حفتر في زيارة مفاجئة للقاهرة وسلامة يلتقي عقيلة في القبة

البرلمان الليبي يهدد بمقاضاة إيطاليا لإرسالها قطعاً بحرية إلى سواحل طرابلس

موظف يوزع مياهاً على مهاجرين أنقذوا قبالة السواحل الليبية أمس (أ.ف.ب)
موظف يوزع مياهاً على مهاجرين أنقذوا قبالة السواحل الليبية أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر في زيارة مفاجئة للقاهرة وسلامة يلتقي عقيلة في القبة

موظف يوزع مياهاً على مهاجرين أنقذوا قبالة السواحل الليبية أمس (أ.ف.ب)
موظف يوزع مياهاً على مهاجرين أنقذوا قبالة السواحل الليبية أمس (أ.ف.ب)

بدأ القائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر زيارة مفاجئة للقاهرة، أمس، فيما التقى رئيس بعثة الأمم المتحدة غسان سلامة مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في ثاني أيام زيارته الأولى إلى ليبيا.
وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب إنه وصل إلى القاهرة في زيارة عمل، لم يعلن عنها مسبقاً، يبحث خلالها آفاق التعاون المشترك بين البلدين، مشيراً إلى أنه سيلتقي خلال الزيارة مع رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي وقيادات الجيش.
من جهته، أجرى المبعوث الأممي جلسة مباحثات مع رئيس مجلس النواب في مدينة القبة (شرق ليبيا)، تناولت اتفاق الصخيرات المبرم في المغرب قبل نحو عامين وتعديلاته، وذلك وفقاً للاجتماعات السابقة التي تناولت الحوار وتشكيل لجان له من كل الأطراف من أجل العمل على تعديل الاتفاق السياسي بحسب الثوابت التي أقرها مجلس النواب.
ووصف سلامة في مؤتمر صحافي لقاءه مع رئيس مجلس النواب بأنه كان «مثمراً»، وأوضح أنهما ناقشا «وسائل تعزيز استقلال ليبيا ومؤسساتها ووسائل إخراجها العملية السياسية من الدوامة التي انزلقت إليها». وقال إنه لمس لدى صالح «روح الانفتاح على الأطراف الأخرى».
وعين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي سلامة اللبناني الجنسية ممثله الخاص الجديد ورئيساً لبعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة في ليبيا خلفاً للألماني مارتن كوبلر الذي رعى اتفاق تشكيل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنه لم ينجح في وضع حد للنزاع على السلطة. وكان سلامة حضر نهاية الشهر الماضي في فرنسا اجتماعاً بين رئيس الحكومة فائز السراج وحفتر، وتعهد الجانبان إرساء الأمن والإسراع بإجراء انتخابات.
إلى ذلك، استبقت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب، محادثات المبعوث الأممي بإعلان رفضها التام والقاطع لاتفاق السراج مع إيطاليا على إجراءات لمراقبة الهجرة غير المشروعة، ووصفتها بأنها «غير دستورية، وتعدٍ سافر على السيادة الليبية».
وحذرت اللجنة في بيان لها إيطاليا من «تداعيات هذا الإجراء المنافي للمواثيق والمعاهدات الدولية، حينما تتجاوز الجسم التشريعي والشرعي في البلاد المنوط له هكذا إجراء قانوني». وأشارت إلى «خطورة هذه الاتفاقية على الأمن القومي عندما يتم تصدير الهجرة إلى ليبيا، وتحميلها تبعاتها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية».
وطالبت اللجنة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية باتخاذ ما يلزم من جراء الانتهاك الصارخ للمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بسيادة الدول. وهددت إيطاليا بأنها ستتخذ ضدها كل الإجراءات اللازمة والتي من شأنها ردع كل متطاول على السيادة الليبية، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل للدول حق الدفاع عن سيادتها.
وأعلن مسؤول ليبي في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، أمس، أن حرس السواحل الليبيين أنقذوا 137 مهاجراً كانوا يحاولون الانتقال إلى أوروبا على متن زورق مطاطي، بينهم خمس نساء وثلاثة أطفال، ونقلوهم إلى البر. وقال رئيس فرع تاجوراء في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية النقيب أمين البوسيفي لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنقد حرس السواحل ما يقارب 137 مهاجراً تسلمهم الجهاز» في تاجوراء (شرق طرابلس).
وقال الناطق باسم البحرية العميد أيوب قاسم إن المهاجرين من جنسيات أفريقية متعددة وكانوا على متن قارب مطاطي عندما تم اعتراضهم صباح أمس على بعد نحو 20 ميلاً بحرياً شمال قرية صياد الواقعة على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس، ونقلوا إلى القاعدة البحرية في العاصمة حيث قدمت لهم السلطات الليبية الماء والغذاء والعناية، ثم نقلوا في حافلة إلى تاجوراء حيث تسلمهم جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
من جهتها، أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا ماريا ريبيرو عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بوجود نقص حاد في الضروريات الأساسية، بما فيها الإمدادات الطبية المنقذة للحياة، وذلك بسبب النزاع في مدينة درنة معقل الجماعات المتطرفة في شرق ليبيا. واعتبرت في بيان لها أن هذا «يؤثر سلباً على الوضع الصحي للناس وعلى رفاهتهم، وسينجم عنه ظروف إنسانية خطيرة إذا ما طال أمده».
وحضت ريبيرو جميع الأطراف على «اعتبار سلامة ورفاهية المدنيين أولوية قصوى وعلى السماح بإيصال الإمدادات الإنسانية بشكل آمن بغية ضمان الحصول على الخدمات الأساسية، خصوصاً في مجال الصحة، بشكل مستمر». وأوضحت أن «الأمم المتحدة تعمل من خلال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على رصد الأوضاع على أرض الواقع والعمل مع جميع الشركاء في المجال الإنساني للاستجابة لتطور الأوضاع في درنة». ودعت أطراف النزاع إلى «احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان لضمان حماية المدنيين». وبدأت قوات حفتر عملية عسكرية لتحرير درنة من قبضة الجماعات المسلحة التي تهيمن عليها منذ سنوات.
من جهة أخرى، اعتبر عميد بلدية صبراتة حسين الذوادي أن الحراك الأمني الذي تشهده البلدية «شأن داخلي»، موضحاً أن «حراك غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش ومديرية الأمن الوطني في صبراتة ليست له علاقة بالتجاذبات التي تشهدها البلاد وبعيد كل البعد عن التبعية لأي جهة خارجة عن سلطة حكومة السراج».
وحض الذوادي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الموالية لحكومة طرابلس أهالي البلدية على «ضرورة دعم جهود أبنائهم المنضمين إلى المؤسسات الرسمية للدولة المتمثلة في غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش ومديرية الأمن الوطني في القيام بواجبهم في تأمين المدينة وردع المجرمين ومكافحة الظواهر السلبية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.