الباحثة السورية لمى قنوت: عسكرة الثورة همشت صوت المرأة

الدول المانحة للمجالس المحلية «تجاهلت تغييب النساء»

نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
TT

الباحثة السورية لمى قنوت: عسكرة الثورة همشت صوت المرأة

نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)

يكاد المشهد السوري يخلو من الدراسات الميدانية والنظرية التي ركزت على مساهمة المرأة السورية في تنظيمات الثورة التي انطلقت في مارس (آذار) 2011 أو في منظمات المعارضة التي تشكلت خلال ست سنوات، غير أن الباحثة النسوية لمى قنوت، أخذت على عاتقها إنجاز بحث ميداني قام على استجواب عدد من السوريين من مختلف القطاعات، لسبر وجهة نظرهم في هذه المشاركة، وقد صدر البحث، أخيرا، تحت عنوان (المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش) على أن تصدر نسخته الإنجليزية قريبا.
ترى لمى قنوت أن أخطاء محددة ارتكبتها بعض قوى المعارضة السورية في النهج والخطاب والممارسة، تسببت في إعاقة مشاركة المرأة في المشهد السياسي، مشددة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على دور عسكرة الثورة في تهميش الصوت المدني خصوصا النساء.
أما السبب الذي دفع الباحثة لإنجاز هذا البحث، فهو اهتمامها بالمشاركة السياسية للمرأة وندرة الأبحاث في السياق السوري بعد الثورة وضمن القوى السياسية لمعارضة، وأهمية تقديم مادة تحليلية نسوية مرجعيتها حقوق الإنسان مبنية على شهادات وحوارات مع نساء ورجال سوريين من داخل المعارضة.
أفرزت الثورة هياكلها الثورية مثل (لجان التنسيق المحلية)، التي كانت تجربة شديدة الأهمية، للنساء ذوات الكفاءة، في متن التأسيس، وضم المكتب التنفيذي السياسي عام 2012 أربع نساء من أصل ثمانية أعضاء. غير أن اللجان تراجعت أهميتها نتيجة ازدياد العسكرة، ثم شكل خطف مؤسسة اللجان رزان زيتونة ورفاقها وائل حمادة وناظم حمادي وسميرة الخليل، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) عام 2013 من مدينة دوما بريف دمشق، حيث يسيطر فصيل جيش الإسلام، ضربة قاسية لعمل اللجان في الداخل.
شدد البحث على أن اختطاف رزان وفريق العمل معها، «شكل إجهاضا لأصوات مناضلة علمانية، كانت معارضتها متجذّرة لـ(سوريا الأسد)، منتقدا عدم حشد القوى السياسية كل إمكانياتها للتركيز على جريمة الخطف هذه والمطالبة بتحرير المخطوفين».
تقول قنوت معلقة على ما سبق، إنه بعد أن أحكم «جيش الإسلام» قبضته ومارس سلطته على سكانها، محيت الشعارات التي أطلقتها النساء في دوما بداية الثورة، مثل «يا رجال دوما هبّوا... ويوم الجمعة لا تتخبوا» إلى شعارات أخرى استفزازية موجهة للنساء كُتبت على جدران البلدة، تقول: «تبرجك وتعطرك أخّر النصر»!

