موسكو متشائمة إزاء التعاون مع واشنطن عشية لقاء لافروف ـ تيلرسون

TT

موسكو متشائمة إزاء التعاون مع واشنطن عشية لقاء لافروف ـ تيلرسون

ألقى قانون العقوبات الأميركية الأخير ضد روسيا بظلاله على التعاون بين موسكو وواشنطن في الشأن السوري، ورأت الخارجية الروسية أن تلك العقوبات قد تؤثر على آفاق التعاون الثنائي في سوريا، غير أن الخارجية الأميركية ترى الأمور بصورة مغايرة تماماً، وأكدت أن التعقيدات في العلاقات الثنائية بسبب العقوبات لن تؤثر على العمل المشترك مع روسيا في سوريا.
ويعقد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون في الساعات المقبلة محادثات على هامش مشاركتهما في منتدى رابطة «آسيان» في العاصمة الفلبينية مانيلا.
وخلال اليومين الماضيين طرأ تغير على لهجة التصريحات الروسية بشأن التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وأصبحت أكثر تشاؤما. وكان مسؤولون في الخارجية الروسية، بينهم سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أكدوا في وقت سابق أن التعاون مع الجانب الأميركي شهد تحسنا في الفترة الأخيرة. إلا أن هذه النبرة الإيجابية تلاشت، لا سيما بعد أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشروع قانون العقوبات ضد روسيا، حيث عبرت الخارجية الروسية عن قلقها على آفاق التعاون بين البلدين في سوريا في ظل تبني قانون العقوبات الأميركية الجديد. وبصورة خاصة ترى روسيا أن آفاق التعاون في الحرب على الإرهاب في سوريا تبدو غامضة في ظل العقوبات. وقال إيليا روغاتشوف مدير قسم شؤون الأخطار والتحديات الجديدة في وزارة الخارجية الروسية في حديث لوكالة «إنترفاكس»، إن «دونالد ترمب يعلن عن اهتمامه بتطوير التعاون مع روسيا في هذا المجال، إلا أن ذلك لم يتجسد في أفعال محددة». وعبر الدبلوماسي الروسي عن أسفه لأن «الوقت يجري، إلا أن شيئا لم يتغير مقارنة بما كان عليه الوضع في عهد الإدارة السابقة». مع ذلك أكد روغاتشوف أن «التعاون في هذا المجال استمر بشكل ما في الفترة الأخيرة» ولفت إلى «خبرة إيجابية لتعاون البلدين في سوريا، خاصة فيما يتعلق بإقامة مناطق خفض التصعيد، على الرغم من الكثير من الخلافات بين موسكو وواشنطن بشأن الأزمة السورية».
ومقابل «التشكيك» الروسي، أظهر الجانب الأميركي ثقة مطلقة بأن الخلافات الحالية لن تؤثر على التعاون في الحرب على الإرهاب. وفي إجابته على سؤال حول مدة تأثير توتر العلاقات على الاتصالات الأميركية –الروسية حول سوريا، قال بريت ماكغيرك، الممثل الخاص للرئيس الأميركي في التحالف الدولي ضد الإرهاب: «لم نر حتى الآن أي تأثير على تعاوننا مع الروس، عندما يدور الحديث حول سوريا»، موضحاً أن «الجزء الأكبر من ذلك التعاون عبارة عن اتصالات بين العسكريين من الجانبين». وأكد أن الولايات المتحدة مستعدة لتناقش مع الروس إقامة مناطق خفض تصعيد جديدة في سوريا «بحال توفرت فرص جديدة»، وأشار إلى الالتزام بالاتفاق الأميركي - الروسي حول منطقة خفض التصعيد حنوب–غرب سوريا، وقال إن هذا «يبعث على الأمل».
إلى ذلك كشفت تصريحات المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغيرك عن بقاء «مصير» الرئيس بشار الأسد نقطة خلاف رئيسية بين موسكو وواشنطن. وبينما ترفض روسيا الحديث مسبقا عن مصير الأسد، دون أن تخفي سعيها لضمان مشاركته في انتخابات رئاسية برعاية دولية، قد تجري بحال بدأ تنفيذ الحل السياسي، فإن واشنطن ما زالت تصر على أنه «لا مكان للأسد في مستقبل سوريا». وقال ماكغيرك إن عملية التصدي للإرهاب في سوريا تجري حالياً بموازاة العمل على التسوية السياسية على أساس عملية جنيف، موضحا أنه وبعد تحقيق التهدئة في سوريا سيتم وضع دستور ومن ثم ستجري انتخابات تحت رقابة دولية، وشدد أن الولايات المتحدة لا ترى بشار الأسد رئيسا لسوريا، وأن «المجتمع الدولي لن يساعد سوريا (في إعادة الإعمار) طالما لن تكون هناك سلطة جديرة بالثقة».
ويُنتظر أن يبحث لافروف مع تيلرسون واقع العلاقات الأميركية –الروسية، والعمل المشترك في سوريا، خلال محادثات يجريانها اليوم أو يوم غد في مانيلا.
ميدانياً، قامت قوات المعارضة السورية في منطقة خفض التوتر في ريف حمص بفتح القاطع الواقع تحت سيطرتها من طريق حمص - حماة، وذلك بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة مؤخراً بين فصائل سورية وروسيا برعاية مصرية. وأكدت وكالة «ريا نوفوستي» نقلا عن مصادر من حمص، عودة الحركة للسيارات المدنية على تلك الطريق. من جانبه قال المركز الروسي في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية إن مفاوضات الانضمام إلى اتفاق وقف إطلاق النار (المبرم في أنقرة نهاية العام الماضي) مستمرة مع فصائل المعارضة السورية في محافظات حمص وحماة ودمشق وحلب وإدلب والقنيطرة. وقال المركز في تقرير أمس عن اللجنة الروسية - التركية المشتركة لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، إن الجانب الروسي في اللجنة سجل خمسة خروقات، بينما سجل الجانب التركي خرقين، ومعظم الخروقات لوقف إطلاق النار جرت في مناطق خاضعة لسيطرة إما تنظيم داعش أو تنظيم «جبهة النصرة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».