الفلسطينيون يحتفلون في الأقصى... والإسرائيليون يتهمون نتنياهو بسوء إدارة الأزمة

تجدد المواجهات بين الجانبين بعد اقتحام مكاتب إعلامية في البيرة

أطفال فلسطينيون في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية مساء أول من أمس (أ.ب)
أطفال فلسطينيون في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

الفلسطينيون يحتفلون في الأقصى... والإسرائيليون يتهمون نتنياهو بسوء إدارة الأزمة

أطفال فلسطينيون في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية مساء أول من أمس (أ.ب)
أطفال فلسطينيون في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية مساء أول من أمس (أ.ب)

لم تمنع الإجراءات الإسرائيلية الأمنية المتبعة في محيط المسجد الأقصى الفلسطينيين من مواصلة الاحتفال بإعادة فتح المسجد بالكامل، وهي الخطوة التي تركت لدى الفلسطينيين شعورا بالنصر، وإحساسا بالإحباط لدى الإسرائيليين، كما خلفت عاصفة في إسرائيل ضد طريقة إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للأزمة التي كادت تعصف بالمنطقة.
وصلى آلاف من المسلمين في المسجد الأقصى، أمس، مهللين ومكبرين، بعد إلغاء إسرائيل جميع الإجراءات، وفتح كل الأبواب التي كانت مغلقة. لكن الشرطة الإسرائيلية، وفي إجراءات بدت انتقامية، أصرت على تفتيش الداخلين للمسجد، ودققت في بطاقتهم الشخصية، كما منعت مجموعة من المصلين من أم الفحم الدخول إلى المسجد الأقصى بسبب صلتهم بمنفذي هجوم الأقصى قبل نحو أسبوعين. وفي مشهد متكرر سمحت الشرطة الإسرائيلية لعشرات المستوطنين المتطرفين الدخول للمسجد، وهو ما زاد من حدة التوتر.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله: إن القيادة الفلسطينية ستواصل التحرك من أجل منع أي محاولات لتغيير الوضع القائم في القدس، وإلزام إسرائيل بالتوقف عن الاعتداء على المصلين، واستفزاز مشاعر المسلمين وتصوير الصراع على أنه نزاع ديني. وعدّ الحمد الله الانتصار الفلسطيني في المسجد الأقصى تأكيدا على أن القدس «ستبقى عاصمتنا الأبدية وعنوان هويتنا الجامعة. ولن نسمح بأي تغيير فيها، ولن نقبل بأي إجراء ينتقص أو يغير سيادتنا على المسجد الأقصى المبارك». ووجّه الحمد الله التحية لأهل القدس «أسياد وأصحاب الأرض، الذين هبوا دفاعا عن مدينتهم ومقدساتها وهويتها، وأجبروا الاحتلال الإسرائيلي على التراجع عن قراراته وإزالة تعدياته على المسجد الأقصى المبارك».
وفي حين تواصلت الأفراح الفلسطينية بالتراجع الإسرائيلي في الأقصى، تواصل الهجوم في إسرائيل على طريقة وأسلوب إدارة نتنياهو لأزمة الأقصى؛ إذ قالت جهات تعمل إلى جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية: إن «نتنياهو اليوم يختلف عن نتنياهو الأمس»، وذلك بعد أن أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن غالبية ساحقة من الجمهور أصبحت غاضبة من إدارة الأزمة، وأنها تعتقد أن «الخنوع» للفلسطينيين في هذه القضية «خطأ فادح»؛ ولذلك يعمل طاقم خاص في مكتب نتنياهو لمتابعة الرأي العام، ورد الفعل على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما أظهر في الأسبوع الأخير تزايد الغضب الإسرائيلي بشكل كبير. كما رصد الطاقم آراء كثيرة، ملخصها «أن الانسحاب في ظل العنف الفلسطيني، كان عارا». وما زاد من ضعف موقف نتنياهو هو موقف وزراء في إسرائيل أقروا بخطئه الواضح في معالجة الأزمة.
وفي هذا السياق، قال يوآف غالانت، وزير الإسكان وعضو الحكومة المصغرة: «إن نصب البوابات الإلكترونية في محيط الأقصى كان قرارا خاطئا... وقد صوّت أنا ضد إقامتها لأسباب عدة، أهمها المشاكل التي من الممكن أن تنجم، وأعمال الشغب، وما ستخلقه من ازدحامات شديدة، حيث لا يمكن أن يمر من خلالها عشرات الآلاف في أوقات الصلوات».
