تونس: «تيار المحبة» يقاطع الانتخابات البلدية و«الجبهة الشعبية» تدرس 3 صيغ للمشاركة

انحصار المنافسة بحزبي «النداء» و«النهضة»

TT

تونس: «تيار المحبة» يقاطع الانتخابات البلدية و«الجبهة الشعبية» تدرس 3 صيغ للمشاركة

أعلن تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري في تونس أنه يدرس ثلاث صيغ لضمان «مشاركة فعالة» في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فيما أكد حزب «تيار المحبة»، خلال اجتماع للجنته المركزية، قراره المقاطعة، مشيراً إلى أنه سيعتمد «الطرق السلمية والديمقراطية» لحث التونسيين على عدم المشاركة في هذه المحطة الانتخابية.
ووافقت غالبية ثلثي أعضاء اللجنة المركزية لـ«تيار المحبة» الذي يرأسه الهاشمي الحامدي، على هذا القرار الذي قد يدفع عدداً آخر من الأحزاب السياسية البالغ عددها 206، إلى مقاطعة اقتراع البلديات في ظل انحصار الصراع السياسي والانتخابي بين «حزب النداء» (ليبرالي) و«حركة النهضة» (حزب إسلامي)، نتيجة تشتت أحزاب المعارضة وعدم قدرتها على تشكيل جبهات وتحالفات سياسية قادرة على كسر هذا الاستقطاب الثنائي المسيطر على البلد منذ انتخابات 2014.
وأكد «تيار المحبة» أيضاً تعيين حسان الحناشي أميناً عاماً جديداً خلفاً لمحمد الصحبي. وقال الحناشي، في تصريح صحافي، إن اتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات، أمس، جاء بسبب عدم التصديق على قانون الجماعات المحلية (قانون الأحزاب الذي ما زال موضوع نقاشات في البرلمان) ونتيجة «الإقصاء الإعلامي» الممارس ضد الحزب، بحسب وصفه. وأضاف أن المسار الانتخابي لا يقوم على إجراء الانتخابات فحسب، وإنما يرتكز أيضاً على تغطية إعلامية «منصفة وعادلة» تعتمد مقاييس واضحة وتوفّر لكل الأحزاب الحظوظ ذاتها أمام الناخبين.
على صعيد متصل، عقد المجلس الوطني لتحالف «الجبهة الشعبية» المعارض اجتماعاً، أمس، خصصه لبحث صيغ مشاركته في الانتخابات البلدية المقبلة. وفي هذا الشأن، قال حمة الهمامي، المتحدث باسم «الجبهة الشعبية»، إن ثلاث صيغ مطروحة لضمان «مشاركة فعالة» في الانتخابات البلدية المقبلة. وتتمثل الصيغة الأولى في قائمات انتخابية خاصة بالجبهة، ومن ثم دخولها منفردة لخوض الاقتراع ومواجهة الأحزاب السياسية الكبرى، وبخاصة «النداء» و«النهضة». أما الصيغة الثانية فتتمثل في تشكيل قائمات مفتوحة ائتلافية تشارك فيها «الجبهة الشعبية» في إطار مدني وسياسي واسع. وتشير الصيغة الثالثة إلى خوض انتخابات البلديات بمشاركة بعض مناضلي الجبهة في قوائم مستقلة.
ونجح تحالف «الجبهة الشعبية» الذي يضم في تركيبته 11 حزباً معظمها من اليسار، في دخول البرلمان التونسي خلال الانتخابية البرلمانية التي جرت عام 2014، وتمكّن من الفوز بـ15 مقعداً برلمانياً، محتلاً بذلك المركز الرابع بعد «النداء» و«النهضة» و«الاتحاد الوطني الحر» الذي يتزعمه سليم الرياحي.
ويأمل تحالف الأحزاب اليسارية الآن في مواصلة نجاحه البرلماني، معوّلاً على انتقاداته المتتالية للحكومة ومواقفه الحادة من عجز الائتلاف الحاكم عن حل عدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية المعقّدة. وتواجه الأحزاب السياسية الصغرى في تونس صعوبة في مواجهة «الآلة» الانتخابية الضخمة لحزبي «النداء» و«النهضة».
في غضون ذلك، أعلن «حزب النداء» عن تجاوز خلافاته الداخلية وتقديم مرشحين في كل الدوائر الانتخابية وبقوائم منفردة، نافياً بذلك أنه سيخوض الاقتراع المقبل بقوائم «ائتلافية» مع «النهضة». وفي الاتجاه ذاته، سعت «النهضة» إلى تقديم مرشحين في كل الدوائر. وصرح عبد الحميد الجلاصي، عضو مجلس شورى «النهضة»، بأن حزبه قرر رسمياً خوض الانتخابات البلدية بقوائم خاصة به، لافتاً إلى أن الأحزاب الأخرى ليس لها رغبة في التحالف والمشاركة بقوائم ائتلافية معه. لكنه أضاف أن فكرة التحالفات واردة بعد الانتخابات لتشكيل المجالس البلدية والعمل المشترك لمصلحة المواطنين.
وأشار إلى أن القرار نابع من ضرورة كسر احتكار الأحزاب السياسية التمثيل في الانتخابات البلدية كونها «انتخابات مواطنية وليست سياسية»، وهي كذلك انتخابات تلتقي فيها الأبعاد الاجتماعية والعلاقات الشخصية وعلاقات القربى، مؤكداً أن «النهضة» واعية بهذه المعطيات وتفرّق بين الانتخابات ذات الطابع السياسي، والانتخابات ذات الطابع الخدماتي - المواطني. وأعلنت «النهضة» انفتاحها على ترشيح نسبة تصل إلى نصف المرشحين من أصحاب الكفاءات المستقلة، في محاولة منها لاستقطاب الكفاءات المحلية وقطع الطريق أمام ترشحها في قوائم مستقلة أو الانضمام إلى قوائم انتخابية لأحزاب معارضة لتوجهاتها السياسية والاجتماعية.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزير خارجية تونس خميس الجهيناوي قوله في تصريحات نُشرت أمس الأحد إن قرار بلاده قطع العلاقات مع سوريا الذي يعود لعام 2012، لم يتم تفعيله، ولهذا فإن العلاقات الدبلوماسية معها لم «تنقطع أبداً» رسمياً، على الرغم من أن الرئيس السابق المنصف المرزوقي كان قد أعلن قطعها في 2012 دعماً للاحتجاجات الشعبية المعارضة للنظام. وأضاف الوزير أن «العلاقات الدبلوماسية مع سوريا اليوم ليست على مستوى السفراء لكنها على مستوى قنصلي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».