مصر: القضاء يحاكم 66 بتهمة إنشاء فرع لـ«داعش» في الصعيد

خططوا لشن هجمات على قوات الأمن والمسيحيين

TT

مصر: القضاء يحاكم 66 بتهمة إنشاء فرع لـ«داعش» في الصعيد

بدأت محكمة جنايات مصرية، أمس، محاكمة 66 شخصاً بتهمة تأسيس جماعة مسلحة جنوب البلاد، موالية لتنظيم داعش الإرهابي، تحت اسم «ولاية الصعيد». وذكرت تحقيقات النيابة أن المتهمين «خططوا لشن هجمات على قوات الأمن والمسيحيين». وقد سجل «داعش» حضوره في مصر رسمياً عبر جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي بايعت التنظيم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وأعلنت مسؤوليتها عن عشرات العمليات الإرهابية، معظمها في شمال سيناء.
وخلال الشهور الماضية، تبنى الفرع المصري للتنظيم مقتل نحو 100 مسيحي، في هجمات متفرقة استهدفت 3 كنائس بالقاهرة والإسكندرية وطنطا، ومركبات تقل مسيحيين بمحافظة المنيا.
وتتضمن قضية «ولاية الصعيد» 43 متهماً محبوسين احتياطياً، تمت إحالتهم للمحاكمة في مايو (أيار) الماضي، فيما لا يزال بقية المتهمين هاربين، من بينهم سيدتان متهمتان بتمويل التنظيم.
وعقدت محكمة جنايات الجيزة، أمس، أولى جلسات محاكمة المتهمين، لكنها قررت تأجيل نظر القضية إلى جلسة 10 سبتمبر (أيلول) المقبل نظراً لعدم إحضار اثنين من المتهمين من محبسيهما، بالإضافة إلى طلبها ضم أحراز الدعوى، وإعداد قاعة المحكمة لعرض المواد المصورة بالأحراز، وتقديم البحث الاجتماعي المتعلق بالمتهمين الأحداث.
وكان النائب العام، المستشار نبيل صادق، قد أحال المتهمين إلى محكمة الجنايات في ختام تحقيقات باشرتها نيابة أمن الدولة العليا. وأسندت النيابة إلى المتهمين «تأسيس وتولي قيادة والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بأن تولوا قيادة وانضموا لجماعة تدعو إلى تكفير الحاكم، وشرعية الخروج عليه والاعتداء على مؤسسات الدولة، واستباحة دماء المواطنين المسيحيين، واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، واستهداف المنشآت العامة بغرض إسقاط الدولة، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها، مع علمهم بذلك».
كما أسندت النيابة إلى المتهمين «السرقة بالإكراه، وحيازة أسلحة نارية وذخائر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، وتصنيع مفرقعات، والتحضير لارتكاب أعمال إرهابية برصد منشآت عامة وحيوية».
وذكرت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا أن «المتهم مصطفى أحمد عبد العال تلقى تكليفاً من قيادات تنظيم داعش خارج البلاد، بتأسيس جماعة إرهابية تحت اسم (تنظيم ولاية الصعيد)، يعتنق عناصرها أفكاراً إرهابية وتكفيرية تقوم على تكفير الحاكم ورجال القوات المسلحة والشرطة، واستباحة دمائهم، وكذا استهداف أبناء الطائفة المسيحية، واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، ووجوب تنفيذ عمليات عدائية ضدهم وضد المنشآت الحيوية للبلاد، مستهدفين إسقاط الدولة المصرية، والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية، وتعطيل العمل بالدستور، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي».
وقالت التحقيقات إن «المتهم الأول قام بتأسيس 8 خلايا تنظيمية عنقودية، بمحافظات القاهرة والجيزة وكفر الشيخ وبني سويف والمنيا وأسوان، تحت اسم (تنظيم ولاية الصعيد)، وقام المتهمون بإعلان ولائهم لتنظيم داعش، وتقديم البيعة لزعيم التنظيم أبي بكر البغدادي».
ووفقاً للتحقيقات، فإن الاعترافات التفصيلية التي أدلى بها عدد من المتهمين أمام النيابة، أشارت إلى «قيام قيادات التنظيم بتوفير الدعم المادي اللازم لإقامة معسكرات تدريبية لأعضاء التنظيم على استخدام الأسلحة النارية بمختلف أنواعها، وكيفية تصنيع المفرقعات، وشراء الأسلحة والذخائر اللازمة لارتكاب عملياتهم العدائية»، وأن المتهمين قاموا بـ«استهداف إحدى سيارات نقل الأموال على طريق كفر الشيخ/ بلطيم الدولي، وقاموا بالاستيلاء على محتوياتها كرهاً من أفراد تأمينها. كما رصدوا عدة محال لبيع المصاغ الذهبية داخل محافظتي الإسكندرية وكفر الشيخ تمهيداً لاستهدافها والاستيلاء على محتوياتها، غير أن ضبطهم حال دون تنفيذ مخططاتهم الإرهابية».
كما أنه ضُبط بحوزة المتهمين «أسلحة نارية آلية، وخرطوش ومسدسات وذخائر مما تستعمل على هذه الأسلحة، وأوراقاً ومخططات تتضمن طرق تصنيع العبوات المفرقعة، وكيفية التحكم في الموجة الانفجارية وسرعتها وتأثيرها على الإنسان، وكيفية تفخيخ السيارات لاستخدامها في تفجير وإسقاط المباني والمنشآت».
وأياً كان الحكم الذي ستصدره المحكمة بحق المتهمين، فسيكون من حقهم الطعن عليه أمام محكمة النقض، وهي أعلى جهة قضائية في البلاد.
وفي السياق ذاته، قرر المحامي العام لنيابات السويس، المستشار أحمد عز، أمس، حبس اثنين من المتهمين 15 يوماً على ذمة التحقيق بعد القبض عليهما، قبل توجههما إلى سيناء لتنفيذ عمليات ضد القوات المسلحة والشرطة.
وقال مصدر أمني إن جهاز الأمن الوطني ألقى القبض على المتهمين من قرية أبو عارف، بحي الجناين بالسويس، بعد أن رصدتهم أجهزة الأمن، وقيامهم بالتواصل مع التنظيمات الإرهابية في سيناء. وأوضح أن فريقاً من الأمن الوطني عثر بحوزة المتهمين على أوراق ومستندات ورسائل مع التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات ضد القوات المسلحة والشرطة، والدعوة لتنظيم داعش الإرهابي.
ويقوم الجيش، بمعاونة الشرطة، بحملة أمنية واسعة في سيناء منذ سبتمبر 2015، تحت اسم «حق الشهيد»، تنفذها عناصر من الجيشين الثاني والثالث، مدعومة بعناصر من الصاعقة وقوات التدخل السريع ووحدات مكافحة الإرهاب، للقضاء على البؤر الإرهابية بمدن شمال سيناء.
وقال المتحدث العسكري، أمس، إن قوات إنفاذ القانون بالجيش الثالث الميداني تمكنت، بالتعاون مع القوات الجوية، من استهداف أحد الأوكار التابعة للعناصر التكفيرية بوسط سيناء، أسفر عن مقتل فرد تكفيري، وتدمير عربة دفع رباعي، وعدد (2) دراجة نارية، فضلاً عن القبض على عدد (2) فرد آخرين، أحدهما بحوزته مبالغ مالية كانت في طريقها لدعم العناصر التكفيرية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.