دمشق تحتفي بتعليق أكبر جريدة إعلانية

ردود فعل سلبية في ظل صحافة رسمية تحتضر

أكبر جريدة إعلانية في دمشق ("الشرق الأوسط")
أكبر جريدة إعلانية في دمشق ("الشرق الأوسط")
TT

دمشق تحتفي بتعليق أكبر جريدة إعلانية

أكبر جريدة إعلانية في دمشق ("الشرق الأوسط")
أكبر جريدة إعلانية في دمشق ("الشرق الأوسط")

بعد ساعات قليلة من رفع جريدة (المكتب) الإعلانية العملاقة وسط العاصمة دمشق، أطفئت الأنوار المسلطة عليها فيما خلت الشوارع المحيطة من المارة، وعند الحواجز القريبة، جلس الجنود وحدهم يرطبون ليلهم الحار بمشروبات باردة. فالحدث الذي مهدت له حملة إعلامية واسعة عن الجريدة العملاقة والتي قيل إنها ستؤهل العاصمة لدخول سجل «غينيس»، لم يخفف ثقل الهم العام في مدينة أنهكها الاستنفار الأمني لأكثر من ست سنوات.
وتم رفع أكبر جريدة مطبوعة على مبنى فندق «سميراميس» في منطقة الحجاز وسط دمشق التجاري، مساء أول من أمس السبت، برعاية «المؤسسة العربية للإعلان»، حيث تم تسليط الأضواء على الجريدة بحضور فعاليات سياسية واجتماعية وفنية، في سابقة إعلانية لم تشهدها سوريا من قبل. وبلغت مساحة الأوراق المطبوعة الـ2100 متر مربع غلفت الجهات الثلاث من مبنى الفندق الذي أغلق لإعادة تأهيله، على أن تتبدل محتويات الجريدة كل ثلاثة أشهر.
وتعود الفكرة الأساسية إلى شركة «نزهة» المستثمرة، بينما قامت شركة «ميديا آرت» للدعاية والإعلان بتنفيذ المشروع. ونشر على صفحات الجريدة المعلقة التي حملت اسم «المكتب» مواد صحافية إعلانية مصورة لفعاليات اقتصادية وخدمية وسياحية، من تلك التي حافظت على نشاطها أو ازدهرت خلال السنوات الست في ظل الحرب.
وخلال السنوات الست الماضية شهد قطاع الإعلانات التجارية الطرقية تراجعا كبيرا، حيث اقتصر على إعلانات ذات طابع حربي، كالدعوة للالتحاق بالقوات المسلحة وحمل السلاح للانخراط في المعارك الجارية، وبعض الإعلانات التجارية لسلع استهلاكية كمشروب المتة. بينما تعرضت معظم حوامل الإعلانات الطرقية للتكسير والتخريب نتيجة الإهمال الطويل.
وعلى الرغم من الضجيج الإعلامي الذي روج للحدث، بدت الجريدة العملاقة بعد ساعات قليلة من افتتاحها كأي مساحة إعلانية أخرى من تلك التي تحتل الشوارع الباهتة، وتتحايل على البؤس ببقع لونية صارخة، «كالماكياج على وجه امرأة ميتة»، بحسب رأي صحافي سوري فضل عدم ذكر اسمه، والذي سخر من طريقة الترويج للفكرة، بقوله: «لا شك في أنها فكرة إعلانية تجارية جيدة ومبتكرة، لكنها لا تصلح لأن تكون محور حدث أو حديث صحافي». مضيفاً: «من المفارقة التفاخر بتعليق أكبر جريدة على الجدران في بلد لم يعرف من الصحافة، سوى الرسمية والحزبية منها والتي هي اليوم أيضاً في طور الاحتضار»، في إشارة إلى الصحف الرسمية الثلاث (تشرين والثورة والبعث) التي بالكاد تشاهد في الأكشاك الموزعة بأحياء دمشق، ناهيك بعدم وصولها إلى المحافظات وكافة مناطق سيطرة النظام خارج العاصمة. وبحسب صحافي آخر، فقد شبه تعليق أكبر جريدة على مبنى «سميراميس» بتعليق صور الموتى على الجدران، واصفا الحفل الذي أقيم لإنارة الجريدة بـ«مجلس عزاء» وإقرار رسمي بوفاة الصحافة السورية.
وتحتل سوريا المركز 177 من أصل 180 دولة، فيما يخص الحريات الصحافية، إذ تعتبر من الدول الأسوأ بهذا الخصوص بحسب تصنيف منظمة (مراسلون بلا حدود)، وتعتبر سوريا من أخطر بلدان العالم على الصحافيين، حيث قتل فيها ما يزيد على 325 صحافيا منذ عام 2011.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.