حوادث السرقة والهجوم بمادة كاوية تلقي بظلالها على السياحة الخليجية في لندن

رغم أن موسم الصيف يعد من أكثر المواسم ازدحاما بالسياح العرب فإن هناك مخاوف متزايدة من الزوار من منطقة الخليج العربي والسعودية تحديدا بسبب انتشار حوادث السرقة والتهديد بالسلاح وأخيرا حادث الهجوم بالمواد السائلة الحارقة على أحد المتسوقين بمنطقة نايتسبريدج. وتعددت الشكاوى من سياح خليجيين بأن عمليات السرقة التي يتعرضون لها لا تحظى باهتمام من البوليس البريطاني رغم بلاغات الضحايا. ومن جانبها أصدرت السفارة السعودية بلندن تحذيرا لمواطنيها جاء فيه: «نظرا لما لاحظته السفارة مؤخرا من تزايد عمليات الاعتداء بالمواد السائلة ومن ضمنها الأسيد الحارق من قبل مجموعات من اللصوص المحترفين الذين يتواجدون بالقرب من الأماكن السياحية في لندن بغرض السرقة، تهيب السفارة بالمواطنين الزائرين والمقيمين بتوخي الحذر وتجنب السير في الأزقة والأماكن المظلمة». كما حذرت السفارة المواطنين من الظهور بمقتنيات ثمينة مثل المجوهرات والساعات التي تجذب أنظار السارقين.
وقد اشتكى بعض السياح الخليجيين من استهدافهم من قبل اللصوص في المناطق السياحية التي تشهد تواجدا عربيا كثيفا مثل منطقة نايتسبريدج، وأشار بعضهم إلى أن المهاجمين استخدموا الأسلحة لتهديدهم وسرقة مقتنياتهم الثمينة، كما عبر البعض الآخر عن مخاوفهم وحرصهم على التشبث بأغراضهم مثل الحقائب خوفا من تعرضهم لتلك العصابات.
وشهدت لندن خلال العامين الفائتين حالات سرقة استهدفت مقتنيات ثمينة لسياح خليجيين، كما شهد فندق كمبرلاند الشهير في «ماربل آرش» بمحاذاة حديقة الهايد بارك حالة اعتداء على عائلة إماراتية راحت ضحيتها سيدة. وخلال مارس (آذار) الماضي تعرض سائح سعودي لسرقة ساعته في أحد مقاهي منطقة «نايتسبريدج».
وفي الرياض أكد المهندس ناصر بن عقيل الطيّار مؤسسة مجموعة الطيّار للسفر، أن تزايد عمليات الاعتداء بالمواد السائلة ومن ضمنها الأسيد الحارق من قبل مجموعات من اللصوص المحترفين الذين يتواجدون بالقرب من الأماكن السياحية في لندن بغرض السرقة، لم يقلص عدد الرحلات الجويّة السعودية إلى بريطانيا وإنما «قلل عدد الركاب لأن تأثيرها على الأفراد وعددهم وليس عدد الرحلات».
وقال الطيار: «شهدت السنوات الأخيرة عدد من دول أوروبا، ومن بينها بريطانيا، مثل هذه التصرفات، وسببها للأسف الشديد أن الكثيرين من العرب الذين يسافرون إلى تلك الدول، ينقلون معهم أغلى ما يملكون من النفائس والأموال ويبرزون مقتنياتهم الشخصية بشكل خاطئ. وهو ما يغري بعض ضعاف النفوس».
وثمن الطيار جهود السفارة السعودية في بريطانيا لتبنيها مثل هذا التوجيه والتحذير المهم والذي يستهدف حماية الرعايا والمواطنين والعمل على زيادة الوعي لدى المسافرين.
الجدير بالذكر أن حوادث السرقة بالإكراه قد تزايدت في وسط لندن وفي المناطق السياحية مؤخرا كما تناقلت وسائل الإعلام ازدياد عدد حالات الهجوم باستخدام الأسيد الحارق. وحسب ما ذكرت صحيفة «الإيفنينغ ستاندرد» أن حوادث الهجوم بالأسيد الحارق قد ازدادت من 261 حادثا في 2015 إلى 454 العام الماضي وهي زيادة بمعدل 73 في المائة وهو ما أدى إلى مطالبات بتجريم حمل تلك المواد وتغليظ العقوبات بشأن استخدامها. وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها ستعد لائحة توجيهات للجهات القضائية لإدراج المواد الحارقة كأسلحة خطرة، كما ستراجع القواعد الإرشادية حول العقوبات الجنائية اللازمة.
من جانبه قال متحدث باسم الشرطة البريطانية في رد على استفسارات من «الشرق الأوسط» أن المتروبوليتان بوليس ليس لديه أي أرقام بحوادث تخص السياح العرب، وأشار إلى أن بعض البلاغات التي ترد من سياح عرب قد يتم تسجيلها في خانات عامة مثل «أفريقي» أو «آسيوي» و«شرقي». غير أن المتحدث أكد أن أي بلاغات تقدم للشرطة بالسرقة يتم التعامل معها قائلا: «إذا كانت هناك جريمة فسيستجيب البوليس»، نافيا بعض الروايات التي تقول بأن البوليس لا يتعامل مع بلاغات السرقة بجدية إلا إذا كانت مصحوبة بإصابات جسدية، وهو ما أشار له عدد من المواطنين العرب. كما امتنع المتحدث عن التعليق حول تحذير السفارة السعودية من انتشار عمليات السرقة بالإكراه غير أنه أكد أن حادث الهجوم بالمادة السائلة الذي حدث بمنطقة نايتسبريدج أول من أمس، «لم يصنف على أنه هجوم بالأسيد الحارق» وأن الضحية هوجم بإلقاء مادة سائلة لم تحدد ماهيتها بعد.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قالت متحدثة باسم مكتب السياحة البريطاني «فيزيت بريتان» في الإمارات والسعودية، بأنه لا توجد حتى الآن مؤشرات على إلغاء لحجوزات السفر للمملكة المتحدة بسبب الحوادث المذكورة غير أنها أشارت إلى أن أرقام السياح المسجلة في شهر يوليو (تموز) من هذا العام كانت أقل مما سجله شهر يوليو من العام الماضي، غير أنها أكدت على أن الوقت لا يزال مبكرا للخروج برأي قاطع حول أعداد السياح، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى وقد تجد أسباب أخرى مثل ظهور وجهات جديدة للسياحة. وأشارت المتحدثة إلى أن سوق السياحة من منطقة الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي قد تشهد تغيرات في اللحظة الأخيرة وبالتالي من المبكر الاستنتاج بتأثر أرقام الراغبين بزيارة بريطانيا. وتجدر الإشارة إلى أن موسم الصيف هو الأكثر تفضيلا من قبل مواطني دول مجلس التعاون حيث تصل النسبة إلى 70 في المائة ويحل موسم أعياد الميلاد (الكريسماس) ثانيا من حيث التفضيل.