بريطانيا تتراجع عن شرب الشاي أمام القهوة

وقت تناول الشاي من الطقوس البريطانية التي بدأت تندثر، لتتراجع الفكرة الراسخة حول اعتبار بريطانيا أمة شاربي الشاي بالنسبة للشباب.
حتى مع اللبن والسكر، ينظر الشباب بصورة متزايدة لشاي الإفطار التقليدي على أنه ممل، في حين يعتبر شاي الأعشاب والفواكه أكثر صحة. وعلى الرغم من أن شاربي الشاي ما زالوا يمثلون أغلبية في بريطانيا، تشق القهوة طريقها سريعا بين المواطنين. وقطاع الشاي على علم بصورته المتداعية، حيث إن معدل تناول الشاي يشهد تراجعا منذ فترة طويلة. وفي الفترة ما بين 1974 و2014، تراجع معدل ما تناوله البريطانيون من الشاي بأكثر من النصف، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية. ويقول ريتشارد كانيس من شركة مينتيل لأبحاث السوق: «ما زال الاستهلاك يشهد تراجعا». وفي الفترة ما بين 2013 و2015 تراجعت مبيعات أكياس شاي الإفطار بنسبة 14 في المائة، وتراجع الاستهلاك بنسبة 6 في المائة أخرى. وفي الوقت نفسه، يتجه البريطانيون بصورة أكبر لتناول القهوة، وبالنسبة لكثير من المواطنين، أصبح تناول كوب من القهوة في الطريق للعمل من الطقوس اليومية. وبمجرد وصولهم لمكاتبهم يبدأون في تناول الشاي. المشروبان ليسا متنافرين، ويقول باحثون في السوق إن كثيرا من البريطانيين يتناولون المشروبين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشاي، فإن هناك فجوة متزايدة بين الأجيال.
فالبريطانيون ممن يبلغون من العمر أكثر من 50 عاما يحبون تناول كوب من الشاي، وهو جزء يومي من حياتهم، وهم يتناولون من خمسة لستة أكواب في المتوسط يوميا. الشباب ليسوا بمثل هذا الحرص الشديد على تناول الشاي. تقول أليس هينز، التي تنتمي للفئة العمرية من 25 إلى 34: «لا أحب مذاق هذا الشيء».
ومثل كثيرين في جيلها، تفضل أليس الشاي الأخضر. ويقول كانيس: «مبيعات الشاي الأخضر زادت بنسبة 39 في المائة في الفترة ما بين 2013 و2015». كما ارتفعت مبيعات شاي الأعشاب والفواكه. وأضاف كانيس: «بالإضافة لذلك، يتناول الشباب مزيدا من المياه».
ويتوقع المحللون استمرار تراجع مبيعات شاي الإفطار الإنجليزي، مع تزايد استهلاك القهوة. وخلال العام الماضي، تم بيع 90 ألف طن من الشاي في بريطانيا، في حين تم بيع 78 ألف طن من القهوة، وذلك بحسب ما قالته شركة يورومونتر الدولية لأبحاث السوق.
وتقول فيوليتا سكولا، من شركة يورومونتر إنترناشيونال، إنه من المتوقع أن تضيق هذه الفجوة على مدار الأعوام القليلة المقبلة. ويمثل التراجع البطيء للشاي مصدر أسى لكثير من كبار السن البريطانيين.
والآن أصبح الحفاظ على كوب شاي بعد الظهر التقليدي أمرا تهتم به الفنادق الفاخرة، بينما كانت كل أسرة من الطبقة المتوسطة أو الراقية في الماضي تجتمع بصورة روتينية لتناول الساندويتشات والكعك والشاي بعد الظهر. ويقول ريتشارد موريس، 72 عاما: «الجميع يريد أن يأكل بصورة صحية هذه الأيام»، مذكرا بـ«سيدات الشاي» اللاتي كن يدفعن عربات الشاي في أنحاء المكاتب في سبعينات القرن الماضي. ولكن محبي الشاي لن يتخلوا عن ذلك بسهولة. فبعض المطاعم في لندن تقدم قوائم طعام خاصة مصحوبة بالشاي، كما يوظف مطعمان أشخاصا مهمتهم تقديم الشاي، وذلك بحسب رابطة الشاي ومنقوع الأعشاب في إنجلترا.
وفي حي توتينج بلندن، افتتح أليكس هولاند أول «حانة للشاي» في العاصمة البريطانية. ويقول هولاند: «هناك جو حانة، ولكن بدلا من زجاجات البيرة نقدم الشاي». وتقدم قائمة الطعام كوكتيلات شاي مثل إيرل جراي وتونيك، ويبدو أن المستهلكين متحمسون لهذه الفكرة، ويقول سائح إيطالي «إنها فكرة رائعة».
ومنذ عدة أعوام الآن، هناك مزرعتان للشاي ناجحتان في بريطانيا. ففي مناخ كورنوول المعتدل، في جنوب غربي إنجلترا، تقوم مزرعة تريجوثنان بزراعة شجيرات شاي مستوردة من الصين. كما أن الشاي الوارد من مزرعة في اسكوتلندا يتم تقديمه في بالمورال، مقر إقامة الملكة إليزابيث الصيفي.
ويقول جيمي راسل من شركة ووي تي، التي تدير مزرعة دالريوش في بيرثشاير «قطاع الشاي مثل قطاع النبيذ، له علاقة بالأرض والارتفاعات».
ولكن الشاي الذي تتم زراعته في بريطانيا أكثر تكلفة بالمقارنة بالشاي الذي يتم استيراده من الصين والهند.