المعارضة والإدارات المحلية
ولا يتوقف انتقاد الباحثة للمجموعات المتأسلمة أو المتعسكرة، فالأمور برأيها لا تسير لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة عند قوى المعارضة السياسية التي تصدرت المشهد منذ 2011. وتقدم أمثلة كثيرة على ذلك، فالمكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية (جسم علماني معارض يضم أطيافاً من الشعب السوري)، ضم 29 عضوا في المكتب، بعد اجتماع المجلس المركزي بدورته السابعة في أبريل (نيسان) الماضي. وقد خلا من قياديات نسائيات، باستثناء تعيين رئيسة لمكتب المرأة من خارج المكتب.
ولم يكن الوضع في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، بأحسن منه، فقد غابت النساء بعد انتخاباته الأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي، ومن أصل 19 عضوا في هيئته السياسية، لم تحضر ولا امرأة فيها، واختيرت امرأة نائبة للرئيس ضمن كوتة منصوص عليها في أوراق التأسيس (يكون لرئيس الائتلاف ثلاثة نواب، مقعد للمرأة، ومقعد للمجلس الوطني الكردي، وثالث حسب الترشيحات). وتأسف قنوت أن يأتي هذا الوضع بعد إقرار توسعة نسائية طالبت بها عضواته منذ 2014 وأقرت بعد سنة وتسعة أشهر، بنسبة أقل من النسبة التي طالبن بها وهي 30 في المائة وحالياً تشكل عضوات الائتلاف 10 من أصل 102 عضو.
كذلك، وفي سياق مماثل، وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها جهات نسوية لزيادة تمثيل النساء في الكتل السياسية على طاولة المفاوضات، فإن مؤتمر المعارضة في الرياض الذي انبثقت عنه (الهيئة العليا للمفاوضات) وتألف من اثنين وثلاثين شخصا، بينهم امرأتان فقط. «وهذه الهيئة شكلت وفد المعارضة المفاوض وضم 3 نساء من أصل خمسة عشر عضواً، أي بزيادة مقعد واحد لهن عن مفاوضات جنيف 2 السياسية».
وعلى صعيد المفاوضات نفسها، تلحظ قنوت، أنه بدأ تصاعد دور العسكر والفصائل في جنيف فبراير (شباط) 2016، وترأس الوفد عميد منشق، وكان كبير المفاوضين فيه قيادي في فصيل جيش الإسلام، ضم الوفد ثلاث نساء من أصل خمسة عشر عضواً. وفي جنيف4 وجنيف5 وجنيف6، تضيف: «إنه جرى تعويم المعارضة المسلحة على حساب السياسية منها، عبر المناصفة في التمثيل، بينما جرى تمثيل النساء بسيدتين فقط.
في سياق آخر، وعلى المستوى الإداري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وبينما يزداد الحديث عن الدور المرتقب للمجالس المحلية، ترصد الباحثة قنوت غيابا شبه تام للمرأة عن تلك المجالس، وتقول إن نسبتهن كانت 2 في المائة في النصف الأول من عام 2016. وتلفت الانتباه إلى أن ليس المعارضة التي تصدرت المشهد، هي فقط من لم تكترث للأمر، فقد تجاهلت الدول المانحة التي تدعم المجالس المحلية تغييب النساء عنها، ما ساهم بترسيخ المعوقات والحواجز المتعددة لتمثيلهن، «وبالتالي غاب إحداث التغيير الحقيقي من (القاعدة)، وغابت السياسات الحساسة للنوع الاجتماعي»، تقول قنوت، لافتة إلى أن «نفس الدول المانحة تركز على مشاركة المرأة في المفاوضات وفي بعض الكتل السياسية مثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة».
مفارقة التمثيل الكردي
ولم يفت الباحثة أن تتناول وضع المرأة في الحزب الكردي الأكبر (الاتحاد الديمقراطي) والتنظيمات العسكرية والأمنية التابعة له، حيث المرأة حاضرة بقوة وتشكل 40 في المائة من الحزب. غير أن المستجيبين لأسئلة البحث تركوا تعليقات على «مفارقة تجنيد القاصرات ووقوفهن على الحواجز» وإن كان ذلك يعد مساواة في التمثيل! وأشار تعليق آخر، إلى أن المكاسب للحزب الكردي المقصود وليس للنساء الكرديات. ورأى أحد المشاركين أن «القياس على نسبة المقاتلات في الحزب يمكن مقارنته بـ(كتيبة الخنساء) في (داعش)، أو تنظيم (لبوات الأسد) التابع للنظام». ورأت مشاركة أنه «عمليا، بقى أوجلان هو الرمز، ولم يسمع السوريون باسم غيره هو وصالح مسلم».
وعرجت الباحثة على النظام في سوريا، فقالت، «إن الأسد يستخدم النساء في حكومته لتجميل وجهه عبر تعيينهن في مواقع سياسية قد تبدو هامة مثل نائبة لرئيس الجمهورية (23 مارس 2006) ورئيسة للسلطة التشريعية (6 يونيو 2016)، أو كوزيرات، في حين أنه تم تعيينهن بسبب ولائهن لسلطة الاستبداد، لا يُعبرن إلا عن الخطاب الرسمي ولا يجرؤن على انتقاد السلطة، بل ويستأسدن في الدفاع عن قرارات تناهض حقوقهن».
يذكر أن بحث (المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش) للمى قنوت، صدر بدعم من المبادرة النسوية الأورومتوسطية الممول من السويد وبدعم من اللوبي النسائي السوري.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.