مجلات ومواقع رائدة للأدب العربي... بالإنجليزية

ثلاث شخصيات مضحية غامروا بإصدارها ونجحوا

صموئيل شمعون - مارسيا لينكس
صموئيل شمعون - مارسيا لينكس
TT

مجلات ومواقع رائدة للأدب العربي... بالإنجليزية

صموئيل شمعون - مارسيا لينكس
صموئيل شمعون - مارسيا لينكس

قبل عشرين سنة، أمضى كاتب أميركي، مدة من الزمان، في القاهرة، ثم أخرى في عمان، وانتقل إلى تونس والجزائر، والمغرب، درس العربية في كل هذه البلدان بين شهر وثلاثة أشهر، وحينما رجع إلى شيكاغو، وجد نفسه لم يفهم إلا أقل من القليل، ثم نصحه صديق عربي أن يتصل بسيدة لبنانية رائعة، تسكن قريباً منه، فأمضى معها نحو ثلاث سنوات، تدرسه أسبوعياً ساعتين مجاناً. تعلم منها العربية، وأصبح يقرأ بشكل جيد، ويترجم من العربية بشكل أجود. قال لي «بعربية نصف فصحى، ونصف لبنانية»، عندما التقيته، بعد إنهائه التعلم بنحو سنة، وهو يبدي استغرابه لكوننا لا مجلة لنا في أميركا، تورد أخبار أدبنا، وكان استغرابه في محله، ففي شيكاغو مجلة أو جريدة لكل فئة وافدة، تصدر يومياً للهنود، والباكستانيين، وأسبوعياً، وشهرياً للفئات الأخرى، أما العرب فلا.
طبعاً، كان يوجد آنذاك بضع عشرة جريدة أسبوعية أرخص من ورق المرافق، تدعي أنها عربية ولا يقرأ لغتها الأمية إلا صاحبها، وأصدقاؤه، لكن صديقي كان يأمل أن يرى ما يعيد إلى ذهنه جبران خليل جبران، وإيليا أبو ماضي، وأمين الريحاني، وميخائيل نعيمة، وميشيل معلوف، وسليم الخوري، وخليل مطران وغيرهم، فضلاً عن تصفح ما يغنيه عنهم، فأعطيته آخر عدد من مجلة الجديد: «Aljadid» التي يصدرها إيلي شلالا، في لوس أنجلس. وعندما تصفحها، هتف معجباً: نعم، هذا ما كنت أبحث عنه. وظللت أزوده بما يصلني منها، متى يشاء، وعندما صدرت «بانيبال» في لندن، شاركني في قراءة ما يتيسر لي منها، لكن ما استحدثته Marcia Lynx Qualey في صفحتها الإلكترونية «الأدب العربي في الإنجليزية» جعلته يستكمل رضاه؛ لأنه يتصفح الموقع يومياً.
الخدمة التي يقدمها هؤلاء الثلاثة للأدب العربي فريدة من نوعها. كان في أميركا عشرات من دارسي الأدب العربي، وآخرون أساتذة يدرسونه، وكان هناك أيضاً نشاطات واجتماعات سنوية وفصلية، كانت وما زالت مستمرة، لكن الزائر العربي لأميركا، والمقيم فيها منعزل على نفسه لا يكاد يسمع بهذه النشاطات قط، ولا يعرف عنها شيئا إلا عن طريق المصادفة، وبمبادرة من قبل إيلي شلالا، وبتعبه، وسماحته، وبذله من دون مساعدة جهة حكومية عربية أو غير عربية، برزت مجلة الجديد «Aljadid» لتقدم للقارئ باللغة الإنجليزية، عربياً أو أميركياً، شيئا ملخصاً، ناضجاً جاداً، حديثاً، معاصرا يقنعه، ويعجبه، ويشده ويجعله متابعاً دائماً. ضحى إيلي شلالا (وأنا أعرفه حق المعرفة)، لا بوقته، ولا بماله، ولا بسعادته العائلية، لكن حتى بصحته. كان عليه أن يوائم بين واجبه بصفته أستاذا في جامعة لوس أنجلس، وبنشاطه في مجلته المدهشة الجامعة، ولعل من مارس التعليم في الجامعات الأميركية يقف على كثب من الجهد الهائل الذي يبذله المدرس هنا، ويتملى بإعجابٍ سلوكه في قاعة درسه، وحرصه على إعداد كل صغيرة وكبيرة، وتسجيله حتى الأسئلة المهمة التي يلقيها في ثنايا الدرس، فليس في التدريس الجامعي، هنا ما يمت بصلة إلى الوساطات والثرثرة، والانفلات الذي تشاهده في بعض الدول، وإلا ما وصلت بعض الجامعات إلى القمة في العالم. هذا النشاط أثر على صحة إيلي، جعلته زبوناً دائماً لعمليات القلب، والشرايين، وضغط الدم العالي، وو.
