وفد من قيادة «حماس» للمشاركة في تنصيب روحاني

TT

وفد من قيادة «حماس» للمشاركة في تنصيب روحاني

أكدت مصادر قريبة من حركة «حماس» الفلسطينية في لبنان، أن «وفداً قيادياً» من الحركة سيشارك في تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني السبت المقبل، بعد تلقيها دعوة من طهران سلمها مسؤول إيراني لمسؤولين في الحركة خلال لقاء في بيروت.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية لن يشارك في الحفل، لكنه سيرسل وفداً من قيادة «حماس» للمشاركة.
وكانت وسائل إعلام إيرانية كشفت عن اللقاء الذي جرى في بيروت، بين مسؤولين في الحركة ومسؤولين إيرانيين، ونشرت تفاصيل وصوراً له.
ولسنوات طويلة، أجريت اللقاءات بين «حماس» ومسؤولين إيرانيين في لبنان، بشكل سري بعيداً عن وسائل الإعلام. لكن يبدو أن الطرفين أرادا بث رسائل محددة بالإعلان عن هذا اللقاء الأخير، معززاً بالصور.
وسلطت وسائل إعلام إسرائيلية الضوء على ظهور عضو المكتب السياسي لـ«حماس» صالح العاروري، في الصور التي ظهر فيها أيضاً، مسؤول العلاقات الخارجية في «حماس» أسامة حمدان، وممثل الحركة في لبنان علي بركة، خلال اجتماعهم مع المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين أمير عبد اللهيان، الذي شغل سابقاً، مناصب عدة في وزارة الخارجية الإيرانية.
وركزت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، على العاروري، باعتباره الشخصية المثيرة للجدل التي طردت من تركيا، ثم من قطر، بعد ضغوط إسرائيلية وأميركية.
وقبل أسابيع قليلة فقط، هاجم وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، العاروري مباشرة، وقال إنه وصل إلى لبنان من أجل تعزيز العلاقات مع «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني، والعمل على ضرب إسرائيل.
وأضاف ليبرمان، أن «العاروري يخطط لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل من لبنان». ودعا ليبرمان إلى ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية لطرده من أراضيها، ولمنع إقامة قيادة عسكرية لحماس في لبنان.
وحمل ليبرمان لبنان، إذا ما قررت احتضان العاروري، المسؤولية عن أي عملية ضد إسرائيل ينفذها رجال حماس.
والعاروري واحد من الذين غادروا قطر واستقروا في لبنان. وتتهمه إسرائيل بالوقوف خلف بناء تنظيم حماس في الضفة الغربية، وتوجيههم من أجل عمليات تثير الفوضى فيها، وتؤدي، في النهاية، إلى إسقاط السلطة الفلسطينية.
وجاء الاجتماع العلني المصور، لتأكيد رغبة الطرفين في استعادة العلاقات بعد توتر طويل. وقد عملت طهران لسنوات، على استمالة حركة حماس «السنية»، ووعدتها بدعم كامل مقابل إعلان مواقف واضحة داعمة لها في مواجهة دول المنطقة.
وضغطت طهران أكثر لاستعادة العلاقة، مع صعود إسماعيل هنية على رأس الحركة، باعتباره ميالا أكثر للتصالح مع إيران، بعكس رئيس حماس السابق خالد مشعل.
وتريد إيران الاستفادة من واقع حماس الجديد، المنفصل عن الإخوان، والتي هوجمت كذلك، من الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ودول في المنطقة، لتقريبها منها باعتبار أن البراغماتية التي أظهرتها الحركة بتغيير وثيقتها السياسية، لم تنفع ولم تفتح لها آفاقا، وكونها أصلا، حليفا قديما للمحور الذي تقوده إيران.
وأشاد العاروري، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية، «إرنا» بالدعم الإيراني للقضية الفلسطينية. وقال: «إن القدس هي أولى القبلتين، وإن النضال سيستمر حتى التحرير الكامل لأرض فلسطين التاريخية». وتابع، «حركة حماس ستواصل النضال مع فصائل المقاومة الأخرى، لتحقيق هدف الشعب الفلسطيني وهو تحرير القدس».
وبحسب الوكالة الإيرانية، فقد أكد المسؤول الإيراني الذي شغل، في الماضي، منصب نائب وزير الخارجية، خلال اللقاء، أن جزءا هاما من الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، يتعلق بتعزيز وحدة محور الممانعة والمقاومة. وأضاف: «إن طهران تدعم حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، باسم وحدة المسلمين في محاربة الكيان الصهيوني». وتابع أثناء اللقاء «إن جهود بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في ظل يقظة وانتباه الرأي العام باءت بالفشل».
ورد العاروري بقوله «إن على الدول الإسلامية عدم السماح بوضع تؤدي فيه تطورات الأوضاع في المنطقة إلى مصلحة إسرائيل». كما أعرب عن تقديره لمبادرة طهران بعقد مؤتمر دولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.