5 آلاف مسلح ومدني غادروا عرسال إلى إدلب... والمئات يتراجعون

«حزب الله» أعلن أن عدد المغادرين إلى الشمال السوري استقر على 7777

لاجئون سوريون تجمعوا امس في وادي حميد قرب بلدة عرسال اللبنانية للتوجه الى إدلب شمال سوريا (إ ف ب)
لاجئون سوريون تجمعوا امس في وادي حميد قرب بلدة عرسال اللبنانية للتوجه الى إدلب شمال سوريا (إ ف ب)
TT

5 آلاف مسلح ومدني غادروا عرسال إلى إدلب... والمئات يتراجعون

لاجئون سوريون تجمعوا امس في وادي حميد قرب بلدة عرسال اللبنانية للتوجه الى إدلب شمال سوريا (إ ف ب)
لاجئون سوريون تجمعوا امس في وادي حميد قرب بلدة عرسال اللبنانية للتوجه الى إدلب شمال سوريا (إ ف ب)

صعد آلاف المدنيين السوريين ومسلحو «جبهة النصرة» وعائلاتهم، أمس، في حافلات معدة لنقلهم إلى الشمال السوري، تنفيذا للمرحلة الثانية من اتفاق «النصرة» مع «حزب الله» اللبناني القاضي بإخلاء منطقة عرسال وجرودها من ألف و116 مسلحاً، و6 آلاف و661 لاجئاً مدنياً. غير أن مئات السوريين المدنيين تراجعوا في اللحظات الأخيرة عن الصعود في الحافلات، خوفا من الغلاء والتدهور الأمني في منطقة إدلب.
وأكدت مصادر مواكبة لعملية إجلائهم لـ«الشرق الأوسط»، أن نحو 5 آلاف مسلح ومدني غادروا منطقة عرسال وجرودها عصر أمس، وصعدوا في 113 حافلة اتجهت نحو فليطة السورية، لتعبر نحو الشمال السوري، مشيرة إلى أن المدنيين الذين كانوا قد سجلوا أسماءهم في قوائم الراغبين بالمغادرة تراجعوا عن الخطوة «بسبب الغلاء الفاحش في المعيشة في إدلب، وندرة فرص العمل فيها، والتهديدات الأمنية التي تحيط بالمحافظة».
وبذلك، يكون المسلحون بأكملهم غادروا المنطقة مع عائلاتهم، بينما سُجّل التراجع عن الخطوة في صفوف النازحين المدنيين.
وكان «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله»، أعلن عن أن عدد المغادرين إلى الشمال السوري استقر على 7 آلاف و777 شخصا يتوزعون في عرسال وجرودها على منطقتين، الأولى واقعة تحت سيطرة الجيش اللبناني، والثانية خارج سيطرة الجيش اللبناني.
وتجاوز المشرف على المفاوضات المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، العراقيل التي وضعتها «النصرة» بشأن تنفيذ الاتفاق، حيث تمت مبادلة 3 أسرى من «حزب الله» لدى «النصرة» بثلاثة موقوفين لدى السلطات الرسمية اللبنانية، طالبت «النصرة» بالإفراج عنهم.
وقالت المصادر إن المسلحين «يحتفظون بسلاحهم الفردي وينقلونه معهم إلى شمال سوريا»، موضحة أن الرقم الذي تحدث عنه اللواء إبراهيم أول من أمس، حول وجود 112 مسلحا من «النصرة»، «يمثل هؤلاء الذين كان يحاصرهم (حزب الله) في آخر التلال التي انكفأ إليها مسلحو التنظيم أثناء معركة عرسال الأخيرة». أما الآخرون «فكان يوجد قسم منهم خارج المعركة، أو ينتشر في مخيمات اللاجئين».
وأشارت المصادر، إلى أن هذه المرحلة تقضي بترحيل المسلحين والمدنيين الراغبين بالتوجه إلى الشمال السوري، بينما سينتقل المسلحون والمدنيون الراغبون بالرحيل إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي بريف دمشق، في خطوة لاحقة، بعد إخراج المغادرين إلى الشمال، لافتة إلى أن المرحلة الثالثة من الإخلاء ستشمل النازحين الراغبين بالعودة إلى قراهم في القلمون الغربي، حيث ينتقلون بسياراتهم إلى تلك القرى.
