«فسيفساء» الصواريخ الحوثية... إيران تكمن في التفاصيل

دفاعات التحالف حافظت على سجلها نظيفا

جانب من ميناء الحديدة الذي تحوم حوله اتهامات بتهريب الاسلحة للحوثيين (رويترز)
جانب من ميناء الحديدة الذي تحوم حوله اتهامات بتهريب الاسلحة للحوثيين (رويترز)
TT

«فسيفساء» الصواريخ الحوثية... إيران تكمن في التفاصيل

جانب من ميناء الحديدة الذي تحوم حوله اتهامات بتهريب الاسلحة للحوثيين (رويترز)
جانب من ميناء الحديدة الذي تحوم حوله اتهامات بتهريب الاسلحة للحوثيين (رويترز)

يصف مراقبون للشأن اليمني، مسألة التسليح والصواريخ الحوثية، بالفسيفساء المعقدة، التي تتكئ إيران على مفاصلها، وتفاصيلها، بدءاً من تهريبها، وحتى تقنيات ما بعد تعديلها. وتحمل تداعيات إصرار الحوثيين وصالح على النهج الذي استخدموه في استهداف مكة المكرمة مرتين على الأقل، رسالة مفادها أن السلام ليس خياراً، رغم أن تحليلات أخرى تذهب إلى أنها ردة فعل على الخسائر الميدانية.
وفي الوقت نفسه، حافظت أنظمة الدفاع الجوي للتحالف على سجلها نظيفاً بتدمير عشرات الصواريخ التي أطلقها انقلابيو اليمن.
المحللان السياسيان؛ اليمني نجيب غلاب، والبحريني عبد الله الجنيد، شرحا في اتصالين أجرتهما «الشرق الأوسط»، جانباً من تلك الفسيفساء، مستعرضين الدعم اللوجيستي والفني، إلى جانب عمليات التوصيل والإطلاق، والتداعيات، فضلاً عن قدرة الدفاعات الجوية السعودية على صد جل الصواريخ التي أطلقت.
ويرى الجنيد أن استهداف الحرم المكي يستوجب القراءة السياسية لا العسكرية، ويعلل ذلك بكون الأداة الموظَّفَة في ذلك أثبتت فشلها التام في الوصول لأي هدف في العمق السعودي منذ انطلاق «عاصفة الحزم».
وسبق لإيران عبر وكلائها أن جربت صواريخ من فئة «سكود» و«ذو الفقار»، إلا أن منظومة الدفاع الجوي السعودية من فئة «باتريوت» كانت أداة التحريم المثلى للعمق السعودي المدني والعسكري، ويقول الجنيد إن «محاولة الحوثي الأخيرة كانت أقرب للابتزاز السياسي منها إلى الاستهداف العسكري، فهي تدرك أن هذه الصواريخ تعمل بنظام التقاصر المماثل للصواريخ الألمانية المستخدمة في الحرب العالمية الثانية من فئة (في 2)، التي صنعت لاستهداف التجمعات المدنية. فصواريخ (سكود) لا تملك خاصية التوجيه الذاتي عبر نظام (جي بي إس) أو التوجيه الإلكتروني عبر الأقمار الصناعية في الوصول لمنطقة الهدف».
ويؤكد الخبير السياسي البحريني أن الدفاع الجوي السعودي «يمتلك أعلى نسبة اعتراض باستخدام منظومة (باتريوت) منذ دخوله حيز الخدمة العملياتية، وتمثل هذه الخبرة ثروة حقيقية في العلوم العسكرية الحديثة، خصوصاً أن المملكة قد تعاقدت مع الولايات المتحدة على تطوير قدرات تلك المنظومة بإضافة منظومة الدفاع الجوي من فئة (ثاد)»، مكملاً: «كفاءة سلاح الدفاع الجوي السعودي قادرة على احتواء أي مصدر تهديد من قبل إيران أو وكلائها من أمثال الحوثي، ومحاولته الأخيرة باستهداف مكة لإدراكه أن كل خياراته السياسية قد باتت محصورة، إما بالاستسلام أو الهزيمة.
وبالانتقال إلى التسليح وتداعياته، يقول غلاب: «اعتمد التسليح الحوثي على الاستيلاء على كل مخازن الجيش اليمني الذي كان مصنفاً في 2013 الجيش الـ43 عالمياً، والخامس عربياً حسب موقع (غلوبال فاير باور) المتخصص في مجال التسليح. ومثلت ألوية الصواريخ أهم مرتكزات قوته الاستراتيجية وكانت هذه الألوية محل نزاع بعد رحيل صالح من الحكم، ويبدو أن الحوثية سيطرت عليها حديثاً رغم تداول معلومات بأن صالح ما زال لديه نفوذ على هذه الألوية، وكان نصيب وزير الدفاع في حكومة الانقلاب من نصيب الحركة الحوثية ووضعت في هذا المنصب قائد ألوية الصواريخ محمد العاطفي الذي أصبح ولاؤه للحوثية».
يضيف غلاب بأن الألوية «تمتلك خبرات وصواريخ متنوعة وقد ركزت عليها الحوثية منذ دخولها صنعاء باعتبار أن استخدام الصواريخ يمثل أهم نقاط القوة التي يستخدمها وكلاء إيران في المنطقة، بيد أن الصيانة كانت ضعيفة لهذه الصواريخ بالذات بعيدة المدى، وتمكُّن الحوثيين من خلال الخبرة الإيرانية وخبرة إيران والتعامل مع بعض الخبراء الأجانب وسوق السلاح من إعادة تفعيل هذه الألوية وأسلحتها».
كما أن التركيز على الصواريخ يمثل مرتكزاً أساسياً في معركة الانقلاب (والحديث لغلاب). تتبع إيران في اليمن الاستراتيجية التي استخدمتها في لبنان؛ بتقوية حزب الله من خلال الصواريخ وتقوم شبكات إيران وخصوصاً الوحدات الخاصة التابعة للحرس الثوري والمختصة بتهريب الأسلحة وتمويل الوكلاء والإرهابيين بتقديم الدعم اللوجيستي وتهريب الصواريخ وأسلحة أخرى ولدى الأميركيين وفرنسا معلومات حول نوعية الأسلحة المهربة، وتم استخدام بعض الصواريخ في استهداف بوارج وسفن في المياه الدولية.
«تهرب الوحدة 400 التابعة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري وتعاونها الوحدة 190 الأسلحة للحوثيين، وركزت اهتماماً مكثفاً على تهريب الصواريخ وشراء قطاع الغيار، ويدعم حزب الله عبر شبكاته المختصة بتهريب السلاح والتعاون مع مافيا دولية الحوثيين أيضاً بالصواريخ والخبراء وبعضهم من جنسيات غير عربية»، ويكمل الخبير السياسي اليمني: «تواجه ألوية الصواريخ مشكلة ضعف تقنية سلاح الصواريخ الذي كان يمتلكها الجيش اليمني، وأيضاً قدَّمَها، ولذا يبذلون جهداً كبيراً لتحديثها وتقوم إيران بالمهمة ناهيك بإضافة صواريخ حديثة إلى قوامها كالصواريخ الحرارية والتقارير الدولية تحدثت بوضوح عن استمرار إيران في مدّ الحوثيين بالصواريخ، وتصريحات الحكومة الأميركية في هذا الجانب تؤكد على ذلك».
ويكمل غلاب بالقول: «من الواضح أن إطلاق الصواريخ باتجاه المملكة أصبح غير فعال ونتائجه سلبية على أطراف الانقلاب وتأثيرها لم يعد يخدم الانقلابيين، وإنما محاولة لاستغلالها إعلامياً، إلا أن إطلاقها خطر يجعل السعودية أكثر حرصاً وقناعة بأن هذا التهديد لا بد أن ينتهي، لذا، أعتقد بأن الحوثيين يمارسون حرباً مضادة ضد أنفسهم من خلال استفزاز المملكة التي تملك ترسانة أسلحة صاروخية لم تُستخدَم وما زالت الحرب تأخذ مجرى توظيفها من أجل السلام والحفاظ على اليمن والضغط لإقناع الانقلابيين بالقبول بالمرجعيات»، مشيراً إلى أن إطلاق الصواريخ رسالة واضحة من الحوثيين بأنه لا سلام ولا تفاوض، وأن الحرب خيارهم الوحيد، ويتهم بعض أطراف الانقلاب الحوثية أنها تنفذ أجندات إيرانية، وأن إطلاق الصواريخ أوامر إيرانية ولا علاقة له بالدفاع عن اليمن ولا مصالحه الوطنية، كما أن تأثيرها في الحرب أصبح ضارّاً على الانقلابيين.



سقوط الأسد يمنح نتنياهو 3 مقاعد إضافية بالكنيست

نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

سقوط الأسد يمنح نتنياهو 3 مقاعد إضافية بالكنيست

نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)

أشارت نتائج استطلاع الرأي الأسبوعي لصحيفة «معاريف» إلى أن شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي تتراجع باستمرار، ازدادت بأكثر من 15 في المائة في الأسبوع الأخير. ويعزو المحللون ذلك إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي يعدّه الإسرائيليون أيضاً إنجازاً لهم ويعدّه نتنياهو إنجازاً شخصياً له.

فمع أن غالبية 50 في المائة من جمهور المستطلعين رأوا في سقوط الأسد تطوراً في غير صالح إسرائيل (42 في المائة رأوا أنه في صالحهم)، فقد ارتفع حزب «الليكود» بقيادته بثلاثة مقاعد، من 22 في الأسبوع الماضي إلى 25 في هذا الأسبوع.

نتنياهو خلال مثوله أمام المحكمة في تل أبيب في 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

لكن هذه الزيادة لا تكفي نتنياهو حتى يشكل حكومة، خصوصاً أن المقاعد الإضافية التي حصل عليها جاءت على حساب حلفائه في اليمين المتطرف، خصوصاً حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي حصل على 4 مقاعد في الأسبوع الماضي، ولكنه لم يتجاوز نسبة الحسم هذا الأسبوع.

وعندما سُئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن «الليكود» وبقية أحزاب الائتلاف الحاكم تحصل مجتمعة على عدد المقاعد نفسه الذي حصلت عليه في الأسبوع الماضي، أي 50 مقعداً، علما بأنها تمتلك اليوم 64 مقعداً، وبهذا يكون بحاجة إلى 11 مقعداً إضافياً على الأقل حتى يستطيع تشكيل حكومة. بينما تحصل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وفي حال خاض حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، الانتخابات فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً (أقل بثلاثة مقاعد عن الأسبوع الماضي)، فيما يحصل نتنياهو على 24 مقعداً. ويحصل ائتلافه الحاكم على 45 مقعداً (أكثر بثلاثة مقاعد عن الأسبوع الماضي). وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 65 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

الشرطة الإسرائيلية تستخدم مدافع المياه ضد متظاهرين معارضين لنتنياهو في تل أبيب 7 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه معهد لزار للبحوث برئاسة د. مناحم لزار وبمشاركة Panel4All.، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، ليوضح مزاج الجمهور إزاء قيادته السياسية. وسئل المواطنون فيه: «لو أجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنت ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً؛ (أي إنه يخسر نحو ثلث قوته الحالية المؤلفة من 32 مقعداً)، حزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد يخسر هذا الأسبوع مقعداً ويحصل على 14 مقعداً (يوجد له اليوم 24)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان يرتفع هذا الأسبوع مقعداً واحداً 13 (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أريه درعي 9 (يوجد له اليوم 10)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير يرتفع هذا الأسبوع مقعداً واحداً ويحصل على 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 7 (يوجد له اليوم 7)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5؛ أي إنهما تحافظان على قوتهما، وحزب «الصهيونية الدينية» بقيادة سموتريتش يسقط (يوجد له اليوم 8 مقاعد).

نتنياهو يستعين بخريطة خلال مؤتمر صحافي بالقدس في 4 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 (27 في الأسبوع الماضي)، و«الليكود» 23 (21)، و«المعسكر الرسمي» 13 (13)، و«يوجد مستقبل» 11 (11)، و«الديمقراطيون» 10 (11) و«شاس» 8 (8)، و«يهدوت هتوراة» 7 (8)، و«إسرائيل بيتنا» 7 (7)، و«عظمة يهودية» 7 (7)، و«الجبهة العربية» 5 (5)، و«الموحدة» 5 (5). وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 42 مقعداً (44 مقعداً في الأسبوع الماضي)، مقابل 78 مقعداً (76 مقعداً في الأسبوع الماضي)، للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية. ويسقط حزب سموتريتش.

يذكر أن محاكمة نتنياهو في قضية الفساد، التي استؤنفت يوم الثلاثاء بسماع إفادته بوصفه متهماً، شغلت أقلية من الجمهور. ففي هذا الاستطلاع سئل الجمهور عما إذا كانت مجريات المحكمة غيرت موقفهم من القضية، فقال 69 في المائة إنها لم تؤثر عليهم، فيما قال 16 المائة إنها غيرت رأيهم للأفضل عن نتنياهو، وقال 15 في المائة إنها غيرت رأيهم للأسوأ.