سكان شرق الموصل متوجسون من المستقبل رغم عودة مظاهر الحياة

مواطنون يستبعدون عودة مدينتهم إلى ما كانت عليه

TT

سكان شرق الموصل متوجسون من المستقبل رغم عودة مظاهر الحياة

تغص ضاحية قوقجلي شرق الموصل بالحركة والجلبة مع استئناف السوق نشاطه وسط ضجيج أبواق السيارات والبائعين العائدين مرة أخرى، لكن لدى سكان المدينة العراقية القليل من الأمل بعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل الحرب المدمرة على المدى القريب.
ويعبر عسكري سابق، يونس عبد الله، عن هواجس أهالي المدينة التي وقعت في قبضة تنظيم داعش منذ صيف عام 2014 قبل استعادتها هذا الشهر عبر قوله لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الموصل لن تعود كما كانت». ويعرض الرجل البالغ من العمر 60 عاما في كشك أقامه وسط الباعة في السوق قطع غيار للسيارات وهواتف جوالة كما يقوم كذلك مع أحد جيرانه بتصليح أجهزة التلفزيون وغيرها من الأدوات الكهربائية.
وقوقجلي الواقعة في الضواحي الشرقية لمدينة الموصل وتشكل مفترق طرق، كانت من أول المناطق التي تمت استعادتها من تنظيم داعش في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قبل وقت طويل من استعادة الشطر الغربي من المدينة الذي أُعلن عن «تحريره» رسميا في العاشر من يوليو (تموز). لكن فترة الشهور الثمانية التي مضت منذ طرد التنظيم المتطرف من هذه المنطقة لا تدفع يونس إلى التفاؤل.
وقال بينما كانت نظراته الساخرة ظاهرة رغم نظاراته الملتوية إن «الحكومة لا تفعل شيئا، السكان يتولون تنظيف الشوارع، كما لم تتم إعادة أعمار شيء».
من جهته، قال شريكه عمار أكرم الذي فر من المعارك في البلدة القديمة على الضفة الأخرى من نهر دجلة: «لقد تدمر منزلي ولا أموال لدي لأعيد ترميمه، لا أعرف ماذا سأفعل أو إلى من سأتوجه (...) هناك الآلاف الذين يواجهون هذه المسألة». وأضاف غاضبا «إنهم (الحكومة) لا يساعدوننا لأنهم يعتبروننا جميعا من (داعش)».
ويبدو انعدام الثقة تجاه الحكومة سائدا في المنطقة. ففي مكان ابعد قليلا، يردد بائع شاي: «يقولون إننا نؤيد (داعش)، لكنهم يعرفون الجهات التي سمحت لهم بالدخول».
وكشف تحقيق للبرلمان العراقي في أغسطس (آب) 2015، أن كبار الضباط والمسؤولين الحكوميين لعبوا دورا رئيسيا في وقوع كارثة الموصل، وإضعاف قدرات الجيش العراقي.
بدوره، قال عبد الله: «لا أثق بهم، إنهم يقومون بتحويل الأموال لصالحهم»، لكنه أضاف: «إنهم يقومون بعمل جيد بالنسبة للأمن». إلا أن البائع استدرك قائلا: «ستكون هناك مشاكل مع الميليشيات» في إشارة إلى الجماعات المحلية المسلحة التي كانت تتنافس في المدينة قبل وصول المتطرفين.
وتشارك امرأة في الأربعينات تعمل خياطة في الحديث قائلة: «يجب أن يبقى الأميركيون هنا، بإمكانهم السيطرة على كل هذا. وعندما يقولون شيئا، فإن الآخرين يصغون إليهم». وقالت إنها مضطرة إلى «البدء من نقطة الصفر» بعد فرارها من الجانب الغربي للمدينة. وفي سوق النبي يونس الذي يبعد بضعة كيلومترات عن قوقجلي، يبدو الأفق أكثر اتساعا. وقال أحد الزبائن: «هناك المزيد من المنتجات، والأسعار باتت معقولة. بعد أن كانت ثلاث مرات أكثر أثناء حكم المتطرفين».
وفي الممر الرئيسي في السوق، تنتشر أكشاك العطور الرخيصة، وصبغات الشعر ومنتجات للنحافة تظهر أجساد النساء إلى جانب باعة السمك والخضار والجوز وغيرها. ويدعو البائع محمد جاسم من وراء أكوام العنب والتفاح والرمان إلى الصبر قائلا: «أمام الحكومة الكثير لتقوم به. يلزمها بعض الوقت لإعادة تنظيم الأمور ليعود كل شيء إلى طبيعته». واعتبر أن «الأولوية هي لإعادة بناء البنى التحتية من مستشفيات وجسور وطرق».
من جهته، قال عمر الحياني إن «الأمن وإعادة الإعمار سيساعدان في عودة مليون شخص غادروا الموصل إن شاء الله. نأمل أن يعيدوا إليها قليلا من روحها (...) لكن ذلك يتطلب أيضا مساعدة مالية من المجتمع الدولي». ومنذ عدة أشهر، استعاد بائع الملابس الداخلية النسائية هذا نشاطه. وأضاف أن «الحكومة لا تفعل شيئا وتترك الناس يتدبرون أمورهم كما في السابق» إلا أن الشاب البالغ من العمر 32 عاما يشعر «بالحرية والسعادة الآن». وقد أدت تجارته إلى الحكم عليه بالجلد مرتين في ظل حكم المتطرفين «لأن النماذج البلاستيكية لعرض الثياب لم تكن مسموحة» مشيرا إلى أنها مغطاة حاليا بأثواب شفافة. وتابع الحياني: «علينا الاحتفاظ بالأمل»، إلا أنه حذر كذلك من متجره الواقع في قوقجلي، «إذا لم تتغير الأمور، فإن الحرب ستعود وسيغادر الجميع».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.