* الفيلم: The Wall
> إخراج: دوغ ليمان
> تمثيل: آرون تايلور - جونسون، جون سينا، ليث نقلي.
> النوع: حربي /أميركا (2017)
> تقييم:
موت في العراق
أصعب الدراميات تلك التي يقودها ممثل واحد تبقى الكاميرا معه طوال الفيلم، أو ربما شاركه ممثل آخر أو اثنان. روبرت التمن حقق أفضل فيلم عن شخصية الرئيس الأميركي رتشارد نيكسون في «شرف سري» (1984) وسيجد المنقب أفلاماً أخرى جيدة. لكن ليس بفاعلية فيلم التمن ذاك.
الصعوبة ليست غامضة، بل يمكن أن يشير لها المشاهد بإصبعه: محاولة إشغال المشاهد بمشاهد غير متنوعة المكان (عادة) يقودها جميعاً فرد واحد عليه تقع كل الأحداث الواردة أو تنتج منه. الكاميرا تبقى معه كذلك الخط النحيف من الحكاية الذي عليه ألا يتأثر بمحدودية المكان أو الفرد الوحيد الذي تدور الأحداث حوله ومعه.
المخرج دوغ ليمان («إنذار بورن» «بعيداً عنها») يؤم هذا الوضع في «الجدار»: مجند أميركي اسمه إيزاك في موقع صحراوي مع رفيق له اسمه ماثيو. كلاهما الناجيان الوحيدان من فرقة تعرضت لهجوم ما (قبل بداية الفيلم) وذلك في العام الذي أعلن فيه جورج بوش الابن أن الحرب العراقية انتهت بالانتصار (2007). الحركة ساكنة في مطلع الفيلم ثم ينهض ماثيو من مخبئه ويتقدم صوب ذلك الجدار أو ما بقي ماثلاً منه معتقداً أن لا أحد وراءه. لكن قناصاً عراقياً ما زال في الجوار. لا نراه وطوال الفيلم سنسمع صوته فقط (يؤديه ليث نقلي). هذا القناص يرمي الجندي الأميركي ماثيو برصاصة تصيبه في أمعائه فيسقط مضجراً. الجندي الآخر إيزاك (آرون تايلور - جونسون) يهب لنجدة رفيقه الجريح فيصاب بطلقة في ساقه؛ ما يضطره إلى الجوء إلى ذلك الجدار الذي سيذكّـره القناص العراقي بأنه كل ما بقي من مدرسة القرية التي دمرها الأميركيون.
جل الفيلم عن إيزاك المحاصر في مكانه والقناص المختفي الذي لا نرى له وجهاً. بعض الحوار الناشئ بينهما يتعاطى ومنظور كل منهما للحرب مع إعطاء الحجة أكثر من مرّة للعراقي الذي يسأل، على سبيل المثال، إيزاك إذا كان يعرف لماذا هو هنا. وعندما يصفه إيزاك بالإرهابي، يذكره القناص بأنه، أي الأميركي، هو الذي جاء ليغزو أرض سواه.
ليس أن الفيلم يصطف لجانب قضية أحدهما، لكنه - على الأقل - يعرضهما بضوء واحد، وكان هذا ما فعله المخرج في فيلمه السابق الذي تناول، من بعيد، الحرب العراقية وهو «لعبة عادلة» (Fair Game) قبل سبع سنوات.
الفيلم (بميزانية تقل عن مليون دولار ومن إنتاج مؤسسة «أمازون» الإلكترونية، ولو أن الفيلم شهد عروضاً أميركية ودولية في صالات السينما) يقوم على تصوير ذلك المأزق الصعب للجندي الأميركي في موقع لا يمكن له الخروج منه حياً بمفرده. إنه المأزق ذاته الذي واجهته السياسة الأميركية أيام الحرب العراقية ما يفسر أن النهاية ليست في مقتل العراقي وبقاء الأميركي على قيد الحياة، بل العكس. عندما تصل النجدة أخيراً بطائرتين مروحيّـتين وتلتقط إيزاك عن الأرض يطلق عليها القناص الرصاص فتسقط بمن فيها كما لو أنها حطت في الأساس فوق طمى متحركة.
طبعاً ما يقلق المشاهد هو أن احتمالات وجود قناص في موقع صحراوي خال من الحياة ضئيلة. عما كان يدافع عنه. حتى القرية التي يتحدث عنها ممحية. لكن كذلك يُـطرح السؤال حول الجنود الأميركيين (نرى جثث بعضهم هنا وهناك) وماذا كانوا يفعلون في موقع انتهى تدميره. بعض هذا العطب يزول باعتماد النظرة الرمزية التي يوفرها السيناريو (كتبه دواين وورل) والمخرج ليمان.
شاشة الناقد
https://aawsat.com/home/article/990331/%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%AF
شاشة الناقد
شاشة الناقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة