* بينما تتوتر الشوارع والساحات في المدن الفنزويلية، تعيش دول أميركا اللاتينية انقساماً إزاء التعامل مع الأزمة الراهنة التي تعصف بفنزويلا، إذ تقف القيادات اليمينية في كل من كولومبيا والبيرو والمكسيك والأرجنتين والبرازيل ضد النظام اليساري في كاراكاس، وتؤكد أنها لن تعترف بالمجلس التأسيسي الذي أنشأته الحكومة الفنزويلية، وهي تتخذ مواقف أكثر تشدداً في مواجهة أفعال الرئيس نيكولاس مادورو. وعلى الجانب الآخر، حافظت القيادات اليسارية في كل من كوبا والإكوادور ونيكاراغوا وبوليفيا على تحالفها مع النظام وولائها له. وللعلم، منذ عهد شافيز تربط كلاّ من كوبا وفنزويلا علاقة وطيدة، حيث دأبت فنزويلا على تزويد كوبا بالنفط مقابل تقديم مسؤولي الأمن في كوبا الاستشارات إلى نظام مادورو. وهذا ما يعني أن الانقسام الإقليمي عميق وواضح، ويمثل عقبة أخرى في طريق التوصل إلى حل للأزمة الراهنة في فنزويلا.
مع هذا، ورغم الوضع الحرج في فنزويلا، على دول أميركا اللاتينية المشاركة في إيجاد حل يمنع من تصاعد حدة العنف الذي تسبب في مقتل أكثر من مائة شخص طوال أشهر من الاحتجاجات. وتمثل إقامة حوار بين الأحزاب، والحكومة، وقطاعات من المعارضة، «سيناريو» مثاليّاً، بينما يقول المعلقون المحافظون أن على المعارضة السعيَ لجمع صفوفها حتى يكون لها صوت وموقف أقوى في أي مفاوضات.
وفي هذا الإطار، تقول جوفانا دي ميشيل، محللة الشؤون الدولية الفنزويلي والأستاذة الجامعية: «لا يمكننا الحديث عن أميركا اللاتينية باعتبارها كتلة واحدة. وستتجسد الاختلافات الآيديولوجية والسياسية التي توجد في المنطقة في المسألة الفنزويلية». وتضيف: «الأمر لا يتعلق بما ينبغي عليهم (قادة دول أميركا اللاتينية) فعله، بل بالطريقة التي يتبعونها. فإذا كانت هناك شكوك إزاء العملية الانتخابية وفي شرعية حكومة مادورو، فالأمر الذي يجب فعله هو سحب السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة الفنزويلية.
تقوم العلاقات الدبلوماسية بين دولة وأخرى، وسيكون من الصعب التشكيك في شرعية نظام، وفي الوقت ذاته الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية معه».
في المقابل، يحذر بابلو جنتيلي، السكرتير التنفيذي لمجلس أميركا اللاتينية للعلوم الاجتماعية، من خطورة الموقف الحالي في فنزويلا، مؤكداً على ضرورة امتناع دول المنطقة عن دعم طرف دون الآخر، لأن أي موقف حاسم قاطع سوف يزيد الأزمة سوءاً.
ويتابع قائلاً «إذا تفاقم الوضع سوف يكون هناك المزيد من القتلى.
لا يرغب أي من الطرفين في حل الأزمة. في ظل هذه المحاولات الدولية للتوصل إلى حل، لا يمكن للمجتمع الدولي القول إن مادورو مخطئ، وإن المعارضة جديرة بالمشاركة في الحكومة. سيؤدي هذا، إضافة إلى أي تدخل عسكري أجنبي، إلى تصاعد العنف».
ويرى جنتيلي أن هذا لو كان قد حدث في أوروبا، ما كانت الدول الأوروبية لتفكر أبداً في اتخاذ موقف في صراع داخلي بهذا الشكل، مشيراً إلى أن قرار دعم أي من الطرفين «سيتسبب في حرب لا نهاية لها، لأن خَلْع مادورو لن يحقق السلام في فنزويلا».
أنظمة أميركا اللاتينية منقسمة إزاء فنزويلا
أنظمة أميركا اللاتينية منقسمة إزاء فنزويلا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة