قتلى بغارة للتحالف في الرقة... و«داعش» يلجأ إلى الانتحاريين

الإدارات الكردية تجري انتخابات مرحلية تنتهي بمجلس تنفيذي

سحب دخان تتصاعد من الرقة بعد غارة للتحالف أمس (أ.ف.ب)
سحب دخان تتصاعد من الرقة بعد غارة للتحالف أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى بغارة للتحالف في الرقة... و«داعش» يلجأ إلى الانتحاريين

سحب دخان تتصاعد من الرقة بعد غارة للتحالف أمس (أ.ف.ب)
سحب دخان تتصاعد من الرقة بعد غارة للتحالف أمس (أ.ف.ب)

تواجه «قوات سوريا الديمقراطية» صعوبة في التقدم باتجاه مركز مدينة الرقة، معقل «داعش» في الشمال السوري جراء تصعيد التنظيم المتطرف عملياته وبخاصة تلك التي يستخدم فيها السيارات المفخخة والانتحاريين، فيما يتواصل سقوط ضحايا مدنيين جراء الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي على المدينة بإطار دعمه لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ما أدّى مؤخرا لمقتل 15 شخصا من عائلة واحدة.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر محلية أن «طائرات التحالف ارتكبت مجزرة مروعة في حي الشماس وسط مدينة الرقة مساء الجمعة راح ضحيتها 15 شخصا وهم عائلات ثلاثة أشقاء من عائلة الزنا أغلبهم نساء وأطفال». وأكدت المصادر أن المبنى الذي تسكن به عائلة الأشقاء «دمر بشكل كامل ولا يزال عدد من الجثث تحت الأنقاض». من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 29 مدنيا على الأقل، بينهم ثمانية أطفال من عائلة واحدة، في سلسلة غارات جوية شنتها طائرات التحالف الأربعاء على الرقة.
بالمقابل، أكّد «داعش» أن «15 عنصرا من (قوات سوريا الديمقراطية) قتلوا خلال معارك الجمعة بهجمات انغماسية لمجموعة من عناصره، استخدم فيها عربة مفخخة، بالقرب من مدرسة ذات الصواري ودوار القادسية، وبالقرب من مفرق حصيوة غرب مدينة الرقة».
ورغم إعلان «المرصد» سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على نصف مساحة الرقة بعد أقل من شهرين من دخول مقاتليها المدينة الواقعة في شمال سوريا، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن القائد الميداني في «قوات سوريا الديمقراطية» دفرم ديرسم قوله «كلما اقتربنا أكثر من مركز المدينة دافع مقاتلو التنظيم عن أنفسهم لأنهم يعانون حصارا مطبقا». وتابع متحدثا باللغة الكردية في حي الدرعية الواقع غرب المدينة والذي يشهد معارك عنيفة بين الطرفين «إن حالهم كحال حيوان مريض محاصر، فهنا معقلهم الرئيسي، ولن يتخلوا عنه بسهولة». وقال ديرسم «إنهم يرمون القنابل اليدوية في حالات المعارك القريبة، إنها معركة البقاء أو الموت بالنسبة إليهم»، مشيرا إلى أنه في إحدى المعارك «واصل الجهاديون رمي القنابل اليدوية لمدة ساعتين».
وفي حي مساكن الضباط المجاور، أوضح المقاتل الكردي طلال الشريف (24 عاما) أسباب المقاومة الشرسة التي يظهرها جهاديو التنظيم، مشيرا إلى المباني المدمرة أمامه. وقال الشاب الذي بدا التعب على وجهه «كل هذا الدمار ناجم عن سياراتهم المفخخة». وأضاف: «لقد تم تفجير أربع سيارات مفخخة على الأقل في كل شارع من هذه الشوارع». واعتبر الشريف أن «الخناق يضيق عليهم رويدا رويدا وهم يقاومون لهذا السبب»، لافتا إلى أن «أغلبهم يقوم بتفجير نفسه، هناك الكثير من الألغام والسيارات المفخخة، إنها معركة عنيفة».
ولا يتوقع مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية ناصر حاج منصور أن تنتهي معركة الرقة قريبا، متحدثا عن «احتمال أن تطول وأن تشهد الأيام المقبلة معارك أكثر شراسة لأن عناصر داعش سيحاربون حتى النهاية أو سيختبئون بين المدنيين».
وبالتزامن مع تكثيف عملياتهم في الرقة، عزّز التنظيم تحصيناته في مدينة السخنة، آخر معاقله في ريف حمص وسط سوريا. وقالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لـ«حزب الله» إن قوات النظام السوري وحلفائه وصلوا السبت إلى مشارف السخنة آخر بلدة يسيطر عليها مقاتلو تنظيم داعش بمحافظة حمص في خطوة رئيسية في هجومهم المتعدد الجبهات ضد الجماعة المتشددة.
وتقع السخنة على الطريق السريع الرئيسي في الصحراء بين تدمر وجيب للقوات النظامية تحاصره «داعش» في دير الزور على مسافة نحو 130 كيلومترا إلى الشرق.
وفي وقت سابق ذكر الإعلام الحربي أن حقل السخنة للغاز والمرتفعات المطلة على البلدة يقعان في مرمى نيران الجيش وحلفائه، فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه بات لقوات النظام سيطرة نيرانية مماثلة على مختلف أنحاء البلدة وإن معظم مقاتلي «داعش» هناك لاذوا بالفرار.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن قائد عسكري في قوات النظام إنّهم يعملون على «قطع طريق الإمداد من الجهة الغربية والشمالية الغربية باتجاه بلدة عقيربات في ريف حماة وسط صعوبة بالغة في ذلك». ونفى القائد العسكري سيطرة قوات النظام على مدينة السخنة موضحا «لا تقدم اليوم (السبت) نحو السخنة. كانت العمليات خفيفة حتى تتمكن القوات الرديفة من قطع طرق الإمداد باتجاه المدينة. وما يشاع حول سيطرتنا على مدينة السخنة غير صحيح» مشيرا إلى أن تنظيم داعش أقام «تحصينات داخلها وفخخها».
وأضاف: «في حال قطع طريق الإمداد من الممكن أن نرى انسحابات».
وأرسل النظام مطلع الأسبوع الماضي تعزيزات جديدة لدعم قواته المقاتلة ضد تنظيم داعش المتطرف على محور السخنة حيث وصل «نحو 200 من مقاتلي الدفاع الوطني من مطار القامشلي بالتوازي مع وصول عناصر من الحرس الجمهوري مع آلياتهم ودباباتهم من جبهة الزلف بريف السويداء الشمالي الشرقي».
وجاء إرسال التعزيزات بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها النظام على محور السخنة حيث سقط له 48 قتيلا بينهم 8 ضباط، اثنان منهم برتبة عميد خلال الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، قال مسؤول كردي السبت، إن الإدارات الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال سوريا ستجري انتخابات للمجالس المحلية ومجلس لإدارة الإقليم، بحيث تجرى في أواخر الصيف لاختيار هيئات تدير المجالس المحلية ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) لاختيار الهيئات التي تدير مناطق أوسع ثم في يناير (كانون الثاني) لانتخاب أعضاء المجلس الذي يدير الإقليم بكامله.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.