إلى الخديو إسماعيل، الذي حكم مصر في منتصف القرن التاسع عشر.

وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، «تكليف مكتب استشاري ليضع الرؤية الكاملة لتطوير منطقة وسط البلد، وطرح المنشآت الموجودة في المنطقة التابعة للدولة داخل وسط البلد بعد نقل منشآتها إلى العاصمة الإدارية للاستثمار»، بحسب ما نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية.

وأشار مدبولي إلى وجود عدد من الكيانات الاستثمارية سواء الدولية أو المحلية أبدت اهتماماً شديداً لتشارك الدولة في تنمية منطقة وسط البلد، موضحاً أن اجتماعات متواصلة مع اللجان الاستشارية التابعة لمجلس الوزراء، على مدار الأسبوع الماضي، توافقت على خطوات تنفيذية سيتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة؛ بهدف تعظيم العوائد من تصدير العقار، واجتذاب الجنسيات المختلفة للاستثمار العقاري داخل الدولة المصرية.

وأكد رئيس الوزراء أن «الحكومة تولي اهتماماً خاصاً بتطوير منطقة وسط البلد ضمن خططها الأوسع لتصدير العقار، وجذب الاستثمارات الأجنبية».

ميدان التحرير بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتأتي تصريحات مدبولي، في أعقاب إعلان رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، عن «تطلعه للمساهمة في تطوير منطقة وسط البلد، بالشراكة مع الحكومة المصرية»، مشيراً إلى مفاوضات تجري مع الحكومة في هذا الشأن، وأن شركته «ستكون أول المتقدمين عندما تُطرح المنطقة للاستثمار على الشركات المحلية والعالمية».

وتحدث العبار، في تصريحات إعلامية، عن تصوراته لتطوير منطقة وسط البلد على غرار «داون تاون دبي»، الذي يستقطب 120 مليون زائر سنوياً، على حد تعبيره. وقال: «وسط القاهرة لديه إمكانات هائلة تجعله أحد أهم الوجهات السياحية والاستثمارية في العالم».

وأضاف: «المشروع يمكن أن يمتد على مساحة 40 إلى 50 فداناً، مع تخطيط حديث للشوارع والمطاعم والفنادق؛ ما يعيد للمنطقة بريقها التاريخي ويجذب مستثمرين من مختلف الدول».

وسبق أن أبدى العبار اهتمامه بمنطقة وسط القاهرة، وقال في تصريحات إعلامية في 21 أغسطس (آب) 2023، إن «شركتي (إعمار) و(إيجل هيلز) تقدمتا بطلب رسمي للحكومة المصرية لإعادة هيكلة المباني الحكومية في وسط القاهرة، سواء من خلال الترميم أو إعادة البناء».

وأثار الحديث عن تطوير «وسط البلد» ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من رحب بالفكرة في إطار «سعي الحكومة للحفاظ على التراث»، وبين مخاوف من أن «تهدد مشروعات التطوير مباني المدينة التراثية».

وعدّ المدون المصري لؤي الخطيب، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، حديث رئيس الوزراء عن تكليف مكتب استشاري وضع تصور لتطوير منطقة وسط البلد بمثابة «نفي لكل ما كان يتردد عن تدمير القاهرة التاريخية لصالح العاصمة الإدارية الجديدة، وتأكيداً على وجود مخطط لتحويل العاصمة لمزار سياحي».

بينما أعرب آخرون عن أملهم في أن يتم تطوير وسط البلد بأيدي شركات مصرية؛ خشية امتلاك الأجانب تراثاً مصرياً عريقاً.

وتفاعل البعض مع الانتقادات والمخاوف بشأن «تدمير التراث»، مؤكدين أن الهدف من المشروع هو «تطوير المصالح الحكومية في وسط البلد لتكون تراثاً وليس طمسها».

وأبدت أستاذة التخطيط العمراني الدكتورة جليلة القاضي، عبر منشور على حسابها على منصة «فيسبوك» مخاوفها بشأن «المساس بعمارة وسط البلد التراثية»، مطالبة العبار بالتعاون مع «شركة الإسماعيلية» التي «لها تجربة في تطوير بعض المباني والشوارع في وسط القاهرة».

وقالت: «تحسين الفراغ العام وتنظيف المباني والاستفادة من عمل امتد لسنوات في الحفاظ على تراث المدينة مقبول، لكن تحويل القاهرة الخديوية لدبي أمر مرفوض».

ثم عادت وأكدت في منشور آخر «ثقتها في المكتب الاستشاري المكلف وضع تصور للمنطقة، وأنه لن يسمح بهدم أي من مبانيها التراثية». وقالت: «نريد مشروعاً للحفاظ على المنطقة بمعنى صيانتها وترميمها وإحياء الفراغ العام وفق الاشتراطات التراثية وليس مشروعاً لتطويرها».

ممر «بهلر» من الطُرز المعمارية المميّزة في القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ممر «بهلر» من الطُرز المعمارية المميّزة في القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

ووفقاً لموقع وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن زيارة الخديو إسماعيل للمعرض العالمي بباريس عام 1867 شكَّلت تحولاً في تاريخ القاهرة، لتبدأ حركة العمران في المدينة، مع تعيين الخديو إسماعيل، علي باشا مبارك وزيراً للأشغال العمومية ومشرفاً على مخطط تطوير المدينة على غرار العاصمة الفرنسية.

بدورها، تساءلت أستاذة العمارة والتصميم العمراني لدى قسم الهندسة المعمارية في جامعة القاهرة، الدكتورة سهير حواس، عن «الهدف من تحويل القاهرة الخديوية لدبي».

وقالت حواس لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة مدينة عمرها أكثر من 150 سنة وتتميز بعمارتها التراثية المميزة، وهي تختلف عن دبي المدينة الحديثة»، مشيرة إلى أنه «يمكن المقارنة بين القاهرة وباريس أو مدن إسبانيا».

وأضافت: «هناك مشروعات وخطط عدة وُضعت للحفاظ على القاهرة الخديوية منذ عام 1996، ونفذت مشروعات بالفعل في عدد من المباني»، مطالبة بالاستفادة من العمل السابق، مشددة على ضرورة أن يستهدف أي مشروع تطوير لوسط القاهرة «الحفاظ عليها والارتقاء بالبيئة العمرانية»، رافضة إنشاء أبراج في المنطقة، وعدَّته «مخالفاً لطبيعتها التراثية».