انقلابيو صنعاء يعترفون رسمياً باستهداف منطقة مكة

«التعاون الإسلامي» تندد... وتوقعات بتصعيد ضد داعمي الحوثيين

يمني موالٍ للحوثيين وصالح حلّق الرصاص على رأسه خلال استعراض للأسلحة في صنعاء (رويترز)
يمني موالٍ للحوثيين وصالح حلّق الرصاص على رأسه خلال استعراض للأسلحة في صنعاء (رويترز)
TT

انقلابيو صنعاء يعترفون رسمياً باستهداف منطقة مكة

يمني موالٍ للحوثيين وصالح حلّق الرصاص على رأسه خلال استعراض للأسلحة في صنعاء (رويترز)
يمني موالٍ للحوثيين وصالح حلّق الرصاص على رأسه خلال استعراض للأسلحة في صنعاء (رويترز)

أظهر خبر نشرته وكالة الأنباء التابعة لانقلابيي اليمن، اعترافا باستهداف منطقة مكة المكرمة، وأن الصاروخ الباليستي الذي أطلقته الميليشيات يستهدف قاعدة عسكرية تقع في نطاق المنطقة. ولا يحتاج المتابع إلا لبرنامج «غوغل خرائط» أو ما يشابهه لمعرفة المسافة القريبة بين قاعدة الملك فهد الجوية الواردة في خبر الانقلاب، والحرم المكي.
ولم يكن الاعتراف في الاستهداف الثاني جديدا بالنسبة للميليشيات، فقد أقروا سابقا باستهدافهم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، الواقعة في منطقة مكة المكرمة أيضا، التي لا تبعد بدورها عن الحرم المكي، كما أن المطار المستهدف، محطة وصول أولى لغالبية زوار الحرمين الشريفين. وما يدعو إلى القلق ليس تهديد الصاروخ وحسب، بل لأن «الباليستي» بحسب خبراء، يطاله تلاعب لإطالة أمده، وهو ما يضعف من دقته، وهو ما يجعله يحيد وقد يتسبب بضرر لا يقتصر على مدنيين وحسب، بل يصيب أناسا دفعوا الغالي والنفيس لينعموا بأداء نسك العمرة، أو الحج.
ويترقب المجتمع الإسلامي، والدولي، عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي خلال الأيام المقبلة لمناقشة استهداف ميليشيات الحوثيين وصالح، منطقة مكة المكرمة للمرة الثانية بصاروخ باليستي، نجحت قوات الدفاع الجوي للتحالف في اعتراضه أول من أمس، وذلك في عملية عدها مراقبون «محاولة لإفساد موسم الحج».
وتوقع محللون سياسيون أن تدعو منظمة التعاون الإسلامي، الدول الأعضاء البالغ عددها 56 دولة إسلامية لعقد جلسة تتضمن تحركا فعليا لوقف هذه الانتهاكات، خاصة أن اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي في مكة المكرمة، دعا جميع الأعضاء إلى وقفة جماعية ضد اعتداء مكة الأول، ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح، باعتباره شريكا ثابتا في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي وطرفا واضحا في زرع الفتنة الطائفية وداعما أساسيا للإرهاب.
وفي هذا الصدد، أدانت منظمة التعاون الإسلامي عملية إطلاق ميليشيات الحوثي وصالح صاروخا باليستيا طويل المدى، استهدف منطقة مكة المكرمة أول من أمس (الخميس). وأكد الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام للمنظمة، أن محاولة الاعتداء الآثم مرة أخرى على مكة المكرمة بعد المحاولة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك إصرار ميليشيات الحوثي وصالح على استهداف الأماكن المقدسة في المملكة، تنفيذا لمخططات تآمرية ضد المملكة والمواطنين والمقيمين على أراضيها ومحاولة يائسة لزعزعة موسم الحج.
وبحسب بيان منظمة التعاون الإسلامي، اعتبر العثيمين، أن هذا الاعتداء هو اعتداء على جميع المسلمين في أنحاء المعمورة لما يمثله البلد الحرام - مهبط الوحي وقبلة المسلمين - من قدسية، مشيراً إلى أن هذا الاعتداء يعكس بوضوح عدم جدية ميليشيات الحوثي وصالح في إنهاء النزاع في اليمن بالطرق السلمية.