وتضاعف الهجوم على نتنياهو بشكل أكبر لأنه قام بتجاهل آراء وتحذيرات قادة جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك»، والجيش الإسرائيلي، بل وحتى زملائه في مجلس الوزراء، بجدوى استخدام بوابات إلكترونية عند قدوم عشرات الآلاف للصلاة، وهو ما اتضح على أرض الواقع لاحقا، حيث فجرت هذه البوابات مواجهات عنيفة مع الفلسطينيين، وغضبا فلسطينيا رسميا، تجلى في تجميد الاتصالات مع إسرائيل، كما فجر كذلك أزمة دبلوماسية مع المملكة الأردنية.
ويتضح من تصرفات نتنياهو الأخيرة، حسب مراقبين، أنه اختار الرد على الهجوم ضده بتحسين صورته عبر تصريحات يمينية متطرفة، كان أبرزها تلك المتعلقة بدعم عقوبة الإعدام بالنسبة للفلسطينيين منفذي العمليات، وتبديل المناطق المؤهلة بالكثير من العرب في إسرائيل بمستوطنات في الضفة الغربية.
وقالت تقارير إسرائيلية إنه «بالنسبة للتسريب الأخير حول تصريحات نتنياهو ضد العرب مواطني إسرائيل، فإن هذا يدل على أنه يولي أصبح اهتماما لشعور الجمهور الإسرائيلي».
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نتنياهو سيتجه في الفترة الأخيرة إلى اليمين في خطواته بهدف كسب دعم الجمهور مُجددا، لكن يبدو أن الأزمة أحدثت شرخا في صورة «سيد الأمن» التي يسوقها، وأن هناك شكوكا حول ما إذا كان قادرا على تحسينها. كما يتضح أن نتنياهو يريد أن يحسن صورته عبر تغول أكبر في الضفة الغربية.
وفي رام الله، داهمت القوات الإسرائيلية أمس مقر شركة «بال ميديا» للخدمات الإعلامية، وخربت المقر وصادرت محتويات، وقال ناطق إسرائيلي في تبريره لهذه الخطوة: إن العملية تمت بسبب التحريض الذي تمارسه الشركة.
من جهته، أدان صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأشد العبارات اقتحام القوات الإسرائيلية مقر شركة «بال ميديا» في قلب مدينة رام الله، والعبث بمقتنياتها وخلع أبوابها، واصفا ذلك بالسلوك الانتقامي الذي يستهدف إسكات الصوت الفلسطيني، الذي أثبت كفاءته في فضح انتهاكات واعتداءات الاحتلال المخالفة لقواعد القانون الدولي، ونقل الحقيقة وإيصال الرسالة الفلسطينية إلى العالم.
وقال عريقات: إن «اعتداء الاحتلال على المؤسسات الإعلامية يعد استكمالا لسلسة السياسات والعقوبات الجماعية المدروسة على وجود أبناء شعبنا.. وقد كان تأثير الإعلام واضحا على الاحتلال؛ ولذلك بادر بمعاقبته والتضييق عليه والانتقام منه، والمطلوب اليوم من دول العالم، التي تعلم وتراقب سلوك الاحتلال، ومن المؤسسات الحقوقية والإعلامية الدولية واتحادات الصحافيين الدولية والعربية الخروج عن صمتها، وتجاوز البيانات الاستنكارية اللفظية، واتخاذ الإجراءات الفورية للرد على الهجمة الإسرائيلية المتصاعدة ضد أبناء شعبنا ومكوناته كافة، ومحاسبته على التعدي على حريات الشعب الفلسطيني ومؤسساته وانتهاكاته للأعراف الدولية والإنسانية، التي كفلت حرية الرأي والتعبير وضمان عدم إفلاته من العقاب، وتوفير الحماية الدولية للصحافيين الفلسطينيين وأبناء شعبنا كافة».
كما أدانت نقابة الصحافيين اقتحام مقر الشركة، وتحطيم بعض محتوياته، وسرقة معدات وحواسيب ومواد أرشيفية لقناة «القدس» الفضائية. واعتبرت النقابة في بيان: أن «هذا الاقتحام جريمة احتلالية جديدة، وقرصنة تأتي في سياق تصاعد اعتداءات الاحتلال على الصحافيين ووسائل الإعلام، والتي تكثفت منذ بدء أحداث القدس في 14 من الشهر الحالي، وطالت نحو 30 صحافية وصحافيا، وهي محاولة مفضوحة لإسكات الصوت الفلسطيني وتغييب الرواية الفلسطينية، وإطفاء وهج الانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني وأهالي القدس وصحافييها».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.