بعد إيلي جاء صموئيل شمعون من العراق، وصل إلى لندن، وحيداً، فريداً، لا منصب، لا عم، لا خال، لا يجيد أي حرفة، وصل إلى بلد غربي غريباً وحده مع حلم أن يكتب رواية، ويمثلها في فيلم: «صورة كاريكاتيرية ليست غير واقعية، حسب بل لا تحدث حتى في الأحلام!». صورة تضحك الثكلى، وتثير سخرية القريب قبل الغريب، صورة فكاهية لا حد لها. هناك الكثير جاء ليدرس على معونة حكومية ففشل، وجاء الكثير معتمداً على أهله يمدونه بلقمة أفواههم المتواضعة، فضاع في الزحام، متشرداً أو شبه متشرد، وعمل الكثير منهم بعد فشله في كنس الشارع، أو لم القمامة، أو التقاط ما يمكن تدويره، أو مصلحاً للسيارات، أو عاملا في بقالة، وأهله يأملون أن يصبح مهندساً معمارياً، أو طبيب قلب، تستقبله الجماهير وترفع سمعته إلى أعلى السماوات، أو في الأقل يصبح كما يقول إخوتنا المصريون «أد الدنيا». أما صموئيل فوطأ أرض لندن وليس عنده سوى حلم مستحيل «فيلم لقصة هو يكتبها»، أمثل هذا ينجح؟ ويدير الرؤوس؟ ويجعل مئات العيون تتجه نحوه. نعم، جاء كثيرون ونجحوا منهم من أصبح موسيقياً، أو مغنياً، أو ناشر كتب، أو مسؤولاً في مؤسسة، لكن من يقترب منهم يصاب بقرف رائحة فساد تلتصق بأنفه ولا تغادره حتى الموت. لكن صموئيل رغم كل شيء نجح، وبرز، وفرض نفسه، أما الأهم فقد نجح في كتابة قصته التي لم تمثل، لكنه عوض عن التمثيل بنجاح لا مثيل له، عوضه بنجاح مجلته الرائعة.
إن أهم صفات إيلي وشمعون الشخصية تعود إلى خلقيهما الطبيعيين، هما متواضعان جداً، وهذه صفة لا تجدها عند من يشتغل بصناعة الأدب قط، فمما أعرفه طيلة حياتي، وأنا بدأت في سن السادسة عشرة أكتب وأنشر، أي بعد أكثر من ستة عقود، لحظت عن بعد وعن قرب أن من يعمل بالأدب، ناقداً، شاعراً، قاصاً، كاتباً، ناشراً، محرراً الخ، عنده قدر من النرجسية يتفاوت طولاً وعرضاً ومساحة وعقلية مع إنجازه، فالناجح منهم يعيش في السموات، أما نصف الناجح، فيمتلك سفينة فضاء تطوف في الكون. عجرفة، وتعالٍ، وعظمة كاذبة، وصدود، وشموخ زائف. اللهم إلا نسبة لا تزيد على 10 في المائة إن لم أكن متشائماً. هذان الرجلان الناجحان يردان على رسائل الجميع، ويركزان على جميع المبدعين، إن تصفحت المجلتين لا ترى شعراً وقصة ونقداً وبحثاً حسب، بل حتى فناً تشكيلياً، وعرضاً لفيلم، وتلخيصاً لمسلسلة، لا، بل أخباراً عمن نشر ولو مقالة مميزة خلال الفترة التي غابت فيها المجلة الفصلية.
أما الشخصية الثالثة فهي الآنسة «ماريكا لينكس كويلي Marica Lynx Qualey». عندما أنشأت ماريكا موقعها الإلكتروني: «الأدب العربي بالإنجليزية»، لم يكن أحد يتصور أنها ستنجح هذا النجاح المنقطع النظير، أنشأته كما أنشأ عشرات الآلاف، لا بل مئات الآلاف من الأشخاص مواقعهم الإلكترونية، فلماذا تبرز هذه الصفحة، وبماذا تبز غيرها، ومثلها الآلاف؟
إن أول ما يلفت الأنظار في «الأدب العربي بالإنجليزية»، تنوعه وشموله الوطن العربي كله، نعم هناك مواقع إلكترونية عراقية ناجحة، وهناك مصرية، وأخرى سورية...إلخ، لكن لن تجد موقعاً عربياً يشمل الوطن العربي كله، ولأنها غير عربية، وتعرف عن الأدب الإنجليزي ما لا نعرفه، ومما تعرفه ماذا يمكن أن ينجح، أو ماذا يثير القارئ الأجنبي، الأميركي بشكل خاص، فهي تختار لما تترجم الأمور الجيدة التي ستعكس رأياً حسناً، وإعجاباً حقيقياً، وانطباعاً ثابتاً؛ لذا استطاعت أن تستلفت الأنظار وتستقطبها بسرعة هائلة تستحق الإعجاب.
هؤلاء الثلاثة كرّسوا وقتهم كله، وحسبما أعرف عن إيلي لأني قريب منه، وأظن أن الآخرين يشاركانه به، هو ماله، وما يملكه، إضافة إلى صحته.
هؤلاء الثلاثة فعلوا ما لا يفعله غيرهم، أبداً، أنهم أعطوا كل ما يملكون، ومنحوا غيرهم وجودهم وراحتهم وصحتهم.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.