وجدد الأمين العام دعم المنظمة للحكومة الشرعية وجهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد الحلول السياسية التي تضمن أمن اليمن واستقراره مع المحافظة على وحدته وسلامة أراضيه، ولجهود المملكة العربية السعودية المتواصلة في إحلال السلام في اليمن ودعم مؤسساته الشرعية، وأكد تضامن المنظمة التام معها في كل ما تتخذه من خطوات وإجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها.
وكانت منظمة التعاون الإسلامي، قد حصلت على تفويض من 50 دولة حضرت اجتماع مكة إبان اعتداء الميليشيات الأول على مكة، من أصل 56 دولة، لاتخاذ التدابير كافة لفضح الأعمال الإرهابية التي تنفذها ميليشيا الحوثي - صالح ضد الأماكن المقدسة، والتواصل مع المنظمات الدولية لوقف هذه التجاوزات ومعاقبة مرتكبيها لأنها تندرج ضمن الأعمال الإرهابية التي تستهدف المقدسات الدينية.
وبعد أقل من أسبوع من اجتماع مكة المكرمة، رفعت منظمة التعاون الإسلامي، خطابًا للأمم المتحدة، يحتوي على عدد من المعلومات الرئيسية التي توضح جريمة استهداف ميليشيا الحوثي - صالح لمكة المكرمة بصاروخ باليستي نهاية أكتوبر 2016، الذي تمكنت القوات السعودية من إسقاطه قبل وصوله إلى هدفه.
وتسعى الميليشيات من إطلاقها الصاروخ أول من أمس، واستهداف مكة المكرمة في هذا التوقيت، بحسب بيان قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، إلى إفساد الحج، خاصة أن الصاروخ وقع على بعد 69 كيلومترا عن مكة المكرمة، في الواصلية، التابعة لمحافظة الطائف غرب السعودية، وتعد من أحد المنافذ الرئيسية للحجاج والمعتمرين لتأدية مناسكهم عبر طريقي عقبة الهدى الذي يبلغ طوله 68 كيلومترا، وطريق السيل الكبير الذي يمر بميقات قرن المنازل بطول 90 كيلومترا.
وأكد بيان قيادة التحالف أن استمرار تهريب الصواريخ إلى الأراضي اليمنية يأتي بسبب غياب الرقابة على ميناء الحديدة، وسوء استخدام التصاريح التي يمنحها التحالف للشحنات الإغاثية والبضائع، في وقت يعجز فيه المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار بمنع تلك الانتهاكات التي تطيل أمد الحرب وتعرّض حياة المدنيين للخطر.
وقال نايف الرقاع، الخبير في الشؤون السياسية، إنه يتوقع خلال الأيام المقبلة أن يعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لبحث تداعيات استهداف مكة للمرة الثانية، خاصة إذا دعت إليه السعودية، بحكم أنها دولة المقر وعضو فعال ولها ثقلها على المستوى الدولي.
وأضاف الرقاع، أن ما يطرح الآن: ما هو العمل الذي ستقوم به المنظمة؟ وإن عقدت اجتماعا بعيدا عن التنديد والاستنكار، خاصة أن عددا من الأعضاء في المنظمة يدعمون أعمال الميليشيات ضد السعودية، ومنها «قطر، وإيران» وبعض الدول تتغاضى عن هذه الأعمال.
وشدد الرقاع على أن الاعتماد في هذه المرحلة على التحالف العسكري الإسلامي الذي أنشأته السعودية ودعا إليه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع السعودي، وإنشاء مقر قيادة له في الرياض، وهذا التحالف لو احتاجت إليه السعودية سيكون موجودا وله تأثير مباشر على سير المعركة، إلا أن السعودية ليست بحاجة لأي دعم عسكري لأنها قادرة على إيقاف أي تهديد.
ولفت الرقاع إلى أن الصاروخ الذي أطلقته الميليشيات أول من أمس، هو من نوع اسكود طورته «إيران» ورفعت مداه من 300 إلى 700 كيلو وغير فعال، إذ لا يتجاوز الرأس التدميري له 250 كيلو غراما، وإصابته غير دقيقة وإن أصاب الهدف فلن يكون هناك أثر تدميري للصاروخ.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».