العاهل الأردني إلى رام الله الاثنين للقاء عباس

جدول الزيارة لا يتضمن أي لقاء مع مسؤولين إسرائيليين

TT

العاهل الأردني إلى رام الله الاثنين للقاء عباس

في تطورات وصفتها مصادر دبلوماسية إسرائيلية بأنها دليل على تصعيد واضح في الأزمة مع عمان، كشفت مصادر فلسطينية رفيعة، وأكدتها مصادر إسرائيلية، أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سيقوم بزيارة تظاهرية مميزة إلى مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، بعد غد الاثنين، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبحث طرق استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير على المسجد الأقصى.
وأضافت هذه المصادر أن الملك عبد الله سيحضر بطائرته المروحية، موضحة أن زيارته ستستغرق بضع ساعات، يعود بعدها إلى عمان، من دون أن يلتقي مسؤولين إسرائيليين.
واعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية هذه الزيارة خطوة تصعيدية، يعبر بها الملك الأردني عن مدى غضبه من حكومة إسرائيل، ورئيسها بنيامين نتنياهو، إزاء أزمة الأقصى بشكل عام. وقال سفير إسرائيلي سابق في الأردن إن «إسرائيل تدفع الآن ثمن التصرفات الصبيانية والاستفزازية التي قام بها نتنياهو، عندما استقبل ضابط الأمن في السفارة بالضحك والمزاح، مع أنه قتل مواطنين أردنيين بدم بارد».
وأضافت مصادر أخرى أن إسرائيل تلقت تلميحات من عمان تفيد بأن الملك عبد الله ينتظر من إسرائيل إجراء قوياً ذا مغزى يصحح الموقف.
وبالإضافة إلى مطلب الأردن بأن تتم محاكمة الضابط الإسرائيلي بتهمة القتل، فإن سلطات البلاد تطرح اليوم مطلب تغيير جميع طاقم السفارة الإسرائيلية، بمن في ذلك السفيرة الحالية وضباط الأمن.
كانت السلطة الفلسطينية قد ثمنت الموقف الأردني والعربي بشكل إيجابي خلال أزمة الأقصى، لكنها حذرت من أن إسرائيل لم توقف مؤامراتها على القدس والأقصى، وقالت إنها تحول المدينة المحتلة إلى ثكنة عسكرية، وتفرض القيود على صلاة المسلمين، وتواصل السيطرة على عقارات فلسطينية، من بيوت وأراض وعمارات، كان آخرها مخطط كشف أنهم يخططون لهدم قسم كبير من حي الشيخ جراح، وإقامة حي يهودي مكانه، كما يفعلون في سلوان وراس العامود، وغيرهما.
وفي هذا السياق، أصدر مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، تقريراً أظهر أن الشهر الماضي شهد انتهاكات إسرائيلية خطيرة بحق الشعب الفلسطيني، بينها 20 شهيداً، من بينهم 5 أطفال برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ مطلع العام الحالي إلى 63 شهيداً، بينهم 15 طفلاً، فيما ما زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 13 فلسطينياً في ثلاجاتها، في تحد فادح للقانون الإنساني الدولي.
وبالإضافة إلى ذلك، قامت سلطات الاحتلال باعتقال أكثر من 600 مواطن ومواطنة في كل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بينهم عشرات الأطفال، كما تمت إصابة وجرح أكثر من 1400 مواطن ومواطنة، من بينهم أطفال، وكانت أغلب الإصابات والاعتقالات بمدينة القدس بعد الاحتجاجات الشعبية ضد إجراءات الاحتلال في المسجد الأقصى.
وتطرق التقرير أيضاً إلى أعمال تهويد القدس، فقال: «لقد استغلت دولة الاحتلال العملية التي نفذها 3 شبان من مدينة أم الفحم، أواسط الشهر، على أبواب المسجد الأقصى، لتنفذ مخططاتها التهويدية للسيطرة على منطقة الحرم القدسي، وسائر أنحاء المدينة. وسمح نتنياهو لأعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى، بعد عام ونصف العام من منعهم ذلك، فيما رفع أحد عناصر الشرطة الإسرائيلية علم إسرائيل في باحات المسجد الأقصى أثناء اقتحامه. كما قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إقامة مركز تاريخي يهودي في سلوان، تحت اسم مركز (كيدم)، الذي ستعرض فيه آثار وتاريخ ما يسمى بمدينة داود».
وفي سياق المشاريع التهويدية، واصلت الحكومة مشاريع البناء في عدة أحياء استيطانية يهودية، وكشف النقاب عن مخطط لبناء حي إضافي، ليصبح عددها 15 حياً، كل منها يعتبر مدينة.
كما أحاطت سلطات الاحتلال بالأسلاك الشائكة جزءاً من المقبرة اليوسفية بالقدس المحتلة لإنشاء حديقة استيطانية عامة، وتشمل الأعمال تطوير البنية التحتية بسوق المواشي، من تعبيد الطرق وإنشاء الأرصفة وتجديد شبكات الإنارة والبستنة، بالتعاون بين بلدية الاحتلال وسلطة تطوير الأراضي وشركة موريا، على الرغم من أن هذه الأرض هي وقف إسلامي منذ ما يزيد عن 1400 عام. كما عرضت دائرة أراضي إسرائيل جزءاً من عقار في بلدة سلوان للمزاد المغلق بين ورثته الشرعيين من عائلة صيام والمستوطنين في حي وادي حلوه، وهو عبارة عن منزل ومخزنيين ودكان على أرض بمساحة 750 متراً مربعاً، كما أجبرت بلدية الاحتلال مواطناً على إغلاق مطعمه في سوق خان الزيت، بالبلدة القديمة في القدس المحتلة، بزعم تراكم الضرائب عليه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.