وتحدثت مصادر إعلامية قريبة من «حزب الله» أن «(جبهة النصرة) قامت بإحراق مقارها في مناطق انتشارها في منطقة وادي حميد والملاهي في جرود عرسال، إضافة إلى مقرها الأساسي في مخيم الباطون على طريق الملاهي في الجرود». وبدأ صباح أمس توافد المدنيين السوريين إلى الحافلات في عرسال، المعدة لنقلهم، بينما تأخر صعود المسلحين إلى الحافلات حتى بعد ظهر أمس، وذلك بعد أن أَمّ زعيم التنظيم في القلمون وجرود عرسال أبو مالك التلي الصلاة بعناصره، محاولا تبرير التوصل إلى الاتفاق. وقالت مصادر سوريا في عرسال لـ«الشرق الأوسط»، إن التلي «حاول رفع معنويات المقاتلين، وقال للعناصر إن ما وصل إليه الاتفاق لا يعتبر هزيمة، بل إجراء يهدف إلى حماية المقاتلين والمدنيين عبر نقلهم إلى مكان آخر».
وانطلقت القوافل عصر أمس باتجاه الأراضي السورية، وضمت 3 آلاف و500 مسلح ومدني خرجوا من داخل بلدة عرسال، ونحو ألف و500 آخرين خرجوا من منطقة وادي حميد الواقعة شرق البلدة، ومن ضمنهم زعيم «النصرة» أبو مالك التلي. وعبرت القافلة باتجاه فليطة السورية الحدودية مع لبنان، قبل أن تعبر في عمق الأراضي السورية باتجاه حمص وريف حماة وحلب، حيث ستدخل إلى مناطق نفوذ «النصرة» في ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب. ومن المقرر أن يتسلم «حزب الله» 5 أسرى من مقاتلين محتجزين لدى «النصرة» شمال سوريا، لقاء السماح للقافلة بالعبور باتجاه إدلب.
وتخطى لبنان العراقيل التي حالت دون تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق يوم الاثنين الماضي، حيث أعلن اللواء عباس إبراهيم لـ«رويترز»، إن «جبهة النصرة» أطلقت في ساعة مبكرة من صباح أمس، سراح ثلاثة من مقاتلي «حزب الله» اللبناني أسرتهم في الآونة الأخيرة، مقابل ثلاثة أفراد كانوا محتجزين في لبنان.
وأضاف إبراهيم أن إتمام المبادلة يعني أنه تم نقل نحو عشرة آلاف مقاتل سوري وأسرهم ولاجئين آخرين، بالحافلات من لبنان إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا بعد أن تأجل من قبل. وجرى الاتفاق على عملية النقل بموجب اتفاق لإطلاق النار بين «حزب الله» وجبهة فتح الشام الأسبوع الماضي، لكنها تأجلت خلال التفاوض على مبادلة الأسرى.
وذكر إبراهيم أن 120 مقاتلا يحملون أسلحة شخصية سيكونون ضمن آلاف السوريين المقرر أن يغادروا إلى محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية الأربعاء. وتابع إبراهيم أن خمسة آخرين من مقاتلي «حزب الله» سيطلق سراحهم بعد ذلك لدى وصول أول قافلة إلى مقصدها في سوريا. وقال إبراهيم، إن السلطات اللبنانية تسلمت مقاتلي «حزب الله» الثلاثة، وسلمت الأفراد الثلاثة الذين طلبت «النصرة» الإفراج عنهم.
وتمت عملية المبادلة قبيل الساعة الواحدة صباحا بتوقيت بيروت. واثنان من الأفراد الذين سلمتهم بيروت إلى النصرة، سجينان وثالث أنهى فترة سجنه. ولم يشارك الجيش اللبناني بدور فعال في العملية باستثناء إقامة مواقع دفاعية حول عرسال.
ومن المتوقع أن تتركز المرحلة الثانية من الحملة على جيب قريب يقع حاليا تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش. وتقول وسائل إعلام محلية إن من المرجح أن ينفذ الجيش اللبناني هذه المرحلة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».